حين فاز مانشستر سيتي مساء الأحد في قمة الدوري الإنجليزي الممتاز على ليفربول بثلاثية نظيفة، كان أحد أبرز نجوم الليلة هو الجناح البلجيكي جيريمي دوكو، ليس فقط بفضل هدفه الرائع في شباك الريدز الذي أعاد المقارنات مع مواطنه وأسطورة المسابقة إدين هازارد، ولكن إحصائية أثبت صحة تلك المقارنة التي كانت لو قيلت الموسم الماضي لأثارت السخرية.
منذ 2019، لم ينجح أي لاعب منذ فعل هازارد ضد وست هام أن يفعل الآتي في لقاء وحيد: يسجل - ينجح في 7 مراوغات - يفوز ب10 التحامات - يخلق 3 فرص - يسدد 3 مرات على المرمى، وذلك بحسب شبكة "أوبتا" الشهيرة للإحصائيات.
ما قدمه الجناح البلجيكي السابق لرين ضد ليفربول استمرار لما يعيشه من تألق هذا الموسم مع سيتي، وتغير جذري ولكن إيجابي في أسلوب لعبه، اللاعب الذي كان يشتهر بالمراوغة ولكن كان يعيبه اللمسة الأخيرة أضاف الأمر الأخير لترسانته، ليكمل الحلقة المفقودة من أجل التطور إلى لاعب جناح متكامل يسار الهجوم، ويصبح قطعة لا غنى عنها في هجوم بيب جوارديولا.
لغة الأرقام لا تكذب في توضيح الفارق بين دوكو هذا الموسم وموسم 2024-2025 الفائت، الموسم الماضي بلغت دقة تسديداته 31% فقط، الرقم الذي ارتفع إلى 88% هذا الموسم، وبعد 10 مباريات فقط بلغ 3 تمريرات حاسمة، نصف ما قدمه الموسم الفائت بأكمله، وخلق 23 فرصة مقابل 32 فرصة فقط طوال الموسم الماضي، أرقام تشير بوضوح إلى تحسن كبير في اللمسة الأخيرة والقرار الذي يتخذه البلجيكي، خصوصًا وأن أرقامه على صعيد المراوغات قد تكون انخفضت قليلًا (58 مقابل 64%) ولكن إذا ذلك يشير إلى شيء، فإلى كون اللاعب ينوع من خياراته ولا يلجأ إلى حل وحيد كما كان يفعل دومًا.
الأسطورة المصرية محمد أبو تريكة في تعليقه على تألق دوكو هذا الموسم بسط الأمر بشكل كبير: "في الموسم الماضي، كان يلعب وهو ينظر للأسفل، الموسم الحالي يلعب وهو ينظر للأعلى، يرى الزملاء والحلول، هذا عمل جوارديولا"، تفسير منطقي للغاية، الموسم الماضي وحتى في تجربته مع رين، كان كل تركيز دوكو على المراوغة والمرور، ثم التسديد أو العرضية دون دقة كبيرة، وهي كانت آفته وعيبه الذي اعتقد البعض أنه سيلازمه طوال مشواره، ولكن الأمر اختلف هذا الموسم.
جوارديولا عقب الفوز على ليفربول أيضًا أشاد بدوكو، وليست المرة الأولى التي يشير إلى تطور لاعبه في الصعيد الذي ناقشناه: "لن يكون هدافًا للأمانة من وجهة نظري، ولكن يعمل دائمًا على نفسه ليتطور ويستمع للنصائح، ويملك خصائص مميزة فيما يخص المراوغة، وشرس بالكرة ومن غيرها، حاولنا مساعدته وقدم عرضًا كبيرًا اليوم"، تحول كبير في كلمات المدرب الكتالوني من أبريل الماضي عندما خرج واعتذر لدوكو عقب أن أبقاه مرة أخرج على مقاعد البدلاء عقب الانتصار على إيفرتون، فترة كان تراجع فيها مستوى الجناح الشاب وزادت الانتقادات لأسلوب لعبه الأحادي على حد وصف النقاد.
بوجود ريان شرقي بلمساته ومراوغاته، وعودة فيل فودين لمستواه المعهود على اليمين، يكمل دوكو ثلاثي وسط هجومي ناري خلف ماكينة الأهداف التي لا تتعطل إرلينج هالاند، ليعيد بيب جوارديولا إحياء هجوم مانشستر سيتي عقب تراجع الموسم الماضي، وبوجود أمثال عمر مرموش، سافينيو، وأوسكار بوب أيضًا، لا يفتقر الفريق للحلول، ولكن فيما يخص دوكو بالذات يجب رفع القبعة للمدرب المحنك الذي خاض للتو مباراته الألف لأنه نجح في صناعة جناح مثالي يسار الهجوم إذا استمر في التحسن والتطور بما يملك من إمكانيات فنية وقدرات بدنية، ستكون مقارنته مع أمثال مواطنه هازارد أو فرانك ريبيري وأساطير هذا المركز ليس ضربًا من الخيال.
.jpg?auto=webp&format=pjpg&width=3840&quality=60)

