Mourad Meghni AlgeriaGettyimages

مراد مغني: من لقب "زيدان الصغير" للكرة الخماسية!

إن تاريخ كرة القدم مليء بالمواهب العظيمة التي بدا وهي على مستوى الشباب أنها في طريقها للوصول لقمة كرة القدم، لكن ثقل التوقعات والمقارنات أنهى مسيرة الكثير من المواهب، ومن بينهم بطل قصتنا النجم الجزائري مراد مغني.

في يوم من الأيام قيل أن كرة القدم الفرنسية أنجبت "زيدان الجديد"، كان هذا هو اللقب الذي أطلق على مغني وهو يقود منتخب فرنسا للشباب للفوز بكأس العالم 2001.

في تلك الفترة، ساد انطباع حول مغني بأنه لاعب لا تعرف إمكاناته حدودًا، مع انضمامه للدوري الإيطالي (أفضل دوري في العالم في ذلك الوقت) وهو بسن 16 عامًا، حيث راهن عليه رئيس بولونيا جازوني فرسكارا في عام 2000.

إن الحجة القائلة بأن مغني لم يتكيف مع الحياة في إيطاليا تبدو غير منطقية إلى حد بعيد، خصوصًا أن عددًا كبيرًا من اللاعبين الناطقين بالفرنسية الذين يعانون من اختلاف اللغة المحلية قد نجحوا في تقديم مستويات جيدة وبالطبع زيدان منهم وتريزيجيه وتورام.

ومغني نفسه يقول إنه لم يكن مخطئًا عندما سافر للعب في إيطاليا وهو صغير، حيث كان بولونيا النادي الأفضل له.

في موسم 2002/2003 تم تصعيد اللاعب لفريق بولونيا الأول وهو أول موسم له مع الفريق الأول، وخاض فيه 8 مباريات محرزًا هدفين منهم هدف في شباك ميلان في 2003.

اعتبر الموسم الأول واعد للاعب الشاب، وفي موسمه الثاني زاد عدد مشاركته إلى 12 مباراة لكن دون أن يضع أي بصمة هجومية سواء بالتسجيل أو الصناعة، فيما تحسن في الثالث بثلاثة أهداف في 17 مباراة على الرغم من هبوط الفريق لدوري الدرجة الثانية.

في 2005/2006 عاد إلى فرنسا حيث لعب على سبيل الإعارة مع سوشو، دون أن يترك بصمته (16 مباراة بدون أهداف)، وعقب عودته لبولونيا في السيري بي كان ركيزة أساسية وخاض 35 مباراة وسجل هدفين.

لاتسيو الخطوة الأكبر بداية ونهاية

MOURAD MEGHNIGetty Images

جذب أداء مغني في موسمه الأخير في بولونيا أنظار رئيس لاتسيو لوتيتو، الذي دفع 3 ملايين يورو لجلب الموهبة الصغيرة للعاصمة في عام 2007.

توقع الجميع انفجار موهبة اللاعب في نادي أكبر وأجواء مختلفة، لكن باستثناء بعض الومضات من التألق، منها مباراة أمام ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، لم تُكلل مسيرته في لاتسيو بالنجاح لأسباب سردها اللاعب لاحقًا حيث قال أنه كان عليه أن يعمل بجد أكثر.

الثقة المفرطة في النفس والتراخي في التدريب جعل مسيرة مغني في لاتسيو غير مقنعة، فخاض 60 مباراة مع السكاي بلوز مكتفيًا بهدفين فقط  (واحد في كأس إيطاليا، واحد في الدوري الأوروبي)، وكان بديلاً غير مشارك في بطولتي الكأس والسوبر اللتين حققهما لاتسيو.

بعد أن مر موسم 2010/2011 دون أن يخض أي مباراة مع لاتسيو تم إنهاء العقد في يونيو، وانتهت مسيرته في إيطاليا كلها، وقد برر فشلها بالقول "كان بإمكاني أن أصنع مسيرة أفضل في إيطاليا، لو كان لدي ندم فهو عدم امتلاكي وكيل أعمال إيطالي".

بعد مغادرته الدوري الإيطالي، لعب مغني في قطر مع 3 فرق مختلفة من 2011 إلى 2013 (أم صلال، الخور ولخويا). بدا أن الانهيار لا يمكن إيقافه، وأن اللاعب الذي تم نعته في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كخليفة للأسطورة زيدان وصل إلى طريق مسدود في مسيرته الكروية.

انتهت التجربة في قطر قبل بلوغ التاسعة والعشرين، ظل الجزائري بدون أي نادي لمدة عام ونصف تقريبًا.، وفي يناير 2015 ، اتخذ خيارًا غريبًا باللعب مع فريق تشامبس فوتسال وهو نادي يلعب كرة الصالات في مدينة طفولته شامبيني سور مارن.

قبل انطلاق موسم 2015/2016 عاد مغني للمسار الصحيح عندما رحل لموطنه الأصلي الجزائر ولعب لنادي شباب قسطنطينة حيث خاض معه موسمين وسجل عدة أهداف قبل أن يعتزل في عام 2017 بسن 33 عامًا.

عاد مغني من الاعتزال ليلعب بين الهواة الفرنسيين (المستوى الثامن من كرة القدم الفرنسية) مع فال دو فرانس.

ويقول مغني "كنت أفتقد كرة القدم الطبيعية، لدي أصدقاء هنا في فال دو فرانس، حيث يلعب ابني تحت سن الـ11. لعبت فقط من أجل المتعة".

الجزائر البسمة الوحيدة

ONLY GERMANY Mourad Meghni 2004Imago

بحكم قواعد الفيفا الوطنية الجديدة، اختار مغني تمثيل الجزائر بدلاً من فرنسا، كما فعل على مستوى الشباب، ربما آراد من هذه الخطوة نسيان ثقل المقارنة مع زيدان.

مع مغني كان مغني مساهمًا في التأهل التاريخي لكأس العالم 2010 على حساب مصر، وقد أظهر مع الجزائر شيئًا من موهبته "المدفونة" ولكن الإصابة التي تعرض لها في شتاء 2010 خلال كأس أمم إفريقيا في أنغولا، كتبت شهادة انتهاء اللاعب النجم، ولم يكن حينها قد جاوز الخامسة والعشرين ربيعا.

الأحلام الكثيرة تبخرت بعد تلك الإصابة التي تعرض لها ولم تنفع الوقفة المعنوية غير المسبوقة التي اتحد عليها الجزائريون مع اللاعب لينتهي نجم من طينة كبار المعمورة، قبل الأوان، ولكنه بالتأكيد من نوعية اللاعبين الذين سيبقون في الذاكرة.

يمكنك النظر إلى مغني باعتباره نجما موهوبا حقق قصة صعود وهو شاب أقرب إلى الأساطير، أو كصاحب موهبة مهدرة سمح لنفسه بسقوط مدو في لحظة كان على وشك أن يصل إلى القمة.

 في الواقع، هذان مجرد سبيلين يمكن من خلالهما تفسير مسيرة معني الكروية التي تبدو الآن قد بلغت محطة النهاية، أخيرًا.

لكن وإن كان الساحر الجزائري لم يترك الإرث الكروي المتوقع، لكنه ترك أثرًا أخلاقيًا طيبًا بشهادة الآخرين، فحتى في أكثر فترات التوتر بين الجزائر مصر في أمم أفريقيا 2010، أشاد مدافع المنتخب المصري وائل جمعة بسلوكيات مغني الكبيرة.

إعلان