Cristiano Ronaldo Real Madrid 13082017Getty Images

ما بعد المباراة | فالفيردي لا يملك سوى جزءً من الحل، وهكذا دارت عجلة الزمن لصالح الريال


تحليل | طه عماني | فيس بوك | تويتر


وضع ريال مدريد قنبلة موقوتة في الكامب نو وتفوق على مُضيفه برشلونة بثلاثة أهداف لهدف في اللقاء الذي لُعب لحساب ذهاب كأس السوبر الإسباني الذي سيُخاض إيابه منتصف الأسبوع المقبل على أرضية ملعب سانتياجو بيرنابيو. نتيجة اليوم تُمكن الفريق الملكي من رفع حظوظه بشكل كبير جدًا للتتويج باللقب، خاصة وأن الفريق الكتلوني مطالب بتسجيل 3 أهداف على الأقل في البيرنابيو من أجل قلب الطاولة

  برشلونة | فالفيردي لا يملك حل جميع المشاكل، والتجديد ضروري

◄من دون مقدمات كثيرة ولا لوم مبالغ فيه لأي طرف من أطراف برشلونة، ظهرت اليوم فوراق كبيرة بين الواقع الذي يعيشه برشلونة وذلك الذي يعيشه ريال مدريد. فالبارسا اليوم يلعب مباراته الرسمية الأولى تحت قيادة فالفيردي، فيما يدخل زيدان موسمه الثالث، البارسا مازال في أوج تخطيطه للموسم ويحتاج لتغييرات كثيرة في مجموعته قبل نهاية الميركاتو، فيما يعيش الريال استقرارًا كبيرًا ولم يقم سوى ببعض اللمسات الصغيرة على مجموعة الموسم الماضي بضم مجموعة من المواهب الواعدة جدًا عقب خروج أسماء ضاقت درعًا من الجلوس على مقاعد الاحتياط، ثم لا ننسى الفوارق النفسية الناتجة عمّا حصل نهاية الموسم الماضي من تأكيد الريال لزعامة أوروبا وفوزه بالليجا في ظل تراجع البارسا المستمر وفقدانه لثاني أفضل لاعب في فريقه نيمار جونيور.

◄تلك كانت مقارنة سريعة للظروف التي يمر بها الفريقين، لكن دعونا نمر للغرض من هذا الموضوع وهي الجوانب التكتيكية وكيف سقط البارسا اليوم أمام ريال مدريد رغم أن هذا الأخير لعب منقوصًا لـ10 دقائق، وهي الدقائق التي أضاف فيها الهدف الثالث عن طريق ماركو أسينسيو.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

◄بشكل عام، عانى برشلونة من مشاكل كثيرة اليوم خاصة في خط وسطه الذي عانى كثيرًا للخروج بالكرة تحت الضغط المميز الذي فرضه الريال في الشوط الأول، وعانى أكثر في قطع الهجمات المرتدة للخصم والتي عادة ما كانت تبدأ بقدم الساحر إيسكو الذي كان وحده قادرًا على إلغاء دور بوسكيتس وراكتيتش معًا دفاعيًا. البارسا كان سيئًا فرديًا أولًا، فلا أحد من عناصر الوسط كان جيدًا، اللهم إنييستا في بعض اللمحات الهجومية، رغم أنه كان في حالة بدنية سيئة، أما جماعيًا، فقد افتقد البارسا لنقطة ظهرت بوضوح في الريال وهي التلاحم ومساعدة لاعبي الخط الأمامي. صحيح أن ميسي كان يتراجع للخلف، لكن دوره الدفاعي كان شبه معدوم، ولا داعي للحديث عن سواريز وديولوفيو. خطوط الفريق تبدو متفككة.

◄هنا نضع يدنا على مشكلتين، حل إحداها بيد فالفيردي، وهي جعل الفريق يتحرك ككتلة واحدة سواءً أثناء الضغط أو أثناء التراجع الدفاعي، وحل المشكل الثاني بيد بارتوميو وإدارته الرياضية التي تحتاج للتحرك من أجل تدعيم صفوف الفريق أو تجديده كما قال بوسكيتس عقب اللقاء، وشخصيًا، لا أرى باولينيو الحل أبدًا. التعاقد مع كوتينيو سيرفع بلا شك من جودة الفريق في صناعة اللعب وسيضيف السرعة والمهارة له، لكن الفريق بات يحتاج أيضًا للاعب تكتيكي يتحكم في نسق المباريات ويكون العقل المدبر للفريق من محور الملعب، أي ببساطة لتشافي جديد.

◄المشكل الآخر يكمن في عدم إيجاد الفريق لحلول بديلة لنيمار، ففالفيردي اكتفى بوضع ديولوفيو مكانه وإناطة نفس الأدوار به، وهو ما تسبب في تراجع كبير من ناحية الجودة للفريق الكتلوني هجوميًا. لاعب إيفرتون وميلان السابق تطرف كثيرًا أقصى اليسار منتظرًا تمريرات في ظهر كاربخال، وهو ما جعله تقريبًا لا يشارك أبدًا في الحملات الهجومية لفريقه لأنه كان بعيدًا كل البعد عن مركز الحدث. نيمار كان يمنح البارسا حلولًا كثيرة في العمق ويتراجع للخلف من أجل استلام الكرة ومهارته الفردية دائمًا ما تخلق الفارق، وهي أمور لم نشاهدها من ديولوفيو اليوم أبدًا، وتسببت في عزلة كبيرة لسواريز وسط مدافعي الريال، وما زاد الطين بلة هو عدم توفيق ميسي. صحيح أن الأمر تغير في بعض الفترات مع دخول سواريز الذي ضم أكثر لمنقطة الجزاء، لكن المشكل كان واضحًا.

◄سوء حظ البارسا اليوم تمثل أيضًا في المستوى السيء لكل من أليش فيدال وجيرارد بيكيه الذي خانه التركيز بشكل واضح وكان العامل المشترك في أهداف الريال الثلاثة. تماسك الخطوط عادة ما يغطي على العيوب الفردية كما حصل في الريال مثلًا، فراموس لم يكن في أفضل حالاته، لكن لم يظهر سيئًا، لكن تفكك خطوط البارسا زاد الأمر استفحالًا وجعل الفرديات السيئة تزداد بروزًا.

◄النقطة الأخيرة التي أحب التطرق لها وهي دكة البدلاء الفقيرة جدًا التي يتوفر عليها فالفيردي. ففي الوقت الذي أشرك زيدان كلًا من رونالدو، أسينسيو ولوكاس فاسكيز ليطور من أداء فريقه الهجومي المتواضع في الشوط الأول، شاهدنا فالفيردي يدفع بسواريز، سيرجي روبيرتو وألكاثير الذين لم يكادوا يترك بصمة على المباراة، باستثناء تحركات الأول التي أفادت الفريق هجوميًا. عمق تشكيلة البارسا يحتاج عملًا كبيرًا جدًا من الإدارة الفنية والتقنية للنادي.

  ريال مدريد | خط الوسط هو كلمة السر، ودارت عجلة الزمن لصالح الريال
◄  نعرج الآن نحو ريال مدريد الذي عانى بدوره من بعض المشاكل التي سنتطرق لها، لكنه كان في حالة بدنية ونفسية أفضل بكثير من خصمه، كما أن زيدان سيّر اللقاء بحنكة وواقعية أكبر من خصمه، رغم العشوائية التي سادت اللقاء في الشوط الأول خاصة من تمريرات طولية بالجملة وبعض الشوائب في الثلث الأخير من الملعب من الطرفين.

◄عكس فالفيردي الذي واصل اللعب بخطة 4-3-3، دخل زيدان اليوم بخطة 4-4-2 الماسة التي تقدم ضمانات دفاعية كبيرة للفريق، وأعطت حرية لإيسكو استغلها أيما استغلال، لكنها تحتاج بالمقابل لعمل كبير من المهاجمين في الخط الأمامي اللذين يكونان مطالبين في آن واحد من التحرك على الأطراف ثم خلق العمق الهجومي في المرتدات، وهو ما لم يفلح فيه بنزيمة وبيل كثيرًا نظرًا للبطء في الفعل وردة الفعل الذي اتسما به، رغم أنهما توصلا بكرات مميزة من طرف لاعبي خط الوسط، لكنهما خسرا معركتهما مع مدافعي البارسا وخاصة أومتيتي الذي قدم لقاءً جيدًا جدًا.

◄من بين النقاط الحاسمة في مباراة اليوم نجد التفوق الواضح لخط وسط الريال سواءً في بناء الهجمة أو في استرجاع الكرة! تخيلوا أن خط وسط الريال تسبب في فقدان للبارسا لـ17 كرة بالتمام والكمال، فيما لم يفقد الريال طيلة اللقاء أكثر من 9 كرات ما يدل على الدور المهم الذي لعبه فوز الميرنجي بأم المعارك. كاسميرو، كوفاسيتش وكروس قاموا بأدوار دفاعية ضخمة أخفت ميسي وإنييستا وعزلت سواريز وديولوفيو عن البقية، كما أنهم استفادوا من المساندة المميزة للاعبي الخط الأمامي. أما إيسكو، فقد كان كلمة السر لإيصال الكرة بشكل صحيح للخط الأمامي والخروج بها تحت الضغط.

◄وبالحديث عن الضغط المتقدم، فإن الريال فرضًا ضغطًا مميزًا في الشوط الأول صعّب كثيرًا من مهمة البارسا في الخروج من مناطقه، وأجبره على اللجوء إلى التمريرات الطويلة التي جعلت سواريز أكثر عزلة وبعيدًا بمسافات أكبر عن ميسي. الريال لم يكن يخشى تلك النوعية من التمريرات لأنه متفوق في الكرات الهوائية ولم يجد مشاكل كبيرة في محاصرة سواريز وحيدًا.

◄أما من ناحية المرتدات، فالريال عانى أولًا من غياب الجهة اليمنى في الشوط الأول، وكذلك من سوء بيل وبنزيمة، لكن تغييرات زيدان وتحسن مستوى كاربخال الهجومي في الشوط الثاني غير وجه الريال هجوميًا. ريال مدريد كان مميزًا جدًا في الخروج من المساحات الضيقة في خط الوسط عبر إيسكو وأسينسيو ليوصلها إلى المساحات الشاسعة المتواجدة في أروقة البارسا، ومن هناك أتى هدفا رونالدو وأسينسيو.

◄أثر خروج كوفاسيتش شيئًا ما على ريال مدريد، ما جعل البارسا في فترة ما يقترب كثيرًا من مناطق الريال ويخلق مجموعة من الفرص على مرمى نافاس، وهي نفس الفترة التي تحصل فيها الفريق على ركلة جزاء. اللاعب الكرواتي قدم مباراة كبيرة جدًا وكان أكبر سند لخط الدفاع، وكان يتراجع كثيرًا لمنطقة الجزاء.

◄أخيرًا، أعتقد أننا اليوم كنا أمام واقع لا يُمكن التغاضي عنه: ريال مدريد يملك جودة أكبر من البارسا، والأمر لم يحدث منذ سنوات كثيرة. البارسا الحالي، وإن انتُزع منه ميسي، فلن يكون قادرًا على منافسة الريال على شيء أبدًا

البارسا يحتاج لتدعيمات كبيرة، ولا أعتقد أن باولينيو هو الحل. بوسكيتس اعترف بالأمر بعد اللقاء قائلًا: لقد تفوقوا علينا في أمور كثيرة ومرتداتهم كانت رائعة. يجب أن نجدد صفوفنا مهما كلف الأمر.

 
إعلان