محمد أيمن حبيب فيسبوك
الإصدار السريع بحجة النُضج العقلي باتت منتشرة، وكأننا لا نفهم، أو كأننا لا نعرف متى تُصدَر الأحكام، بجانب نظرية المبالغة في الأفضلية لشيء على آخر هما أسوء نظريتان في الفترة الأخيرة، تجد هذا وذاك يُصدرا الأحكام العمياء على مدرب لعب 270 دقيقة في موسم كامل، لن ينجح أو سينجح، تلك ليست المشكلة، المشكلة في الإصدار من الأساس.
ذات الأمر قد تجده منتشرًا على الاختيار الفلسفي للأمور المتبوعة للفِكر والإرث الكروي لدى لوبتيجي، الأمر الذي يُعطيك المؤشر الأخضر لمعرفة أن التطبيق الفلسفي والسيطرة على ديناميكيات الشيء المُسيطَر عليه يحتاج للوقت، ليس فقط للانسجام أو التطبيق الفعلي الناجح، بل لإصدار الأحكام والتي تكون في ذلك الوقت مُرتَبة على أُسس موضوعية مُجردة من أي تَخبُط فِكري ناتج عن تَسرُع أعمى!
لن أقول إن لوبتيجي سيعتمد على خطة بعينها لأن المكان مختلف عما سبق، لكن هناك عِدة أمور لن يخرج عن تطبيقها، أولها الضغط العالي الذي تميز به إما في بورتو أو المنتخب الإسباني، والأمر الثاني هو تطوير الشباب، خصوصًا وأن الشباب في ريال مدريد هم الأفضل في إسبانيا بجانب بعض الأندية، وخصوصًا أيضًا أن الأسلوب لدى الشباب في كيفية لعب الكرة تشعر وكأنه متأصل من الفِكر الكروي الأساسي لـ لوبتيجي.
كيف يطبق لوبتيجي الضغط العالي؟
السيطرة المركزية على خطوط وأطوال وعروض الملعب هي الأهم في تطبيق ذلك الفِكر، البُعد في النظر في حالة فقد الكرة أهم من التفكير فقط في كيفية الضغط العالي ذاته؛ لأنه ماذا سيهمني إن طبقت الضغط العالي وبعد ذلك تم قطع الكرة وأصبحت مرتدة للخصم؟




لذلك لوبتيجي يعتمد على الضغط من الأمام، في إسبانيا حين كان يلعب بخطة 4-3-3 كان ثلاثي الأمام يحجز عمق الملعب عند البناء من قلبي دفاع الخصم، و الطرفين يحجزا تقدم ظهيرا الخصم؛ لا يفعل ذلك فقط لعدم اختراق لاعبي الخصم لخط الضغط الأول لمدريد، بل أيضًا للكثافة العددية التي سيُقابلها لاعبوا الخصم في الوسط و في أطراف الملعب، قد تجد حتى أن الخط الهجومي لا يطبق الضغط بالاندفاع المطلوب، لكن تجد الامتلاء المركزي موجود في مربعات و خطوط الملعب و التي تُفيد أيضًا في تقليل فرص التمرير أو التصرف لحامل الكرة من الخصم.
انتهاج أسلوب الضغط العالي من قِبَل لوبتيجي له عامل أيضًا من أجل خلق مساحات خلف دفاع الخصم ثم استغلالها بإرسال تمريرات طولية، هذا ما حدث أمام الأرجنتين بارتداد تياجو ألكانتارا بين قلبي الدفاع ثم إرسال راموس التمريرة الطولية خلف الدفاع.
الأمر الآخر والأهم كما ذكرت هو تطوير اللاعبين، وجود لاعبين مثل فينسوس الذي أتى ليكون نجم شاب جديد لمدريد ووجود سيبايوس ويورينتي اللذان سيزاحمان كاسيميرو سيكون له عامل قوي في التطوير، وأقولها وأنا مُصِر على رأيي من وقت التعاقد مع سيبايوس ويوريني – خاصة أنهما مناسبان تمامًا لأسلوب لوبتيجي -في أنهما سيزاحمان كاسيميرو على المركز الأساسي.
لكن حقيقةً الشباب الدفاعي أرى أنه عاديًا، الفريق يحتاج التدعيم كقلب دفاع شاب جيد في وجود فاران وراموس وناتشو؛ حتى يكون جاهزًا للعب بشكل أساسي وخلافتهم، أو حتى لاعب سوبر لا يتعدى 24 عام.
Gettyفي إسبانيا كان يعتمد لوبتيجي على خطة 4-3-3، في ارتكاز وإثنين محاور واحد منهما يتقدم كلاعب حر للتمرير الطولي والقُطري والعرضي والقصير بين الخطوط لفتح اللعب، يكون ذلك اللاعب هو تياجو ألكانتارا، وإنيستا كلاعب طرفي له الحرية المركزية، مع بوسكيتس العنصر الأول في البناء، وبمجرد بداية نقل الكرات يتقدم الظهيران ويعود ثنائي الارتكاز لتغطية الطرفين.
ينشأ بعد ذلك خطوط هجومية تعتمد أولًا على الامتلاء المركزي، الظهيران يتحركان كأجنحة ويمرران بكل أنواع التمرير سواء خلف المدافعين أو في العمق الدفاعي أو في المنطقة، أو حتى يشاركا في اللعب الأرضي، ويتقدم الأجنحة الفعلية في العمق، الأمر الذي يُعطي التكليف الهجومي المتنوع بأكثر من خط هجومي، وفي نفس الوقت الفريق جيد دفاعيًا في تغطية المساحات من الخلف.
جيدًا ذلك الأمر في نقطة هامة جدًا وهي التشتت الدفاعي في عمليات الرقابة، التنوع الخطي والمركزي من قبل لوبتيجي يُشتت الخصم في المراقبة لكل تلك الخطوط، وهو الأمر الذي يجعل اللامركزية مُحكَمة في المناطق الأقل رقابة من الخصم، تجد حتى إنييستا كثيرًا ما يتقدم كجناح أيسر، أسينسيو يدخل في العمق، موراتا يتطرف، إيسكو يكون جناحًا ويتوغل في العمق، حتى أن راموس في بعض أوقات المباراة يكون ارتكاز لأنه جيد في عملية البناء والتمرير!
كثيرًا أيضًا ما يكون على الجانب الهجومي تمركز جيد للاعبين لخلق أكبر قدر ممكن من حلول التمرير، تجد قلبا الدفاع يتمركزا على يمين ويسار منطقة الجزاء، فيما يتواجد ثنائي من ثلاثي الوسط على خط المنطقة في العمق ومن خلفهم اللاعب الثالث، ومعه يتحرك لاعب عمق صانع (سيلفا) كلاعب رابع لخلق التفوق العددي في منطقة عمق وسط الملعب، وكذلك توسيع المساحات في خطوط المنافس عن طريق فتح عرض الملعب بالثنائي الهجومي؛ حيث يتحرك رودريجو في المساحة على الجانب الأيمن التي تركها سيلفا، ويتواجد إيسكو أقصى الجانب الأيسر.
تلك النقطة تحديدًا تفتح النقاش حول نقطة شراء رودريجو والتي يُعارضها كثير بل معظم مشجعي مدريد قبل رفضها بشكل تام من بيريز.
المشكلة الأكبر في مدريد بجانب عدم وجود مهاجم قناص في الفريق هي الارتداد الدفاعي، وبعدها المساحات بين الوسط والخط الدفاعي، وهي أيضًا مشكلة كان يُعاني منها لوبتيجي مع إسبانيا، تلك لا تتضرر على المستوى الدفاعي فقط، بل تجبر أحد قلبي الدفاع على تغطيتها بالتقدم وبالتالي تظهر خلفه ثغرة أخرى.
يجب أن يُركِز لوبتيجي على تلك الثغرة وحلها، ونقطة الامتلاء المركزي التي شرحتها حلًا ممتازًا لتلك الثغرة أيضًا.
لوبتيجي ينتصر أو ينكسر؟ الأيام ستُظهِر الإجابة، مشروع جديد لمدريد بفلسفة إسبانية، ننتظر ما سيفعله لوبتيجي مع ذلك المشروع الكبير، انتهى المقال.
_jus