Santos Deschamps ScaloniGetty

لماذا تختار المنتخبات أسوأ المدربين على الإطلاق؟

لماذا لا يترك بيب جوارديولا تدريب مانشستر سيتي ويتوجه لقيادة إسبانيا مثلا؟ لماذا نرى جوزيه مورينيو يفضل العمل في توتنهام وروما على تولي مسؤولية البرتغال؟ ما السبب في اختيار ليونيل سكالوني لقيادة الأرجنتين وتيتي للبرازيل؟

عادة ما نشاهد مدربون أقل من المتوسط وبدون نجاحات حقيقية يقدون المنتخبات الوطنية، هناك مثلا ديدييه ديشان مع فرنسا أو فيرناندو سانتوس في البرتغال وغيرهم من المدربين أصحاب المؤهلات المتوسطة؟

ما الفارق بين مدرب الأندية ومدرب المنتخبات؟ وكيف أصبحت البطولات الدولية مع الوقت أقل أهمية فنيًا عن بطولات الأندية، لدرجة أنّ الجمهور ينتظر دوري أبطال أوروبا باهتمام أكبر من انتظار كأس العالم!

كيف تغيرت شكل كرة المنتخبات؟

حينما تأهلت مصر إلى كأس العالم في نسخة 1990 طلب المدرب وقتها محمود الجوهري إلغاء بطولة الدوري وعمل معسكر مطول لعناصر المنتخب وخاض العديد من المباريات الودية مع تدريبات للبطولة وكل ذلك بهدف أمر واحد الاستعداد للمونديال.

شهور من التحضير لأجل البطولة دفعت الجوهري لبناء النظام الذي يرغب فيه، وتعليم اللاعبين الأساليب التي يود تطبيقها في البطولة، وبالطبع سنحت لهم الفرصة لإظهار ذلك في المونديال بغض النظر عن الخروج من دور المجموعات.

ولو قارنا الوضع بتصريح مدرب بولندا باولو سوزا بعد أول مباراة لبلاده ضد سلوفاكيا في يورو 2020 والتي خسرها 2-1 وشهدت تقديم روبيرت ليفاندوفسكي لمستوى أقل بكثير من المعتاد سنميز الفارق.

سوزا قال إن ليفا انضم إلى معسكر بولندا متأخرًا بعض الشيء وبالتالي لم يندمج في المجموعة ولم يفهم الحيل الفنية التي تم التدريب عليها، فليس من الطبيعي تعليم كل الأفكار الفنية في أسبوع واحد.

وهذا ما ينقلنا لمربط الفرس، مدربو المنتخبات لا يمتلكون رفاهية المعسكر الطويل بسبب ضغط مباريات الأندية وتعدد البطولات وقلة فترات الراحة التي يحصل عليها اللاعبون، وبالتالي فترة العمل في التدريبات تكون قليلة للغاية.

ومع زيادة المباريات والبطولات أصبح عسيرًا على أي مدرب لمنتخب قومي أن يجد الوقت الكافي    لتطبيق أفكاره وتنفيذها بالشكل الذي يرضى عنه.

ولهذا لن يقبل مدرب مثل جوارديولا مهتم بالتفاصيل أن يتولى قيادة المنتخب ليحاول بناء منظومة في وقت قصير للغاية.

هل ميسي أفضل لاعب في يورو 2020؟

النجوم أهم من الفنيات

بعد موسم طويل تخللته عدة مباريات قليلة للغاية دوليًا، يجد مدرب المنتخب بقائمة من لاعبين قادمين من دوريات مختلفة ويدربهم أشخاص مختلفون بأفكار متنوعة وبالتالي يصبح عسيرًا عليه وضع خطة تناسب الجميع.

الأهم أن عدد كبير من اللاعبين اعتاد تغيير مركزه، فالمهاجم قد يتحول لجناح والعكس صحيح، والظهير قد يصبح قلب دفاع والعكس صحيح، ولاعب الوسط الدفاعي قد يتحرر هجوميًا والعكس صحيح.

وبالتالي يجد مدرب المنتخب نفسه في حيرة، إما يشرك اللاعب في مركزه القديم ويستمر على نفس خطته السابقة أو يضطر للتأقلم وتجربة أمر قد يفشل.

مثلا في فرنسا شاهدنا لوكاس هيرنانديز لا يزال يلعب في مركز الظهير رغم أنّه أصبح قلب دفاع مع بايرن ميونخ، وهذه التغييرات تجعل المدرب في حيرة.

ولذلك لا يشغل تفكير أي اتحاد سوى جلب مدرب قادر على التعامل مع العناصر المتاحة وتوزيعهم بما يناسب قدراتهم الفردية وترك مساحة كبيرة من الحرية يقدمونها في الملعب دون أفكار فنية كبيرة، والهدف أنّ لاعب يشارك في نحو 50 مباراة مع فريقه لن يتغير لأجل حفنة من المباريات مع منتخب بلاده.

ميسي على رأسهم .. نجوم مُتاحون مجاناً في ميركاتو الصيف

المدرب الوطني

أحد أسوأ عيوب المنتخبات هو التركيز بشكل كبير على التعاقد مع مدرب وطني حتى لو لم يكن فنيًا على أعلى مستوى، وربما يكون السبب هو أنّ النزعة الوطنية قد تلعب دورًا في قتال اللاعبين داخل الميدان.

الإصرار على المدرب الوطني أضر بمنتخبات أمريكا الجنوبية على سبيل المثال، فنحن نرى التطور الواضح في الفكر الأوروبي والذي لا يجد لنفسه مكانًا في البرازيل أو الأرجنتين تحديدًا.

المدرب الوطني تسبب في فشل هولندا في يورو 2020، فبعد رحيل كومان تم اختيار دي بور لكونه هولنديًا وحتى في أغلب المنتخبات من الصعب أن تجد جنسية أخرى تتولى تدريب المنتخب.

تقليل دائرة البحث لتشمل المدرب الوطني أولًا ثم ثانيًا ثم ثالثًا تجعل العديد من المنتخبات تتجاهل التعاقد مع مدربين أكفاء لحساب جلب ابن البلد!

لا مجال للخطأ

على عكس الأندية فالموسم طويل، هناك بطولة دوري تستمر 38 أسبوعًا في أغلب الدوريات وأحيانًا 34 أسبوعًا فقط، وهناك هامش كبير للخطأ، فما المانع من التجربة والفشل والتجربة والفشل والتجربة حتى الوصول إلى النجاح، وربما فقدان النقاط في البداية لا يؤثر كثيرًا على النتيجة النهائية.

أما في بطولات المنتخبات، فنحن نتحدث عن فترة زمنية تصل إلى شهر فقط و7 مباريات فقط كافية لحصد اللقب وبالتالي لا مجال للتجربة والخطأ.

وهذا ما يدفع أغلب المدربين إلى التحفظ الدفاعي، فأولًا هم فنيًا ليسوا الأفضل كما ذكرنا من قبل، وثانيا الدفاع وغلق المساحات على المنافس مع الاعتماد على مرتدات تتيح مساحة أكبر لفريقي أسهل بكثير من المغامرة بالسيطرة والاستحواذ.

هذه الطريقة قد تنجح في خطف هدف ثم قتل الرتم والخروج بهذه النتيجة وبالتالي تضمن في النهاية خطف اللقب حتى لو بأداء ضعيف وباهت، لا يهم لأن الفشل معناه الإقالة.

لكل قاعدة استثناء

Roberto Mancini & Luis EnriqueGetty

بالطبع لا ينطبق الأمر على كل المدربين، فشاهدنا في يورو 2020 إبداعات لويس إنريكي الفنية وأفكاره المميزة، وكذلك جيل عظيم أسسه روبيرتو مانشيني في إيطاليا ولذلك كانت مباراة نصف النهائي بينهما غنية للغاية.

ولكن هذا الأمر غير مضمون تكراره، وخاصة أنّ إنريكي ومانشيني أثبتا قدراتهما مع الفرق من قبل وحققوا نجاحات واضحة سواء مع برشلونة أو مانشستر سيتي، وبالتالي فلديهما خبرة النجاح واضحة.

أما أغلب المدربين، فحتى لو سبق لهم تدريب الفرق، فلا يمتلكون رصيد النجاح ذاته للفوز ببطولة كبرى مثل اليورو أو كوبا أمريكا أو كأس العالم، ولا يهم ذلك طالما العلاقة جيدة بين المدرب واللاعبين والنتائج في صالحهم.

مع الوقت تصبح كرة المنتخبات أقل فنيًا وبالتالي أقل متابعة وتستمر كرة الفرق في التقدم والتطور والتحسن وزيادة الجودة!

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0