قبل نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2018 بين ريال مدريدوليفربول، وقف أغلب المحللون في حيرة من أمرهم. كيف وصل النادي الملكي للنهائي الثالث له على التوالي؟
بعضهم أكد أنّ ريال مدريد سيحقق اللقب، لا يهم كيف أو بأي نتيجة، لكنّه سيفوز على ليفربول ويرفع الكأس الغالي حتى لو كان الطرف الأضعف، والسبب أنّه ريال مدريد.
ما الذي يفعله زين الدين زيدان مع النادي الملكي يختلف عن أي فريق آخر؟ لا شيء تقريبًا. ريال مدريد يلعب بالطريقة ذاتها والاعتماد المفرط على العرضيات والتسديدات من بعيد والضغط العشوائي الفردي والأمل في تفوق لحظي لأحد اللاعبين ليسجل هدف الفوز؟
ما هي عقلية ريال مدريد؟ ولماذا يحقق الألقاب أحيانًا حتى لو كان الطرف الأضعف؟
خلقنا لننتصر

رغم أنّ دييجو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، تحدث من قبل عن أنّ النادي الملكي لا يمتلك فلسفة رياضية واضحة خلال تاريخه عكس فريقه وبرشلونة وأندية أخرى، إلا أنّ هذا الأمر ليس صحيحًا بنسبة 100%.
ربما لا يمتلك ريال مدريد فلسفة واضحة على أرض الملعب، فلا هو فريق دفاعي يعتمد على التحولات السريعة ولا هو فريق مبادر يفضل الاستحواذ والسيطرة والتحكم في مجريات اللقاء، ولكنّه فريق براجماتي.
ريال مدريد قد يعتمد على مدرب مثل جوزيه مورينيو ليلعب أغلب الأوقات بمبدأ التحولات حتى لو كان المنافس أقل خطورة منه، وربما يعود بعدها ويعتمد على الهجوم المستمر والسيطرة، وفي الحالتين سينجح لأن الوسيلة ليست هامة، الأهم هو الغاية.
الرعيل الأول
Getty Imagesحينما جاء الإنشاء الحقيقي لريال مدريد على يد رئيسه سانتياجو برنابيو في خمسينيات القرن الماضي كان الهدف واضحًا، لا يهم اسم المدرب ولا قيمته ولا تاريخه لأن دوره ليس هامًا كما يعتقد البعض، المهم هو اللاعب.
التعاقد مع أبرز الأسماء في العالم، موهبة في فرنسا أو إسبانيا أو حتى لاتيني كان قريبًا من برشلونة ليتشكل الجيل الذي احتوى على ريموند كوبا وألفريدو دي ستيفانو وخينتو وغيرهم من الأساطير الذين حققوا اللقب الأوروبي لخمس سنوات متتالية.
الفكرة العامة لم تتغير كثيرًا، يجب التعاقد مع أبرز اللاعبين في كل المراكز ونتركهم يفعلون ما يفعلونه بأفضل شكل ممكن، ولو فشل نجم في مباراة فغيره سيسجل، ولو تراجع مستوى لاعب فهناك آخر قادر على قلب الطاولة.
أزمة في برشلونة .. سيتيين ظالم أم مظلوم؟
الفكرة ذاتها هي ما قادت فلورنتينو بيريز لتشكيل جلاكتيكوس عام 2000 بضم لويس فيجو وزين الدين زيدان والظاهرة رونالدو وديفيد بيكهام وغيرهم من الأسماء الرنانة، ورغم أنّ هذه التوليفة لم تحقق المنتظر، لكنّ الفكرة ذاتها لم تتغير.
تكرر الأمر في جلاكتيكوس 2009 بضم كريستيانو رونالدو وكاكا وبنزيما والبقية وتأثير ذلك يبدو واضحًا في المواسم الأخيرة.
زيدان نفسه لا يقوم بالكثير من الأمور الفنية، ولكنّه فقط يترك مجموعة من أفضل اللاعبين بكامل الحرية في أرض الملعب ليفعلوا ما يحلوا لهم.
لكل إيجابيات سلبيات
Gettyريال مدريد فريق يعرف كيف يفوز، يمتلك ثقة كبيرة دائمًا بقدرته على قهر المنافس حتى لو كان في أضعف أحواله، ربما تكون الثقة نابعة من التاريخ أو قوة اللاعبين النفسية على المستوى الفردي أو حتى قدرات زيدان التحفيزية، ولكنّه فريق يعرف كيف يفوز.
ولكن لأن الأمور عشوائية في البيت الملكي، فلا يمكن توقع تكرار أي إنجاز على الإطلاق.
فريال مدريد مثلا لم يلعب في دوري أبطال أوروبا عام 1997 لأنه في الموسم السابق أنهى الدوري الإسباني في المركز السادس، وحينما شارك في 1998 وأنهى رابعًا في الليجا حقق لقب دوري أبطال أوروبا.
ريال مدريد هو الفريق الذي حقق 3 ألقاب للأبطال في 3 مواسم على التوالي وخلال الفترة ذاتها كان يخسر العديد من المباريات أمام فرق متوسطة في الدوري الإسباني، وهو الفريق الذي رغم كل نجاحاته لم يحقق الثلاثية ولا مرة في تاريخه.
لا عجب أن يفوز ريال مدريد باللقب القاري 4 مرات في خمس سنوات ثم بعدها بموسم يخرج 0 ألقاب وينهي موسمه في مارس ويودع الأبطال من أول دور إقصائي.
ريال مدريد حتى في الموسم الحالي لم يحقق سوى 4 نقاط أكثر من موسم 2017-2018 ومع ذلك يتصدر الدوري بعد 32 جولة بالنسبة له، وذلك بسبب تراجع المنافس الواضح في النسخة الحالية من الليجا ومشاكله التي لا تنتهي.
إنجازات ريال مدريد غير مضمونة التكرار، ربما تظهر نسخة مرعبة وتختفي فجأة، ربما يحقق سلسلة انتصارات متتالية ثم ينهار فجأة، ربما يفوز على برشلونة في كلاسيكو يجعله متصدر الدوري ثم يسقط أمام ريال بيتيس الذي يعاني في الدوري الإسباني.
ريال مدريد فريق منتصر براجماتي لا يبالي بالوسيلة بقدر الغاية ويفضل دائمًا العشوائية، والنتيجة هي إنجازات تاريخية تارة وسقطات كارثية في أوقات أخرى.


