كان وصول كريستيانو رونالدو إلى مانشستر يونايتد في الصيف الماضي بالأسبوع الأخير من الميركاتو الصيفي مفاجئًا للغاية، فلم يكن الشياطين الحمر من ضمن قائمة الأندية المهتمة بالظفر بنجم يوفنتوس آنذاك، لكن بين ليلة وضحاها تغير الأمر وعاد الدون مجددًا إلى أولد ترافورد.
قصة مثيرة للغاية كانت وراء وصول رونالدو إلى مانشستر يونايتد، فكان صاحب الـ36 عامًا قاب قوسين أو أدنى من الانضمام إلى مانشستر سيتي، وفي ساعات قليلة تغيّرت الأمور، فماذا حدث؟
لكي نعرف القصة التي تصلح لأن تكون فيلمًا سينمائيًا فعلينا الرجوع للخلف قليلًا، وبالتحديد منذ لحظة وصول رونالدو إلى يوفنتوس عام 2018 قادمًا من ريال مدريد نظير 100 مليون يورو.
*هذه التفاصيل وفقًا للصحفي الشهير فابريزيو رومانو.
هدف واضح وخطة طَموحة
عندما تعاقد يوفنتوس مع كريستيانو رونالدو، أبلغه مسؤولو البيانكونيري بوضوح أن الهدف الرئيسي من جلبه إلى مدينة تورينو هو تحقيق دوري أبطال أوروبا بعد قرابة العقد من السيطرة المحلية، فقد حان الوقت لجلب ذات الأذنين إلى أليانز ستاديوم مجددًا.
كانت خطة يوفنتوس في هذه الأثناء طموحة للغاية بالتعاقد مع لاعب كبير بكل صيف باستغلال قدرات النادي الاقتصادية الجيدة، وبناء عليه، تم التعاقد مع ماتيس دي ليخت في الصيف التالي، وكانت الخطة هي إعادة بوجبا لليوفي في صيف 2020.
تلميح للرغبة في الرحيل؟ ليفاندوفسكي يهاجم أسلوب ناجلسمان
لكن هُنا، تدخل فيروس كورونا وما تلاه من آثار اقتصادية أقل ما توصف بالمدمرة، وبدأ يوفنتوس المعاناة بشدة، فلم يستطع إكمال خطته الطَموحة من جهة، وبات راتب رونالدو والمردود الرياضي أزمة كبيرة من جهة أخرى.
في ذلك التوقيت، وصل أندريا بيرلو إلى تدريب يوفنتوس خلفًا لماوريتسيو ساري، وبعدها عاد ماسميليانو أليجري إلى اليوفي، وكأنها رسالة بأن هذا الرجل هو من بإمكانه جلب البطولات وليس رونالدو.
مع هذه الأوضاع، بدأ رونالدو يدرك حقيقة واحدة وهي أن فريق يوفنتوس الحالي لا يمكنه المنافسة على البطولات المختلفة، وبناء على ذلك بدأت فكرة الرحيل تتبلور في ذهنه وفي ذهن وكيله، جورج مينديش، رغم ما بدا من تمسك النادي الإيطالي به.
خطوات الرحيل
الخطوة الأولى التي مثّلت رسالة ليوفنتوس أن رونالدو يريد الرحيل كانت في منتصف شهر يوليو الماضي، عندما تواجد مينديش في إيطاليا على بعد دقائق معدودة من مكاتب يوفي ومع ذلك لم يذهب للقاء بالمسؤولين رغم أن مستقبل رونالدو حينها كان على المحك بحسب كل الصحف ووسائل الإعلام، مما أكد أن العلاقة بين المعسكرين ليست على ما يرام.
عاد رونالدو إلى يوفنتوس بعد يورو 2020 ووجد أليجري بانتظاره، وقد كان إدراكه أنه لا أمل من النجاح مع السيدة العجوز واضحًا، ولذلك أراد أن يُبلغ الإعلام والجماهير وحتى النادي برغبته في الرحيل، وفعلها على طريقته.
المباراة الافتتاحية لموسم يوفنتوس كانت أمام أودينيزي في ليلة الأحد، فذهب رونالدو قبلها إلى أليجري وأبلغه بأنه لا يريد البداية في رسالة منه للإدارة برغبته في الرحيل، فمن المعروف أن الدون يريد المشاركة بكل دقيقة ممكنة.
في تلك الليلة، بدأت بالفعل أولى الاتصالات بين النادي الوحيد المهتم برونالدو، مانشستر سيتي، ووكيله جورج مينديش.
عرض ضئيل من مانشستر سيتي
الهدف الرئيسي لمانشستر سيتي في الميركاتو الصيفي الماضي كان ضم هاري كين من توتنهام، غير أن تعنت إدارة دانييل ليفي حرمت بيب جوارديولا من هدفه الأهم، وجعلته يوجه نظره إلى الخيارات الأخرى المتاحة، وكان أهمها وأبرزها كريستيانو رونالدو.
لكن تواجد اختلاف كبير بين مانشستر سيتي ورونالدو حول تفاصيل عقده، فأراد النادي الإنجليزي منح البرتغالي عقدًا لمدة عام وحيد، بينما كانت رغبة اللاعب في عامين، إلى جانب أن الطرفين لم يصلا فعليًا إلى اتفاق حول الراتب.
ما زاد الأمور سوءًا كانت المفاوضات التي حدثت بين مانشستر سيتي ويوفنتوس، حيث أراد النادي السماوي الحصول على رونالدو مجانًا بدون دفع ولو يورو واحد، وهو ما كان سببًا رئيسيًا في صعوبة الأمور بين الطرفين.
يوفنتوس بدوره كان واضحًا مع سيتي، إما استبدال رونالدو بجابرييل جيسوس أو دفع 25 مليون يورو، والنادي الإنجليزي رفض الفكرة شكلًا وموضوعًا.
ظهور مانشستر يونايتد
يوم الأربعاء التالي لمواجهة أودينيزي، اتصل مينديش بمسؤولي يوفنتوس وأبلغهم رسميًا بأن رونالدو سيغادر ولا فرصة لأن يُكمل مسيرته هناك، وفي نفس الوقت تعثرت مفاوضات مانشستر سيتي، وهنا فكر الوكيل البرتغالي الكبير في خطوة مانشستر يونايتد.
في هذه الأثناء كان مانشستر يونايتد يسعى لضم لاعب في وسط الملعب وليس مهاجمًا، لكن مكالمة مينديش مع الإدارة غيّرت كل خطط أولي جونار سولشاير، الذي وافق فور طرح فكرة رونالدو على ضمه بأي تكلفة ممكنة.
النهاية السعيدة
مجلس إدارة مانشستر يونايتد بالكامل أبدى موافقته على ضم رونالدو لما في هذه الصفقة من ميزة فنية، بجانب النقطة الأهم وهي حرمان مانشستر سيتي الجار اللدود والمنافس المباشر من خدمات لاعب بالقيمة الأسطورية للدون.
يوم الخميس، تدرب رونالدو مع يوفنتوس منفردًا وأبلغ أليجري أنه يريد الخروج والذهاب ليونايتد، إعلان قاله المدرب الإيطالي في المؤتمر الصحفي للمباراة التالية وبكل وضوح وصراحة.
حينها، اتصل برونو فيرنانديش برونالدو وأخبره حول الأجواء الجديدة في مانشستر يونايتد وحثه على القدوم، وتزامنت هذه المكالمة مع مباركة السير أليكس فيرجسون وأساطير النادي هذه الصفقة أمام الإدارة.
المفاوضات بعدها بدأت بين يونايتد ويوفنتوس وسارت بهدوء شديد، في النهاية ظفر المانيو بخدمات رونالدو نظير 15 مليون جنيه استرليني فقط مع 8 ملايين أخرى كإضافات تُدفع على مدار خمس سنوات.
لتلخيص ما حدث، رونالدو كان مترددًا في الرحيل حتى أدرك أنه لا أمل في تطور يوفنتوس، بدأت المفاوضات مع سيتي ولكن الاختلاف سار حول مدة العقد والراتب وكذلك قيمة الانتقال، حوّله مينديش إلى يونايتد والجميع بارك الانتقال، فانتهى المطاف بالدون عائدًا إلى الملعب الذي وطأته قدماه للمرة الأولى عام 2003 وبدأ كتابة التاريخ به.
