أنت الآن تجلس على مكتبك، يمر عليك مديرك في العمل ويطلب منك القيام ببعض المهام وحينما تراجع تعليماته تكتشف أنّها لا تصلح لتطوير أي شيء على الإطلاق.
تحاول التحدث مع مديرك فيعارضك ويصرخ بأنّه صاحب الرأي الأول والأخير والقرار يعود له ويجبرك على القيام بهذه المهام المضيعة للوقت فتضطر للالتزام والخضوع وإهدار طاقتك فيما لا ينفع.
بعد العمل تتحدث مع أصدقائك ورفاقك وعائلتك حول ذلك المدير الجاهل بأبسط قواعد العمل وأنك تجاريه فقط حتى لا تخسر وظيفتك ولكن كل تعليماته لا تساوي شيء بالنسبة لك.
المدير نعرفه اسمه إيرنستو فالفيردي، والموظف هو كل لاعب في صفوف برشلونة!
من لشبونة لروما
GETTY IMAGESظهر الأمر لأول مرة بصورة بسيطة للغاية، لويس سواريز يتجه للعب رمية تماس أمام أعين المدرب إيرنستو فالفيردي في مباراة سبورتنج لشبونة بالبرتغال خلال بطولة دوري أبطال أوروبا.
يلمح سواريز لوحة التغيير ليجد نفسه خارج المباراة فيترك الكرة ويخرج غاضبًا ويوجه بعض العبارات لفالفيردي والتي أظهرت بعد ذلك أن الأوجوائي قال إن كان التبديل لإضاعة الوقت فعلى الأقل انتظر حتى أكون بعيدًا عن منطقة التماس.
الخلاف مر سريعًا وكأن شيئًا لم يكن، حتى جاءت مباراة روما الشهيرة وخروج برشلونة المدوي من دوري أبطال أوروبا بهزيمة بثلاثية نظيفة.
أثناء المباراة وبعد ضغط قوي من هجوم روما في ظل تراجع دفاعات برشلونة، توجه جيرارد بيكيه إلى فالفيردي بعد أن أصبحت النتيجة 2-0 ليطلب منه تغيير هجومي وإشراك عثمان ديمبلي كجناح سريع قادر على تحجيم تقدم مدافعي الجيلاروسي واستغلال المساحات خلفهم للضرب بالمرتدات.
الفكرة ليست عبقرية ولكنّها منطقية للغاية وخاصة بعد أن صار كولاروف أقرب للجناح منه للظهير، ولكن إيرنستو لم يستجب وقرر إشراك أندريه جوميز بديلا لإنييستا والباقي نعرفه جميعًا.
تبعات الكارثة

قبل انطلاق الموسم الجاري تحدث سواريز في تصريحات مع كادينا سير وتطرق للحديث عن فضيحة روما.
سواريز ألمح إلى أنّ عدد من اللاعبين كان يعاني على الصعيد البدني وذلك بسبب قلة المداورة، وتسائل وهو يعلم أن لا أحد يمتلك الإجابة سوى فالفيردي: "لماذا لم يرتاح أبرز اللاعبين في مباراة ليجانيس وقد فزنا بها بثلاثية في دوري شبه محسوم؟".
سواريز لم يكن سعيدًا بطريقة التعامل مع اللاعبين وإهدار الطاقات في مباريات حُسمت مبكرًا لضمان الفوز بالدوري رغم غياب المنافسة في الموسم الماضي. لماذا يقدم برشلونة دائمًا مستويات سيئة خارج ملعبه في دوري أبطال أوروبا؟
المهاجم الأوحد في صفوف برشلونة طلب أن يحصل على الراحة في عدد من المباريات حتى يكون في أتم جاهزية خلال شهري أبريل ومايو وقت حسم الألقاب.
يبدو أنّ فالفيردي هو الوحيد الذي لك يرى ذلك ولا يعرف أن سواريز تجاوز حاجز الثلاثين.
حتى لينجليت
Getty Imagesفي حوار أجراه سيرجيو بوسكيتس مع صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية تحدث قائد برشلونة الثاني حول خطة 4-3-3 وكيف أنّها غير فعالة على الإطلاق في ظل الأسماء الحالية لأنّها لا تؤمن ارتدادًا دفاعيًا مناسبًا.
بوسكى رأى أنّ هذه الخطة تترك المساحات شاسعة خلف خط الوسط ويجعل أكثر من لاعب في موقف 1 ضد 1 مع جيرارد بيكيه وكليمنت لينجليت.
لينجليت سبق واشتكى الأمر ذاته في تصريحات عقب مباراة أيندهوفن في دوري أبطال أوروبا موضحًا أنّ هناك خلل واضح في خط الوسط يترك حملًا كبيرًا على قلبي الدفاع في التعامل مع المرتدات.
الموسم الجاري برشلونة استقبل 19 هدفًا في الدوري الإسباني بعد 14 جولة فقط وهو أسوأ سجل للفريق الكتالوني منذ نحو 40 عامًا وذلك لأن الأخطاء تتكرر في كل مباراة تقريبًا دون أي تغيير.
لينجليت فقهها وعرف أنّ الخطأ الأكبر في ثلاثي الوسط، لأن برشلونة حينما اعتمد على 4 أمام ريال مدريد وإنتر لم يتلقى هذا الكم الهائل من الهجمات.
الخلاصة أنّ عيوب برشلونة لا تحتاج لعين خبير للوصول إليها، فحتى صاحب الـ 23 عامًا والوافد الجديد فندها ووضحها، ولكن إيرنستو هو الوحيد الذي لا يرى ذلك، وتصريحاته تأتي مع مقولة "لا أعرف" فهو لا يعرف هل كان هدف بيكيه في أيندهوفن لعبة تدربوا عليها أم مصادفة، وهذا وكأن فالفيردي لا يحضر التدريبات!
الآن سيجلس كل لاعب على مقعده يستمع للتعليمات ويضطر للالتزام بها وهو يدري في قرارة ذاته أن المدير لا يفقه كثير مما يقول وأن المردود النهائي لن يكون دوري أبطال أوروبا!


