قبل 3 سنوات شعر اللاعب الألماني شتيفان راينارتس بالظلم من تجاهل النقاد والمحللين له عقب مباراة لفريقه أمام ماينز في عام 2016، رغم أنه كان السبب في الفوز حيث أرسل تمريرة طويلة متقنة خلف دفاعات ماينز لأحد الأجنحة الذي صنع منها هدف الفوز.
يمكن القول إن هذه هي اللحظة التي غيرت مفهوم التحليل الرقمي في عالم كرة القدم.
شعر اللاعب المقرب من توني كروس بأنه لم يأخذ حقه من الإشادة مثل غيره، ومن هنا بدأت شرارة ثورة قادها بنفسه في عالم التحليل الرقمي بعد أن اعتزل في سن الـ27 عامًا بسبب الإصابات، وبعدها قرر إنشاء شركة تحليل بطريقة ثورية.
أدرك اللاعب بنفسه حقيقة أن الأرقام بشكل مجرد قد تعرض الكثير للاعبين للظلم، ولا يوجد أفضل من الضحية ليثور على الجلاد.
دعونا ندخل في صلب الموضوع مباشرة ونطرح مثالاً.
هناك مباراة بين الفريق (أ) والفريق (ب)، وكانت الإحصائيات على النحو التالي:
الفريق (أ): استحواذ 52 ٪؛ مجموع التسديد 18؛ الركلات الركنية 7
الفريق (ب): استحواذ 48 ٪؛ مجموع التسديدات 14 ؛ الركلات الركنية 5
هل تخبرك هذه الأرقام بأي شيء؟ هل يمكنك معرفة من فاز في المباراة؟
حسنًا، كان الفريق (أ) البرازيل وكان الفريق (ب) ألمانيا في الدور قبل النهائي لكأس العالم 2014، وانتهت المباراة بفوز الألمان 7/1، رغم أن الأرقام كانت لصالح البرازيل.
إحصائيات كرة القدم التي لا تعكس ما حدث في الملعب، ولا تعبر في النهاية عن النتيجة أو مستوى كل اللاعب.
ليست الرغبة في الانتقام من التحليل الرقمي التقليدي فقط حافز راينارتس، فالأخير منذ أن كان شابًا كان يرغب بالعمل في هذا المجال حيث كان دائما ما يتحدث مع أصدقائه حول موضوع الإحصائيات خصوصا ينس هيجلر والذي تناقش معه طويلا حول فكرة إنشاء نظام إحصائي جديد بإمكانه أن يعكس ولو جزء صغير من الواقع، وبإمكان الجميع من خلاله أن يميزوا بين اللاعبين الذين صنعوا الفارق في المباريات.
بعد العمل الجاد لسنوات تمكن الاثنان من ابتكار فكرة جديدة أو مقياس إحصائي جديد يعرف بمقياس Packing & Impect وهو مقياس يركز على التمريرات والمراوغات ومدى تأثيرها على المباراة كما أنه يركز أيضًا على التمركز والتحرك من غير كرة، أي أن المقياس يركز على الجودة والتأثير لا على الكمية.
تقييم التمريرات
في النظام الإحصائي التقليدي لا يوحد تصنيف للتمريرات، أي تمريرة تخرج من قدم لاعب لزميله هي تمريرة ناجحة. وبالتالي قد تنبهر بأن لاعب قام بدقة تمريرات 99% ومع ذلك تجد أن كل التمريرات قصيرة ولا تصنع شيئًا بل تستهلك الوقت فقط!
لكن بحسب نظام راينارتس فقد تم تقسيم التمريرات إلى 4 فئات هي A, B, C, D
- التمريرة A: هي تمريرة بلا تأثير ملموس على اللعبة
- التمريرة B: هي التي تخرج مهاجمي الخصم من اللعبة
- التمريرة C: هي التي تخرج 4 لاعبين من الخصم من اللعبة
- التمريرة D: هي أفضل مستوى من التمرير وهي التي تخرج 6 لاعبين من الخصم من اللعبة
Goalتمريرة D بحسب نظام راينارتس في مقياس الـ Packing يتم منح الممرر والمستلم للكرة النقاط بهذه الطريقة.
الممرر والمستلم للكرة سيحصلان على نقطة واحدة في حال تجاوزت الكرة مهاجم الخصم وأخرجته من اللعبة لكن لو كان الخصم يلعب بمهاجمين فسيحصل الاثنين على نقطتين لأن التمريرة قد اخرجت لاعبين من اللعبة.
الممرر والمستلم للكرة سيحصلان على نقطتين في حال تجاوزت التمريرة لخط وسط الخصم وسيتم ضرب النقطتين بعدد اللاعبين الذين تم إخراجهم من اللعبة أي في التمريرة D سيحصل الممرر والمستلم للكرة على 12 نقطة.
لماذا سيحصل المستلم للكرة على نفس عدد نقاط الممرر؟ لأنه لولا تحركه وتمركزه الجيد لما تمكن الممرر من إرسال الكرة إليه.
ويتم احتساب النقاط للاعب المراوغ بنفس الطريقة السابقة، أي لو أن المدافع تجاوز مهاجم الخصم من ثم مرر الكرة فسيحصل على نقطة واحدة مضروبة بعدد اللاعبين الذين تم اخراجهم من اللعبة مقياس الـ Impect يعمل بنفس طريقة الـ Packing ولكنه يحتسب النقاط بناء على التمريرات التي تضرب خط دفاع الخصم وليس خط الوسط أو الهجوم.
يبقى السؤال هل نجح شتيفان راينارتس وصديقه من أن ينصف بعض اللاعبين وأن يعكس جزء مما يحدث على أرضية الميدان أيضًا بعد ابتكار هذا الأسلوب؟
لا يمكن التأكيد على ذلك لأن ما يجري على أرض الملعب مرة لا يخضع لمقياس رقمي "عادل بنسبة 100%" لكنه على الأقل كشف للبعض قيمة بعض اللاعبين ومدى تأثيرهم.


