بات إيقاع كرة القدم أسرع مما تتصور، ومن المنطقي أن ترى لاعبًا انطفأ نجمه بين ليلة وضحاها، وأحدهم الذي كان محور حديث كوكب الأرض بأكمله يتحول في أشهر قليلة إلى مهمش تسمع اسمه بالصدفة.
نجولو كانتي لم ينطفئ نجمه، ولكن مقارنة بما كان عليه منذ موسم ليستر سيتي التاريخي في 2016، ثم الانفجار العظيم مع أنطونيو كونتي في 2017 يجعل الصورة الحالية باهتة بعض الشيء مقارنة بتلك الأيام.
دينامو وسط الميدان في السنوات الماضية أصبح واحداً من الأفضل في مركزه بأوروبا والعالم، وقطعة لا يمكن الاستغناء عنها في صفوف تشيلسي بعد سنوات التألق بقميص ليستر ومعجزة البريميرليج.
ولكن العامين الماضيين أتيا ببعض التغيرات لكانتي، أولاً مع ماوريتسيو ساري الذي أراد تطويره هجوميًا وعدم الاكتفاء بإمكانياته الدفاعية، وهو ما قد كان، وجعل منه لاعب خط وسط أكثر شمولًا، وإن كان التحول كان له أثراً على الفرنسي.
Getty/Goalرحل ساري وجاء فرانك لامبارد، والذي أعاد كانتي لمركزه الأصلي كلاعب ارتكاز، ولكن إغراء توظيفه بعيدًا عن الدائرة، أدى ذلك إلى تطوره هجومياً وتحسنه أمام المرمى، ووجود جورجينيو جعل مركزه ليس ثابتًا في ظل تجارب المدير الفني الجديد في عامه الأول.
منعطف جديد دخلته مسيرة بطل العالم 2018 هذا الصيف، ثورة شاملة عاشها تشيلسي على صعيد الانتقالات، تدعيمات هجومية عدة أعطت فكرة عن الطريقة التي سينتهجها لامبارد، خطة تميل أكثر للهجوم، وتفضل لاعبي الوسط أصحاب النزعة على المرمى والاندفاع للأمام، مع التخلي عن لاعب الوسط الدفاعي التقليدي.
إذاً، أين يأتي كانتي وسط كل ذلك؟ الفرنسي بدأ اللقاءات الثلاثة لفريقه بالدوري، ولكن كان منوطاً بأدوار هجومية وليس في مركزه التقليدي كلاعب ارتكاز دفاعي، ولكن تصريحات لامبارد عند سؤاله حوله كانت تفتح الباب لرحيله، مما أكد نظرية أن مركز كانتي وخصائصه ليست أساسية في فكر المدرب للموسم الجديد.
انتهت مسيرة لامبارد وجاء توخيل، ولاحظ أنه كلما بدأ النجم الفرنسي في التعود على دور جديد فقده بفعل تغيير طريقة اللعب مرة أو التعاقد مع لاعبين جدد مرة أخرى أو تغيير المدرب مرة ثم مرة ثم مرة ثم مرة، وإلى ما لا نهاية بالطبع ما دمنا نتحدث عن تشيلسي.
مع توخيل في الـ 3/5/2 التي يعتمد عليها يبدو أن هناك سيكون ماهو شبيه بأدواره مع أنطونيو كونتي مع اختلاف الخصائص الهجومية التي يمنحها كلا المديرين الفنيين للاعبي وسط الملعب تحديدًا، ولكن ملامح ذلك لم تُرسم بعد.
مع كونتي عاش متوسط الميدان أفضل فتراته في خطة 3-4-3 وحصل على الحرية التامة لشغل المركز الذي يفضله، ولذا كان ربما الانتقال لإيطاليا واللعب في نفس الرسم التكتيكي قد يكون الأمثل للفرنسي، ولكن طلبات ناديه المادية بمبلغ لا يقل عن 50 مليون يورو جعلت الأمر مستحيلًا، خاصة وأن الأقرب لضمه كان إنتر الذي يعاني ماديًا وهناك احتمالية أن يبحث ملاكه عن ملاك جدد.
من ميسي وكريستيانو إلى مبابي وهالاند.. فرصة تصحيح أخطاءنا
مشكلة كانتي الأبرز هي تعاقب المدربين والمطالبة بأدوار مختلفة كلما تعوّد على ما يُطلب منه، لذا تجده مشوشًا بالإضافة إلى أزمة الإصابات التي بدأت تضربه منذ بداية الموسم الماضي. إناء كانتي لم يعد ينضح بكل ما فيه، ويحتاج إلى ظروف أفضل واستقرار فقط للاستفادة بما تبقى منه.


