CAN 2022 - Egypte-Maroc Salah-TrezeguetGetty Images

لماذا لا يحب المصريون "الأفضل في العالم" محمد صلاح؟

الخامسة مساء، مقهى صغير بالإسكندرية، ولكن رغم ضآلة المساحة يتجمع العشرات، منهم الهارب من عمله لحجز مقعد، وآخر من على الباب يلمح فقط طرف الشاشة التي تذيع قمة مصر مع المغرب بأمم إفريقيا.

مشهد مشابه ولكن في ظروف مختلفة كان يوم مباراة كوت ديفوار أيضاً، تحدى المصريون العاصفة "هبة" وسوء الطقس، واكتظت المقاهي بالرواد لمساندة الفراعنة، ولكن ما لفت النظر في المناسبتين ليس قوة الإرادة وتحدي الصعاب لمشاهدة المباراة، ولكن ظهور وبقوة، فئة من المشجعين التي تواجه مشكلة مع النجم محمد صلاح.

في المباراتين كان صلاح هو الحاسم، بالأولى سجل ركلة الترجيح الأخيرة التي ضمنت فوز الفراعنة، وفي الثانية سجل وصنع هدفي الانتصار على أسود الأطلس، ولكن كل ذلك لم يشفع لمجموعة ليست قليلة بأن تبدي عدم رضاها، واختلافها مع ملك ليفربول المصري.

قد يكون مفهوماً أن تكون مصرياً ولكن عانيت من لدغات صلاح إذا كنت مشجعاً لآرسنال، تشيلسي، إنتر، أو العديد من كبار أوروبا الذين جلدهم المصري بأهدافه مع ليفربول، ولكن الاختلاف معه بقميص مصر؟!

"يا عم خلصنا، أنت فاكر نفسك في ليفربول"، "والله ما يستاهل الشارة دي، عمرو السولية برقبته"، "معندوش غير اللعبة دي، حافظ مش فاهم"، "بطل أنانية وألعب مع بقية اللعيبة، مش عشان بتلعب في ليفربول يعني".

تلك عينة عشوائية من الحاضرين لمشاهدة المباراة، وإن كان كل هؤلاء تناسوا ما اعتبروها سلبيات لصلاح عند تسجيله الهدف الأول ضد المغرب، ومن انتقده للاحتفاظ بالكرة الزائد والأنانية احتفل كالمجنون لحظة صناعته للهدف الثاني!

تهدىء الأعصاب ويمكن التحدث بعقلانية مع هؤلاء، أطرح السؤال، لماذا لا تحب صلاح، أو بمعنى أصح، لماذا لا تشجع صلاح مع مصر رغم أنك شجعت فيورنتينا، روما، تشيلسي، وليفربول من أجله؟ جواب أول تلقائي من شخص عابر "لأنه لم يلعب للأهلي" كان البداية لمجموعة من الأسباب المتنوعة.

عمر برر غضبه وعدم رضاه عن نجم ليفربول لأنه لا يؤدي مع منتخب بلاده بنفس الحماسة التي يظهرها مع ناديه: "أنظر كيف يسحب قدمه، لا يحاول الالتحام وخايف من الإصابة، حكيمي نفس الموقف، نجوم كلهم بيلعبوا مع المنتخب تقضية واجب".

ولكن صلاح الذي ساهم في 62% من أهداف مصر في أمم إفريقيا منذ ظهوره الأول بها مع بلاده في 2017 يحق له فعل ذلك من وجهة نظر "عمدة": "نجم كبير وأحسن لاعب في العالم ويملك عقوداً ضخمة في أوروبا والعالم، حقه يخاف على نفسه في بطولة بتتلعب في ملاعب سيئة".

مشجعة أخرى غاضبة من الحكم وعنف المغاربة علقت: "صلاح؟ والله كتر خيره أنه بيلعب مع اللعيبة دي، لكن مفروض يحاول أكتر"، ثم احتفلت بالقبلات للشاشة لحظة تسجيله الهدف، وغادرت مسرعة للحاق بعملها الذي تأخرت عليها لقرابة الساعة بالفعل!

كمال من دمنهور حالة خاصة، مشجع لليفربول ولكن لا يملك نفس الشغف مثل جماهير "أنفيلد" لملكها وناقش معي أسبابه: "يرفع سقف التوقعات لدرجة أن الإنجازات البسيطة أصبحت بلا قيمة، أصبح إنجاز أن لاعب مصري يقود هجوم جلطة سراي بلا قيمة ولا يتحصل على الاهتمام الذي يستحقه".

ويضيف كمال عن مسألة ليفربول بالتحديد: "الجميع أصبح يشجع ليفربول، الأضواء كلها على صلاح وليس ليفربول، برأيي لم يقدم شيئاً استثنائياً، لاعب جيد بالتأكيد، ولكن هناك مبالغة".

بينما كريم كان له رأياً مختلفاً وأكثر عقلانية شاركه معي: "صلاح لاعب كرة في النهاية، أملك حرية أن أحبه أو لا دون أن يفرض الأمر علي من الإعلام، لست مجبراً أن أحب كريستيانو رونالدو، الأمر أصبح إلزامياً أن تحب صلاح في مصر".

وأتبع: "هناك مبالغة في أي إنجاز لصلاح، داخل أو خارج الملعب، ولا أحب الأنانية في طريقة لعبه، أعتقد أن في السنغال ينظرون له كما ننظر لماني في مصر، برأيي هو ليس لاعب من الفئة الأولى من النجوم، لاعب كبير ولكن ليس ضمن تلك الفئة".

معلق مباراة مصر والمغرب خليل البلوشي وصف تلك الحالة الغريبة والاستثنائية بأفضل شكل أثناء مجريات المباراة حينما قال: "مصر بها 100 مليون مشاهد، 100 مليون محلل، 100 مليون حكم"، وضمن هؤلاء هناك من يملك رأياً عكس التيار، ولكن لحظة تسجيل صلاح يُنسى كل ذلك!

إعلان