FUTURE OF FOOTBALL Neymar transfers GFXGetty/Goal

تقرير خاص | هل يمكن كسر صفقة نيمار القياسية في عصر ما بعد فيروس كورونا؟

باتت كرة القدم على وشك العودة من جديد إلى الحياة في الأسابيع المقبلة حول العالم وبإجراءات احترازية كبيرة في أعقاب تفشي فيروس كورونا أبرزها هي إقامة المباريات بدون حضور جماهيري، الأكيد أن كرة قدم بعد كورونا ليست كقبل هذا الوباء على الإطلاق.

من المؤكد أن التغييرات القادمة ستكون كبيرة، فبالنسبة إلى الرياضة الأكثر شعبية حول العالم، تأثير كورونا سيظهر لبعض الوقت، سواءً على شكل المباريات بدون جماهير، أو تعديلات على تقويم البطولات، أو الأهم من ذلك، الآثار المالية على الأندية والمسابقات والاتحادات المحلية.

من المحتمل أن تكون هذه الآثار ضخمة مما يجعل البقاء على قيد الحياة الكروية هو التحدي الأكبر للعديد من الأندية حول العالم، الفترة المقبلة ستتواجد عملية تخفيض تكاليف من قبل الإدارات، ستتواجد خسائر مادية حتمًا، وسيضلع المسؤولون إلى اتخاذ قرارات صعبة.

الأهم من ذلك سيكون بروز ظاهرة الخوف وعدم اليقين في شتى المجالات، هذا سيتبين وبشدة خلال سوق الانتقالات، حيث يتوقع الخبراء حدوث تغييرات كبيرة في الأسابيع والأشهر المقبلة، ويمكن القول بوضوح أن أيام الإنفاق الحر للأندية ورسوم الانتقالات والأجور الفلكية يمكن أن تنتهي لبضع سنوات على الأقل.

تيران جوناواردينا، المتخصص في القانون الرياضي قال لجول عمّا تُقاسيه كرة القدم "باختصار، يمكن أن يكون فيروس كورونا هو الحدث الأكثر تأثيرًا على سوق الانتقالات لسنوات عديدة، يمكن أن تؤدي التداعيات إلى تغيير في تعامل الإدارات فيما يتعلق بأجور اللاعبين ورسوم الانتقالات".

رأي جوناواردينا يُردد بقوة حاليًا على مختلف الأصعدة في عالم كرة القدم، فقد تحدث جول إلى عدد من المصادر بما فيها وكلاء اللاعبين والمديرين في الأندية واللاعبين والمدربين، والصورة المرسومة حول الانتقالات بعد كورونا مثيرة للقلق بشكل عام.

يقول أحد الوكلاء الذي يملك حقوق عددًا كبيرًا من اللاعبين في أوروبا "سنعود كثيرًا إلى الوراء، سيتغير الكثير، والجميع الآن ينتظر ليرى مدى التأثير الكبير وما هي مدة استمراره".

Premier League CoronavirusGetty Images

وصلت كرة القدم إلى أقصى درجات الثراء في الفترة الماضية عبر تاريخها، ومع ذلك فمن المتوقع أن تعاني حتى الأندية الأكثر ربحًا من ضرر جسيم، إذ ستتضرر الإيرادات من نقص ثمن تذاكر المباريات، إلى جانب الانخفاض المتوقع في أموال الرعاية وربما الانخفاض في إيرادات البث التلفزيوني أيضًا.

قد يتضح هذا في تصريحات إد وودوارد، نائب الرئيس التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد، الذي قال الشهر الماضي "قد لا يكون العمل كالمعتاد بالنسبة لأي نوادي، بما في ذلك نحن في مانشستر".

الشياطين الحمر ارتبطوا بالعديد من اللاعبين في الميركاتو الصيفي المقبل مثل جادون سانشو وجاك جريليتش وجيمس ماديسون وغيرهم، والنادي الإنجليزي يتمتع بنوع من الحماية أفضل من بقية الأندية نظرًا لعائداتهم التجارية الضخمة، ولكن رغم ذلك كان وودوارد صريحًا في أن دفع مئات الملايين في ظل كورونا أمر مستحيل، إذ قال "التكهنات حول دفع مئات الملايين للاعبين في هذا الصيف هو بمثابة التجاهل لما تواجهه هذه الرياضة من حقائق الآن".

وشاطر الكثير من المسؤولين في الأندية الأوروبية الكبيرة وودوارد هذا الرأي، فمثلًا أولي هونيس، رئيس بايرن ميونخ السابق، أخبر صحيفة كيكر "لا يمكن أن نتخيل أن تشهد أسواق الانتقالات في السنوات القادمة صفقات بـ100 مليون يورو" في الوقت الذي قال فيه فابيو باراتيشي، المدير الرياضي لنادي يوفنتوس "ستوجد العديد من المقايضات في السوق وهو وضع سيجعل كرة القدم شبيهة بكرة القدم الأمريكية".

بيبي ماروتا، الرئيس التنفيذي لنادي إنتر، تحدث هو الآخر عن سوق أكثرًا فقرًا وانخفاض عام في الأسعار، فيما قال بييرباولو مارينو، المدير الرياضي لأودينيزي "ستوجد حالة من الركود في السوق، اللاعب الذي ثمنه 50 مليون يورو سينخفض ليصبح بـ30 مليون يورو فقط".

النتيجة المتوقعة لكل ذلك أن يكون سوق انتقالات بعدد أقل من الصفقات، هذا ما توقعه مثلًا توني بلوم، مالك برايتون، عندما قال "قد لا تكون أفضل سوق لبيع اللاعبين"، هذه النظرة السوداء لمستقبل الانتقالات تأتي نتيجة لزيادة نسبة الخطر المتمثل في احتمالية حدوث موجة ثانية وثالثة من فيروس كورونا في المستقبل، والذي قد تتوقف الحياة الكروية مرة أخرى بسببه وبالتبعية تزداد الأضرار وتعاود ملاحقتها للأندية من جديد.

أحد المديرين التنفيذيين لأحد الأندية الإنجليزية قال لجول "سيكون من الحكمة أن تلتزم الأندية بما لديها، سيكون هناك البعض ممن يظنون أنهم أقوياء ويمكنهم التحمل يريدون الاستمرار، لكن الكثيرين سيخشون الأسوأ، هذا سيؤدي إلى هز كرة القدم في صميمها، وأعتقد أننا سنشهد تغييرًا كبيرًا في طريقة عمل الكثير من الأندية، خاصًة فيما يتعلق بالانتقالات".

Ed Woodward Manchester UnitedGetty Images

يُعد الدوري الإنجليزي الممتاز هو أكبر دوري من ناحية الإنفاق في سوق الانتقالات، ففي الصيف الماضي نجح 20 ناديًا في تحقيق 1.4 مليار جنيه استرليني من الانتقالات، وحطّم 11 من تلك الأندية الأرقام القياسية الخاصة بهم في رسوم الصفقات، كما غطت نفقات الانتقالات أكثر من 27% من الإيرادات المقدرة للأندية في موسم 2019-2020.

وبطبيعة الحال، هذه الإيرادات قد دُمِرت بسبب وباء كورونا، وفي أحد التقارير الصحفية أُشير إلى أن أحد النوادي في البريميرليج (لم يُذكر اسمه) يخسر 9 ملايين جنيه استرليني أسبوعيًا أثناء إيقاف النشاط، في حين قدّر موقع ترانسفير ماركت الشهير انخفاض قيمة أندية الدوري الإنجليزي بما يصل إلى 1.6 مليون جنيه استرليني، ما يعني انخفاضًا بنسبة 20%.

لقد تحركت الأندية بالفعل لتحاول الحد من التأثير المالي، ففي آرسنال مثلًا، وافق معظم اللاعبين وموظفي التدريب على تخفيض الأجور بنسبة تصل إلى 12.5% ، بينما ستقوم أندية أستون فيلا وساوثامبتون وشيفيلد يونايتد ووست هام بتأجيل جزء من رواتب اللاعبين في الأربعة أشهر المقبلين، في حين أن نوريتش سيتي ونيوكاسل وضعا أغلبية من لا يلعبون في حالة إجازة.

على النقيض كان قرار توتنهام وليفربول وبورنموث، إذ اختاروا عكس بقية الأندية مما كان له انتقادات شديدة من الجميع، وعلى الرغم من تصريحات مسؤولي ليفربول عن تراجع كبير في الإيرادات وخسائر غير مسبوقة، ولكن قبل شهرين كان الريدز يُعلنون عن عائدات قياسية تبلغ 533 مليون جنيه استرليني وأرباح قدرها 42 مليون جنيه استرليني، ليطرح ذلك تساؤلًا هامًا، إذا كان سابع أغنى نادٍ في العالم يُعاني، فماذا سيحدث للفقراء؟

Mohamed Salah Liverpool 2019-20Getty Images

ولا يزال موعد سوق الانتقالات الصيفية لهذا العام مجهولًا، ثمة أمر واحد هو المؤكد، أن من يعتقد أو يتوقع أن تحدث صفقات باهظة الثمن، سيشعر حتمًا بخيبة أمل كبيرة.

أحد وكلاء اللاعبين الشهيرين قال لجول عن الأمر "ستكون أحد أكثر الأسواق هدوءًا على الإطلاق، ولكنني أظن أن الأمور ستعود كسابقها في الصيف التالي"

توقع داميان كومولي، المدير الرياضي السابق لكل من توتنهام وليفربول، على قناة سكاي سبورتس أن "ربما ثلاثة فقط من أندية الدوري الممتاز" ستكون مستعدة أو قادرة بالفعل على إنفاق مبالغ كبيرة هذا الصيف، على الرغم مما تُظهره صفقة نيمار إلى باريس سان جيرمان من قدرة صفقة واحدة على إحداث تأثير مضاعف وزيادة في التضخم وتشجيع للأندية على إجراء التعاقدات.

صيف 2017 لا يزال الصيف الأغلى في تاريخ كرة القدم، إذ شهد أيضًا انتقال عثمان ديمبيلي إلى برشلونة وتحول روميلو لوكاكو إلى مانشستر يونايتد من إيفرتون، ومن المتوقع أن يظل هذا الصيف كذلك لبعض من الوقت، كما يُفترض أن يستمر نيمار كاللاعب الأغلى في العالم (222 مليون يورو) لبضع سنوات من الآن.

أرادت الأندية إجراء الكثير من الصفقات الكبيرة، مانشستر يونايتد وتشيلسي على وجه التحديد ارتبطا بالعديد من النجوم، وقامت إدارة البلوز بالفعل بضم حكيم زياش من أياكس، فيما حلم ليفربول بأن يظفر بتيمو فيرنر، في الوقت الذي لم يتوقع أشد المتشائمين أن تُقرر أندية باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ وبرشلونة ومانشستر سيتي وغيرهم من الكبار الخمول لمواجهة الأزمة الاقتصادية.

كومولي يواصل حديثه "قد نرى القليل من نشاط الانتقالات الآن. قد نرى مقايضات، قد نرى إعارات وأعتقد أننا سنشهد انخفاضًا كبيرًا في رسوم الانتقالات ونشاط الصفقات، على الأقل في الصفقات التي تنطوي على أموال ضخمة".

وقال مصدر آخر مشارك في الدوري الإنجليزي الممتاز في تصريح خاص لجول أنه يتوقع تحول سوق الانتقالات العالمية إلى شبيه بالوضع في الدوري الإيطالي عند الركود في أوائل الألفية وبعد الطفرة الهائلة في التسعينيات، لمدة عام واحد على الأقل.

المصدر صرّح "المتوقع أن يكون سوق الإعارات ضخمًا، قد تكون هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن لبعض الأندية أن تقوم ببعض الأعمال لبعض من الوقت".

يوافق غوناواردينا على ذلك قائلاً: "كان فيفا ينوي مبدئيًا إدخال قواعد وقيود جديدة على الإعارات اعتبارًا من يوليو 2020، ومع ذلك وفي ظل أزمة كورونا، قاموا بتأجيل تنفيذ هذه الإجراءات بشكلٍ معقول، لذلك قد نرى استخدام الأندية لمزيد من الإعارات لمحاولة تجاوز الموسم المقبل".

Gianni Infantino FIFA UEFAGetty

ماذا عن الأندية التي تعمل بعيدًا عن المستوى العالي في كرة القدم؟ الحقيقة أنه كلما نظرت إلى الأسفل في هرم كرة القدم، فسترى أن الوضع يزداد خطورة، فمثلًا في الدوري الإنجليزي تتحصل الأندية على 13% من إيراداتها من يوم المباراة، الجزء الأكبر يكون في الصفقات التجارية وبالطبع صفقة البث التلفزيوني الضخمة، لذلك فقد تكون الأندية مهيأة نسبيًا للتعامل مع المباريات بدون جماهير.

بينما إذا نظرت إلى دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، ستجد أنه ورغم الإيرادات التلفزيونية الضخمة للبطولة، إلا أن غالبية الأندية تعتمد بشكل كبير على بيع تذاكر المباريات، ومع احتمال عدم السماح للجمهور بالدخول إلى الملاعب حتى يناير المقبل على الأقل، فإن هذه الأندية تجابه خطرًا محدقًا بشكل كبير.

جون كولمان، مدير نادي أكرينجتون ستانلي في الدرجة الأولى قال "إنه وقت مثير للقلق حقًا، الوضع الآن يُهدد الكثير من الأندية في الدوريين الأول والثاني ونحن لم نذكر بعد الدرجات الأدنى".

وافقت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز على تقديم مساعدات بقيمة 125 مليون جنيه استرليني للدرجات الأدنى لمساعدتهم في تحمل الوضع الراهن، ولكن هذا بحسب بعض المصادر لن يجدي نفعًا كثيرًا، فالمتوقع هو أن يستمر الوضع الحالي لفترة أطول بكثير من بضعة أشهر.

ليست الأندية فقط هي من تعيش الخوف، بل هناك 1400 لاعب في دوري الدرجة الأولى تنتهي عقودهم في الصيف، سيعيش أولئك اللاعبون حالة من الكفاح لإيجاد نادٍ جديد لهم بينما من المتوقع أن ينضم بعضهم إلى أندية بتخفيض كبير في الأجر، فالأندية ببساطة غير قادرة على دفع ما كان بمقدورها دفعه منذ عام.

يعود كولمان ويتحدث عن الأمر بقوله "ما سيكشفه الصيف القادم لنا هو من هو الوكيل الجيد ومن هو السيئ. أي لاعب سيتحصل على عقد لمدة عامين أو أكثر، فوكيله حتمًا مميز، يمكن للاعبين الذين تخطوا الثلاثين ويبحثون عن عرض مادي جيد أن ينسوا ذلك تمامًا، الآن الجميع في معركة قتالية مطلقة".

قضية العقود لا تزال من ضمن القضايا الشائكة أيضًا، فيفا وافق على تمديد العقود التي تنتهي في 30 يونيو وهو أمر سيؤثر على لاعبين أمثال ويليان وآدم لالانا ودريس ميرتينز ويان فيرتونخين وغيرهم، فسينبغي عليهم اللعب حتى نهاية الموسم مما سيجلب بعض المتاعب لهم في مغادرة ناديهم إلى وجهة جديدة.

كولمان قال عن هذا الأمر "لنفترض أن لديك لاعبًا يعرف أنه لن يجدد عقده، بالتالي هو الآن يأمل في الحصول على عقد في مكان آخر، وربما يمتلك بالفعل اهتمامًا من أندية أخرى، وفي بعض الحالات قد يكون قد وافق على الانتقال بصورة مبدئية، فجأة تطلب منه العودة ولعب ما تبقى من مباريات الموسم، إنها مخاطرة كبيرة، ماذا لو تعرض لإصابة؟ من سيتحمل هذا الخطر".

"قام لاعب واحد، جان مارك بوسمان ، بتغيير نظام النقل بأكمله في التسعينيات. هل يمكنك تخيل مقدار التحديات القانونية التي سنواجهها بعد ذلك؟ إنه جنون ".

The Wham Stadium, AccringtonGetty

إذًا، ما هي الإيجابيات التي قد تظهر من وحي هذه المعاناة؟ بالطبع هناك إيجابيات، يمكن أن يؤدي الوضع الحالي إلى وضع الأندية لثقتها في اللاعبين الموجودين تحت تصرفها بالفعل، ولا سيما أبناء أكاديميات الشباب، وهذا ما قاله بالضبط بيبي ماروتا رئيس إنتر "سيكون من المهم أن نكون قادرين على استغلال موارد أكاديميتنا".

هذا إلى جانب التوقع السائد بأن حجم قائمة الفرق سوف يصغر كثيرًا، مع تكهنات بأن تتحلى الإدارات بالصبر على مدربيها. لقد بلغ متوسط مدة بقاء المدرب في ناديه 12 شهرًا فقط ولكن الآن سيكون هناك مزيدًا من التفهم من قبل الملاك والرؤساء، ففي ظل الظروف الراهنة ستُفضِّل الأندية ألا تُزيد من نفقاتها من خلال دفع أموال ضخمة لإنهاء خدمة المدربين لديها.

في النهاية، يمكن القول أننا نتوقع انخفاضًا في الأجور وأن تزيد الإعارات وأن تكافح الأندية، لطالما كانت كرة القدم صناعة بجانب كونها رياضة، وكلا الجانبين يتعرضان لضغوط شديدة.. الآن يبدو أن مستقبل اللعبة واضحًا.

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0