مطلع العام الجاري كانت الحكاية مشتعلة بين برشلونة وليفربول. نجم متمرد لا يرغب في ارتداء قميص الريدز مرة أخرى ويفكر في حلم عمره البلوجرانا، وإدارة تعاملت مع الأمر بمنطق العناد لتوافق على دفع 160 مليون يورو لجلب لاعب واحد فقط اسمه فيليبي كوتينيو.
في يناير الماضي جاء البرازيلي إلى كتالونيا، خاض مباريات في الدوري والكأس وسجل أهدافًا من بينها في نهائي الكوبا وبعد رحيل أندريس إنييستا عن الفريق صار التعامل معه على أنّه الخليفة الشرعي للرسام، حتى تشافي هيرنانديز بنفسه رأى ذلك.
في 36 مباراة لعبها بقميص برشلونة حتى الآن أحرز 15 هدفًا وصنع 9 وأصبح ضلعًا أساسيًا في كتيبة إيرنستو فالفيردي، لكن لا يزال صاحب الـ 26 عامًا لم يقدم بعد ما يشفع له ليكون خليفة إنييستا أو قائد وسط البلوجرانا.
فالفيردي اعتمد عليه في البداية في الوسط ليخذله بصورة كبيرة فيعود لشغل مركز الجناح ومع غياب ليونيل ميسي للإصابة كان هو رقم 10 والأكثر حرية في الملعب ولكنّه لم يكن الأكثر إبهارًا.
في التقرير الآتي نسلط الضوء على ما قدمه كوتينيو في الملعب، ما الذي ينقصه ليكون جزءًا من جوهرة وسط البلوجرانا وما الذي يحتاجه ليكتب اسمه في سجلات الأفضل في تاريخ النادي الكتالوني؟
العين لا ترى

لو عدنا قليلًا بالزمن إلى ثلاثي الوسط الأعظم في تاريخ برشلونة؛ تشافي هيرنانديز وإنييستا وسيرجيو بوسكيتس، سنجد صفاتٍ مميزة لكل واحد منهم وأخرى مشتركة صنعت بصمة في فلسفة الفريق وطريقة اللعب.
كرة القدم لا تُلعب بالأقدام فقط، بل أنّ هناك أدوات أخرى أبرزها الرؤية، فحينما كانت الكرة في قدم إنييستا كنت تشعر وكأنّه كاشف الملعب بالكامل ليفاجئ الجميع بتمريرة من الخيال في أبعد الأماكن عن التوقع.
كوتينيو ليس كذلك. حاول مراقبته حينما يحصل على الكرة سنجد عينه تنظر للكرة أكثر من المنطقة المحيطة، تمريراته نادرًا ما تكشف عن رؤية اللاعب الواضحة لرفاقه بل أقرب إلى لعبة متوقعة، حتى أصبح كل ما يقوم به تقريبًا يسير على نمط ثابت.
مرر الكرة لفيليبي على الرواق الأيسر، تجده يدخل إلى عمق الملعب على حدود منطقة الجزاء ويبحث عن المساحة ليسدد الكرة على يسار حارس المرمى وتجد مكانها في الشباك. في كل مرة يتصرف بالطريقة ذاتها حتى فقه مدافعي الخصم وحراس المرمى لحركته التالية وأصبح تكرارها أمرًا شبه مستحيل.
الجسد ضعيف
Gettyحينما بدأ فالفيردي الموسم اعتمد على كوتينيو وديمبلي وميسي وسواريز، الجهة اليسرى ضمت أول اسمين لتصبح حلقة ضعيفة في النواحي الدفاعية وتحرم جوردي ألبا من التقدم بصورة كافية.
كوتينيو لاعب لا يستطيع الاستمرار لأكثر من 60 دقيقة في الملعب رغم أنّه بعمر 26 عامًا، ولكن الأسوأ هو عدم اهتمامه بالضغط على دفاعات الخصم أو حتى العودة حينما يخسر الكرة.
اعتاد البرازيلي في ليفربول أن يكون النجم الأوحد وعليه تُوضع خطة الفريق، ولذلك رأى يورجن كلوب، مدرب الريدز، أنّ الأمور صارت أفضل برحيله لأن كل لاعب صار عليه إيجاد الحلول دون الاعتماد على فيليبي، أما في برشلونة فلأنّه ليس النجم الأوحد وفي غياب ميسي يصبح المجد للمجموعة فلم نراه ينثر سحره المنتظر.
لا يمكن اتهام المدرب في أمر يتعلق بأزمة بدنية للاعب، فحتى في ليفربول كان كوتينيو لا يتم 90 دقيقة إلا في ظروف ضئيلة للغاية ولم يظهر ابدًا طوال المباراة في حالة ثابتة. دائمًا هناك تراجع.
على كوتينيو أن يبحث عن حل لهذا الأمر، فكيف يمكن للاعب محترف ألا يستطيع الاستمرار سوى ساعة فقط في كل مباراة وهو يلعب بدوري اقل بدنيًا من الإنجليزي؟ بهذه الطريقة فإن نهايته في الملعب ستكون أسرع من الطبيعي.
المهارة وحدها لا تكفي
لو وضعنا كوتينيو في مقارنة مع آرتور أو بوسكيتس أو حتى تشافي فيما يتعلق بالمراوغات فربما يتفوق فيليبي، ولكن هذا الأمر لا يكفي.
التمريرة من لمسة واحدة، سرعة نقل الكرة، الاحتفاظ بالكرة أحيانًا، التحرك دون كرة مع امتلاك القدرة على الاستلام والتسليم حتى تحت ضغط دفاعات الخصوم، كلها مهارات لازم لكي تكون لاعبًا في صفوف برشلونة.
غياب هذه الأمور عن كوتينيو واعتماده المطلق على قدمه فقط لكي يراوغ ويمرر ويسدد دون الاستفادة لا من قدراته الجسدية ولا من رؤية الملعب بصورة جيدة يجعل فيليبي مجرد نجمة لكنها لم تضيء بعد!


