بينما نحن نتحدث عن عهد جديد للكرة السعودية بالتزامن مع الإعلان الرسمي عن توثيق البطولات، ورؤية 2030 وثورة الانتقالات والاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2034، يظهر لنا من يعيدوا الوسط الرياضي عشرات السنوات للوراء!
بالأمس كان الإعلان الرسمي عبر مؤتمر صحفي عن آلية توثيق تاريخ الكرة السعودية، بعد عمل استمر لأكثر من عام من فريق عمل متكامل يضم ممثلًا من كل نادٍ، تلك اللحظة التي انتظرها المسؤولون والجماهير والإعلام وكل مهتم بالشأن الرياضي.
تلك الخطوة التي تأخرت لسنوات، وجعلت النقاش في البرامج حولها بدائيًا في كثير من الأوقات، خاصةً مع متابعة وسائل الإعلام الأجنبية للكرة السعودية في ظل ثورة انتقالات 2023.
لكن كيف استقبلها بعض الإعلاميين في الوسط الرياضي؟!..
في تلك اللحظات التاريخية دائمًا ما ينتظر المشجع من الإعلام أن يُسخر كافة إمكاناته لشرح الوضع من آليات اعتمد عليها فريق العمل، وكواليس الوصول للمرحلة الأخيرة من الإنجاز، خاصةً في قضية كتوثيق تاريخ 123 عامًا مرت من تاريخ الكرة السعودية وتصنيف بطولاتها.
البعض فعل بالفعل كبرنامج "أكشن مع وليد" الذي شرح بعض النقاط ولخّص الآليات حتى خالف الإعلان الرسمي للهلال بأنه حصل على 90 بطولة متنوعة، وأوضح أنه حصد 71 فقط وفقًا لمعايير فريق عمل لجنة التوثيق.
وهناك من لفت نظر فريق العمل إلى بعض القصور في عمله، لعل وعسى يتم تعديل بعض الأمور كما عدّل اتحاد الكرة إحدى بنود اللائحة التنظيمية لدوري روشن في بداية الموسم الجاري بعد إثبات البعض وجود عوار بها، كالإعلامي عبدالرحمن الفريح الذي أوضح أن لجنة التوثيق تلاعبت في مسميات بعض نسخ كأس الملك ما أثر على عدد بطولات البعض.
لكن فئة ثالثة اختارت أن تبتعد عن المنجز نهائيًا، وتتلاعب في ألقاب شرفية عُرفت بها الأندية قبل سنوات .. فئة تريد أن تمنح نادٍ واحد فقط ألقاب "الزعيم، الملكي، العالمي" وكل شيء ممكن!
أبرز ما قيل في هذا الشأن هي المطالب بسحب لقب الملكي من الأهلي ومنحه للهلال، بحكم أن الزعيم توج بتسع بطولات كأس خادم الحرمين الشريفين مقابل ثماني للراقي، بحسب آليات التوثيق بعدما كان الراقي الأكثر تتويجًا من قبل!
هؤلاء وضعوا أعينهم كذلك على لقب "قلعة الكؤوس" الخاص بالأهلي، و"فارس نجد" الخاص بالنصر، وغيرها.
فئة لا يوجد في قاموسها مبدأ "عندما يتكلم الجد، فليصمت الهزل"، فلا مجال للتلاسن وسط إنجاز تعريف أجيال على تاريخ ناديها وبطولاته.
بل أنها استفزت الكثير من العقلاء، حتى تمنوا لو أن لجنة التوثيق لم تعلن عن نتائج مشروعها بعد، كي يبقى قلب الحوار متركزًا حول تاريخ البطولات، ورصد كل فئة لواقعة تاريخية تثبت بها أحقيتها في بطولات داخل الملعب، وتبقى الأجيال تتعرف أكثر وأكثر عن وقائع قديمة لم تعشها .. على الأقل كان الحوار سيكون أكثر نفعًا من رد الفعل المخزي هذا على نتائج التوثيق من البعض!
فإن كان الحديث عن البطولات يحتمل القيل والقال في ظل عدم تصنيفها على مدار 123 عامًا، هناك ثوابت تاريخية لا تحتمل أي هزل..
فرغمًا عن أنف تلك الفئة .. سيبقى الهلال هو "الزعيم" كونه الأكثر تتويجًا بالبطولات من بين أندية المملكة وهيمنته المحلية، وسيظل الأهلي هو "الملكي" بصفته النادي الوحيد الذي تسلم كأس خادم الحرمين الشريفين من يد كافة ملوك المملكة السعودية (الملك سعود بن عبدالعزيز، الملك فيصل، الملك خالد والملك سلمان).
وسيحافظ النصر على لقب "العالمي" كونه أول نادٍ سعودي يشارك في كأس العالم للأندية من بين أندية المملكة، فيما سيبقى الاتحاد "زعيم السعوديين في آسيا" باعتباره أول نادٍ في المملكة يتوج بدوري الأبطال لعامين متتاليين (2004 و2005)، وهو الإنجاز الذي فشل غيره في تحقيقه حتى يومنا هذا.
وأخيرًا همسة في أذن هؤلاء: "لكل مقامٍ مقال، وتوثيق البطولات لا يحتمل هزلكم وتفريع المواضيع في تلاسن لا يفيد"!
