أصبح الضجيج الإعلامي جزءاً لا يتجزأ من صناعة النجوم، والأسابيع القليلة الماضية لم تكن سوى احتفالية كبرى بالموهبة الأرجنتينية نيكو باز.
التقارير تتدفق من كل حدب وصوب، تؤكد أن إدارة ريال مدريد حسمت أمرها، وأن قرار تفعيل بند استعادة اللاعب مقابل عشرة ملايين يورو فقط هو ضربة معلم إدارية وشيكة في صيف 2026، لكن، وبعيداً عن بريق هذا الرقم الزهيد، هل راقب أحد أداء اللاعب الفعلي على أرض الملعب في الآونة الأخيرة؟
إن معايير اللعب في سانتياجو برنابيو لا تشبه أي مكان آخر، والقميص الأبيض ثقيل، وهو لا يغفر تذبذب المستوى، ولا يقبل بأنصاف الحلول.
ما يحتاجه ريال مدريد ليس مشروع لاعب، بل لاعب جاهز مكتمل النضج يستطيع تقديم الإضافة الفورية، وبالنظر إلى أداء نيكو باز الأخير مع كومو، يبدو أننا أمام وهم أكثر من كوننا أمام حقيقة ثابتة.
Getty Images
ترمومتر الأداء: بين الانفجار والاختفاء
لفهم الصورة كاملة، يجب ألا نكتفي بلقطات العبقرية التي تظهر بين حين وآخر، بل يجب رصد الاستمرارية، وهي الكلمة المفتاح في قاموس النادي الملكي، دعونا نحلل آخر ثلاث محطات لنيكو باز في الدوري الإيطالي:
الانفجار دون مساهمة
هذه هي المباراة التي تبيع الحلم لإدارة ريال مدريد، في هذا اليوم ورغم عدم اسهامه، كان باز هو النجم الأوحد، قدم أداءً هجومياً صاخباً: أطلق ست تسديدات على المرمى، منها واحدة ارتطمت بالعارضة، وثلاث تسديدات أخرى تم اعتراضها من قبل الدفاع.
كان شعلة نشاط، نجح في خمس مراوغات، وفاز بتسعة التحامات أرضية من أصل 15 وكان اللاعب الذي يريد الجميع رؤيته.
الاختفاء الأول أمام بارما
قبلها بأربعة أيام فقط، وفي مباراة خسرها فريقه، ظهر الوجه الآخر لنيكو باز، خلال تسعين دقيقة كاملة، كان اللاعب شبحاً على أرض الملعب.
لم يسدد أي كرة على المرمى، ونجح في مراوغة واحدة فقط، والأسوأ كان في دقة التمرير؛ فعلى الرغم من أن إجمالي تمريراته كان جيداً، إلا أنه فقد الاستحواذ على الكرة 18 مرة، وكان تأثيره على مجريات اللعب شبه معدوم، وهو ما يطرح سؤالاً عن قدرته على اللعب تحت الضغط.
Getty Images
الاختبار الحقيقي أمام نابولي
اليوم، وفي مباراة قمة حقيقية أمام نابولي المتصدر، كانت الأنظار موجهة نحوه، كانت هذه فرصته ليثبت أنه لاعب المباريات الكبرى بعد تألقه ضد يوفنتوس قبل أيام ليست ببعيدة، والنتيجة؟ عاد باز إلى المنطقة الرمادية.
خلال تسعين دقيقة أخرى، لم يستطع باز تقديم الحلول الهجومية لفريقه، أطلق أربع تسديدات، تم اعتراض اثنتين منها، وذهبت اثنتان خارج المرمى تماماً.
لم يسجل أي تسديدة بين القائمين والعارضة، نجح في مراوغة واحدة فقط من أصل أربع محاولات، ومجدداً، كان فقدان الاستحواذ هو العنوان الأبرز بـ 15 مرة، وفي الاختبار الأهم، لم يكن باز هو العنصر الحاسم.
هذا التذبذب الحاد بين العبقرية والاختفاء في غضون أيام هو جرس إنذار لا يمكن لريال مدريد تجاهله، فالموهبة موجودة بلا شك، لكن النضج والاستمرارية غائبان تماماً.
ريال مدريد لا يملك رفاهية انتظار لاعب ليجد مستواه، الصفقة قد تبدو رابحة مالياً، لكنها قد تكون مكلّفة رياضياً إذا عاد باز ليصبح مجرد رقم جديد على دكة البدلاء.
موراتا.. لم يكن مخلصًا لميلان ويوفنتوس!
لم يكن نيكو باز وحده من خيب الآمال في ملعب دييجو أرماندو مارادونا، ففي الدقيقة 26، حصل زميله ألفارو موراتا على فرصة ذهبية لقصة انتقام كلاسيكية، ركلة جزاء كانت كفيلة بقلب موازين المباراة، وربما موازين الصدارة في الدوري الإيطالي.
لكن موراتا، بتاريخه الطويل مع يوفنتوس وميلان، أهدر الركلة، لم تكن هذه مجرد ركلة جزاء ضائعة، بل كانت خدمة فشل في تقديمها لأنديته السابقة التي تنافس نابولي بشراسة على القمة.
انتهت المباراة بالتعادل السلبي 0-0، هذه النقطة التي أهداها موراتا لنابولي، سمحت للأخير بالمبيت في الصدارة، ولو سجل موراتا ركلته، لكانت فرصة ميلان سانحة لاعتلاء القمة في حال فوزه على روما.
أرقام موراتا في المباراة تلخص الحكاية: أهدر ركلة جزاء، وأضاع فرصة محققة أخرى للتسجيل، وفقد الاستحواذ على الكرة 10 مرات في 82 دقيقة فقط.
في أمسية كان يمكن أن تكون لفتة وفاء غير مقصودة لجمهوره السابق في ميلانو وتورينو، اختار موراتا أن يطلق رصاصة طائشة أخطأت طريقها لمرمى نابولي، لتثبت أن إهدار الفرص هو السمة الأكثر ثباتاً في مسيرته، بغض النظر عن لون القميص الذي يرتديه.
.png?auto=webp&format=pjpg&width=3840&quality=60)