قبل أيام، كتبت عن كأس العالم 2014 في ذكراها العاشرة بمناسبة خروج البرازيل من كوبا أمريكا 2024 واستمرار معاناة السامبا منذ ذلك الحين، ولكن في مونديال البرازيل حين ذلك لم يكن الحدث فقط إخفاق صاحب الأرض وسباعية ألمانيا الشهيرة.
يتناسى الكثيرون بسبب تلك المباراة في نصف النهائي البطولة الاستثنائية التي عاشها هدافها خاميس رودريجيز رفقة كولومبيا حين سجل خمسة أهداف منها رائعة ضد الأوروجواي، وكان أفضل لاعبي المونديال وقتها، ولولا البرازيل نفسها لكان هو وكولومبيا ربما يصنعون الحدث ولكنهم ودعوا بربع النهائي في إنجاز غير مسبوق للكافيديروس.
عقب مونديال 2014 توقع الكثيرون أن خاميس سيكون هو النجم القادم في عالم الكرة، والانتقال الضخم إلى ريال مدريد مقابل تقريباً 80 مليون يورو عزز من تلك الصورة، ولكن بعد 10 أعوام شهدت حمله قمصان بايرن ميونخ، إيفرتون، الريان، أوليمبياكوس، ومؤخراً ساو باولو، عقب تجربة الملكي لم ينجح النجم الكولومبي في بلوغ المكانة التي توقع له الكثيرون أن يبلغها عقب صولاته وجولاته في كأس العالم.
تخيل عزيزي القاريء أن نابولي في 2018 إبان شدة تنافسه مع يوفنتوس بإيطاليا أراد ضم خاميس من ريال مدريد وتقديمه بنفس يوم انضمام كريستيانو رونالدو إلى يوفنتوس لمجرد الرد على خصمه اللدود، تلك كانت المكانة التي وصل لها صانع الألعاب الكولومبي ولكنه بقي في مصاف هؤلاء اللاعبين أصحاب المهارات والإمكانيات التي تمتع المشاهد ولكن لا تقنع المديرين والإدارات لمشاركته أساسياً أو بناء الفرق حوله، ومن هنا تراجع مشواره ليصبح مهمشاً في ميونخ ثم البحث عن العروض في أندية الصف الثاني في أوروبا والتحول نحو الخليج العربي، ثم العودة لأمريكا الجنوبية حيث اعتقد الكثيرون أنها بداية النهاية.
وكأن الأراضي البرازيلية هي ترياق الحياة لرودريجيز، يعود هناك وتعود له الحياة خصيصاً مع منتخب بلاده، خاميس قبل الكوبا هاجم البعض وجوده مع المنتخب بداعي تراجع مستواه وأن الفريق بمرحلة تجديد دماء وقد حان الوقت لاستبعاد القائد وإعطاء الفرصة لوجه جديد.
ولكن خاميس رد على الجميع في الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة، ليس فقط بقيادة "لوس كافيديروس" للنهائي متخطياً البرازيل وأوروجواي، ولكن بصناعة 6 أهداف ومسجلاً هدفاً، ومن خمس مباريات لعبها فاز بجائزة رجل المباراة في أربع، ليثبت ابن الثانية والثلاثين أنه حي بعد ويملك تلك اللمسة التي أبهرت العالم وقت فترته في بورتو وموناكو.
"13 عاماً انتظرت من أجل تلك اللحظة" .. كانت تلك كلمات خاميس وسط دموعه المنهمرة عقب الانتصار على الأوروجواي وبلوغ نهائي كوبا أمريكا الأول له في مشواره مع كولومبيا منذ ظهوره الأول في 2011، والآن سيكون على موعد ضد الأرجنتين الإثنين المقبل لكتابة تاريخ برفع الكأس التي رفعها قبله إيفان كوردوبا في 2001 للمرة الأولى بتاريخ البلاد.
في 2021 أنصفت كوبا أمريكا ليونيل ميسي وأعطته بطولته الأولى مع الأرجنتين، والآن نفس البطولة تنصف نجماً لاتينياً آخر وتعيد البريق لمسيرته عقب أن كان خاميس رودريجز في طي النسيان بالنسبة للكثيرين، ولكن أحياناً كرة القدم تكون عادلة وتكرم "سحرتها" بطريقتها وطرقها الخاصة.