لا، أنت لم تعد إلى تسعينيات القرن الماضي، نحن بعد في 2022 اطمئن، ولكن ما يحدث في إيطاليا في وقتنا الراهن يعيد للأذهان تلك الفترات الذهبية لكرتها ودوريها.
موسم مميز يشهده السيري آ في ظل لعبة الكراسي الموسيقية المستمرة في القمة بين الثلاثي إنتر، ميلان، ونابولي، في مرحلة ما كان الأخير يمكنه الابتعاد بفارق 7 نقاط في القمة أثناء مباراته مع النيراتزوري، لينقلب الحال وينفرد الأخير بالصدارة ويبتعد، ولكن هاهو يفقدها لصالح جاره وغريمه الروسونيري في الأيام الماضية.
التنافسية الكبيرة في إيطاليا هذا الموسم غائبة منذ مدة، أولاً في ظل هيمنة وسطوة يوفنتوس، ثم العام الماضي كسر إنتر تلك السطوة ولكن انفرد بالقمة دون منازع، ولكن الحال اختلف هذا الموسم في ظل الصراع الثلاثي بين قطبي ميلانو وممثل الجنوب.
يوفنتوس السبب؟
البعض قد يشير إلى تراجع يوفنتوس كسبب رئيسي وراء خلو الساحة للبقية بعد هيمنته لسنوات، ولعام ثاني على التوالي تعاني السيدة العجوز مع مشاكلها الشخصية، وإن كان الفريق البعض يضعه بعد في السباق في ظل ابتعاده عن القمة بتسع نقاط، وبمبدأ أن في إيطاليا مهما كان الوضع لا يمكن استبعاد يوفنتوس من الحسابات.
ولكن تراجع يوفنتوس ليس السبب الوحيد، ارتفاع مستوى البقية هو السبب الرئيسي في التنافسية هذا الموسم. مشروع إنتر مستمر رغم الرحيل الجماعي الصيف الماضي، وسيموني إنزاجي يقدم عملاً جباراً، كذلك في ميلان ستيفانو بيولي يواصل البناء، والفريق يظهر نضوجاً كبيراً الموسم الحالي، بينما في نابولي عرف لوشيانو سباليتي كيف يعيد فريقه للواجهة، وساعده التشكيل المميز المتاح من اللاعبين.
أفضل من الليجا والبريميرلييج؟
Gettyهذا السؤال الذي بالتأكيد يتبادر لذهنك، هل تلك السطور الماضية تشير لتفوق السيري آ على ما يحدث في إنجلترا وإسبانيا وبقية الدوريات الكبرى؟
لا مجال لمقارنة الكرة في إنجلترا وإيطاليا، ومباريات ليفربول مع قطبي ميلانو أكبر إجابة على فارق المستويات المهول، وحتى مع الكرة الإسبانية، ولكن بدرجة أقل في ظل تراجع مستوى برشلونة وأتلتيكو مدريد، ورحيل النجوم الكبار وعلى رأسهم ليونيل ميسي، ما انعكس على المستوى الفني لليجا.
ولكن المقصود من أفضلية إيطاليا هو المنافسة الحية الحاضرة بعد في دوريها على البقية، ففي إنجلترا يحلق مانشستر سيتي بفارق تسع نقاط عن أقرب ملاحقيه والاستسلام تسرب لملاحقيه، بينما في فرنسا وألمانيا يتفنن الثنائي باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ بإضاعة النقاط، ورغم ذلك يبقى الفارق 13 نقطة و6 على التوالي عن أقرب الملاحقين مارسيليا وبوروسيا دورتموند.
وماذا عن الليجا؟ نعم الفارق أصبح أربع نقاط فقط بين ريال مدريد وإشبيلية بعد عثرات الملكي المتكررة مؤخراً، ولكن الفريق الأندلسي لا يعتبر في نظر الكثيرين بمنافس جدي، وتجاربه السابقة أثبتت قصر نفسه، وفي ظل ابتعاد أتلتيكو وبرشلونة، يبدو أن ريال ينافس نفسه، وهو الوحيد الذي قد يخسر هذا اللقب.
دعوة للاستمتاع
الدوري الإيطالي بالتأكيد يفتقد لنجوم الماضي والإمكانيات الهائلة الحاضرة في إنجلترا مثلاً، أو مع كبار إسبانيا وبي إس جي وبايرن، ولكن يبقى خاصاً بالأجواء والجماهير، وهذا الموسم بالصراع الكبير في القمة.
قد تكون الفجوة كبيرة بين الكرة الإيطالية والبقية على الصعيد القاري في الوقت الراهن، ولكن تلك الفجوة تقلصت كثيراً محلياً بين أطراف الصراع بالقمة، وهو ما يفرز دوري ممتع للمشاهد، سواء كنت مناصراً لأحد المتنافسين، أو مشاهداً محايداً.