ورحل ليونيل ميسي ..
في خطاب مقتضب تخللته الدموع أكثر من أي شيء آخر، ودّع ليونيل ميسي بيته برشلونة بعد عقود من الزمان لم يعرفه أحد سوى لاعبًا للنادي الكتالوني.
انتهت مسيرة حملت الكثير والكثير من الإنجازات، ألقاب فردية وجماعية وسيطرة على منصات التتويج محليًا وأوروبيًا وعالميًا، فصاحب الـ34 عامًا هو الأكثر تتويجًا بالألقاب رفقة النادي الكتالوني والذي تواجد في مرحلة ربما هي الأفضل في تاريخ البلوجرانا.
ومع قيمة ميسي الكبيرة، إلا أنّ رحيله لا يعني فقط مغادرة أسطورة كبيرة وأفضل نجم في تاريخ برشلونة إن لم يكن في تاريخ اللعبة، لكنّه أيضًا شهادة وفاة للجيل الذي قاد ثورة كتالونيا في كرة القدم والتي بدأت مطلع القرن الجاري، رحيله هو آخر مسمار في نعش الجيلي الذهبي.
إنقاذ كرويف ولابورتا
بعد انتهاء فريق أحلام برشلونة بقيادة يوهان كرويف ومراحل تألق وتراجع للفريق الكتالوني، جاء القرن الجديد بأسوأ الكوابيس وانهيار كامل على مستوى النتائج وحتى الأداء، لتمر سنوات عجاف بلا ألقاب.
التخبط كان أيضًا على المستوى الإداري، وإجبار جاسبار على الاستقالة ووجود لجنة مؤقتة لقيادة الفريق، ومدرب يأتي ويرحل بعد عدة أشهر حتى جاء صيف 2003 بانتخابات جديدة جلبت جوان لابورتا رئيسًا ويده اليمنى هو الأسطورة يوهان كرويف.
مرحلة جديدة إذًا لبرشلونة، جيل ذهبي بدأ يتكون تدريجيًا، وصحيح تواجد رونالدينيو وديكو وصامويل إيتو وغيرهم من اللاعبين الكبار لكن كان هناك خماسي هو نواة ثورة برشلونة.
كارليس بويول وفيكتور فالديز وتشافي هيرنانديز والصاعدان حديثًا للفريق الأول أندريس إنييستا وليونيل ميسي، خماسي كان هو النواة الحقيقة التي ظلت صامدة باختلاف سير الأحداث.
جاء فرانك ريكارد فحقق لقب الدوري الإسباني مرتين ثم دوري أبطال أوروبا بعد غياب 14 عامًا، ثم بعد عامين من التخبط جاء بيب جوارديولا بهدف التخلص من الحرس القديم وبناء فريق جديد، ومع كل التعديلات استمر شيء واحد فقط ثابت، خماسي ثورة 2003.
ليونيل ميسي أصبح رمزًا لجيل بيب، إنييستا وتشافي رمان ميزان الوسط، والقائد بويول وحامي العرين فالديز، خماسي استمر معبرًا عن حالة البناء التي يعيشها النادي الكتالوني.
بداية النهاية
ثم جاء 2013 ليصبح بويول ضيف دائم في المستشفيات ليعلن اعتزاله بعدها بعام، ويرفض فالديز التجديد ليرحل مجانًا في صيف 2014 وتبدأ مرحلة سقوط جيل ثورة برشلونة.
لكن الثلاثي إنييستا وتشافي وميسي حملوا الشعلة مع لويس إنريكي ليعود برشلونة لمجده ويحافظ على مسيرة أطول للجيل الذهبي وحماة ثورة 2003.
رحل تشافي في 2015 وبعد 3 أعوام خلفه إنييستا ليبقى ميسي الفارس الوحيد وآخر رجال الجيل الذهبي، وآخر طموحات برشلونة لمزيد من الألقاب والبطولات بل وأحلام الهيمنة لا تزال في قلب وعقل كل مشجع للنادي الكتالوني.
لكن ميسي غادر في 2021 ليسقط آخر الرجال ولتطوى صفحة ثورة 2003 بشكل كامل والغريب أنها حدثت بوجود ذات الرئيس جوان لابورتا لكن يده اليمنى وأبوه الروحي يوهان كرويف وافته المنية في 2016 ليصبح بلا بوصلة تقوده لبر النهاية!
الجيل الأعظم في التاريخ
لن نبالغ لو قلنا إن نتائج ثورة 2003 جعلت برشلونة يمتلك أعظم جيل في تاريخ اللعبة، هذا الجيل الذي حقق 35 بطولة في 18 عامًا فقط أي بمتوسط بطولتين تقريبًا في كل عام، كان لميسي نصيب في 100% منها.
35 بطولة شملت 10 دوري إسباني و7 كأس ملك إسبانيا و8 سوبر إسباني و4 دوري أبطال أوروبا و3 سوبر أوروبي و3 كأس العالم للأندية، أي أنّه سيطر على الأخضر واليابس بالمعنى الحرفي للكلمة.
Goalوماذا بعد رحيل ميسي؟
برشلونة حاليًا يعاني من مشاكل مالية حقيقية لكن وضع باقي فرق الليجا ليس في أفضل أحواله، ولهذا المرحلة الرياضية ليست أسوأ من فترة ما قبل 2003.
لا يزال هناك مواهب شابة قادرة على التطور، نتحدث عن جارسيا وأراخو وأوسكار مينجويزا وأليخاندرو بالدي وديست في الدفاع، وبيدري وريكي بوتش وفرينكي دي يونج وجافي ونيكو جونزاليس في الوسط، وكولادو ويوسف دمير وأنسو فاتي في الهجوم بجانب بينيا حارس الفريق، كلها أسماء قد يتم الاعتماد عليها لبناء جيل ذهبي جديد.
برشلونة قد يتراجع دون شك، قد تسوء النتائج ويخسر المنقذ، لكنّه سيصبح مضطرًا لإيجاد حلول أخرى وأفكار جديدة ووسائل مختلفة للاستفادة من العناصر المتاحة، وحتى لو عاد للخلف عدة خطوات فهناك أمل في الانطلاق قدمًا.
محليًا الأمر غير مستحيل، لكن أوروبيًا لا تزال الفجوة كبيرة والحلم الوحيد ببناء جيل جديد يحصل على وقته الكافي للنمو والتطور.
الجيل انتهى، وثورة 2003 رحلت للأبد، لكن لابورتا هو الرئيس وربما تكون نهاية هذه الحقبة هي بداية لحقبة جديدة، وربما تكون فرصة ليعود برشلونة بثورة جديدة ومرحلة جديدة يقودها أفراد جدد، ربما ..
اقرأ أيضًا:-
نهاية البقرة المقدسة وانطلاق “ضغوطات المسؤولية”.. إيجابيات رحيل ميسي عن برشلونة
جلاكتيكوس ميسي في باريس، المخاطرة عالية والعبرة في برشلونة ومدريد!


