ليونيل ميسي أم كريستيانو رونالدو؟ السؤال الذي أتاح للجميع فتح الباب للنقاش والتناظر بل حتى وصل إلى شجار وخلاف وقطيعة وكأنه صراع حق وباطل!
النقاش بدأ بين من الأفضل في الموسم ومن يستحق الكرة الذهبية ثم تطور تدريجيًا حتى أصبح من الأفضل بين الثنائي عبر مسيرته ثم أنّ الأفضل في تاريخ كرة القدم لن يخرج بين البرغوث وصاروخ ماديرا وعليك الاختيار الآن.
ورغم أنّ حدة المقارنة خفت قليلًا بعد أن بلغ الثنائي من العمر أرذله، لكن لا يزال النقاش دائرًا حول الأفضل بينهما، إلا أنّه في حقيقة الأمر لا يوجد مقارنة من الأساس والأمر فقط من افتعال وسائل الإعلام وجمهور مواقع التواصل الاجتماعي.
فالحقيقة التي لا تحمل مجالًا للشك أنّ ليونيل ميسي فلتة من فلتات كرة القدم ولن يتكرر أبدًا على مستوى الفنيات، أما أي لاعب آخر في هذا الجيل فقد يكون عظيمًا لكن لن يصل لقيمة البرغوث أبدًا.
قد يبدو الأمر تحيزًا عاطفيًا من مشجع لبرشلونة، لكن الحقيقة أنّ كل شيء يثبت ذلك إلا أنّ الجمهور العاطفي يقرر التغاضي عن الدلائل لإقناع نفسه بتفوق كريستيانو رونالدو، لن تصدقني؟ إذًا اقرأ واطلع!
المقارنة العوراء
في البداية أود التوضيح أننا لا ندعي في هذا المقال أنّ كريستيانو رونالدو لاعبًا متواضعًا أو بسيطًا، بل العكس تمامًا هو أحد أفضل اللاعبين عبر تاريخ الساحرة المستديرة، ولو استبعدنا ميسي من المشهد سيصبح الأفضل دون شك خلال القرن الحالي، لكنّ فقط المقارنة بينه وبين ليو حول الأفضلية مجرد هراء محض.
طالع كل الآراء التي تضع كريستيانو في المقدمة، ستجد المؤمنين بهذا يستدلون على تفوق رونالدو بأمرين لا ثالث لهما، الأول يظهر في الملعب ومتعلق بعدد أهدافه والثاني مرتبط أكثر بالعبارات الغامضة في كرة القدم مثل الشخصية والقوة النفسية والكاريزما وغيرها من الأمور.
إذًا رونالدو على أرض الملعب يتفوق على ميسي فقط في عدد الأهداف، وصحيح أنّ ليو يمتلك معدل تهديفي أعلى، وصحيح أنّه أصغر عمرًا، وصحيح أنّه الأكثر حصولًا على جائزة هداف الموسم في الدوريات الخمس الكبرى (الحذاء الذهبي) والأكثر في الدوري الإسباني، لكن كريستيانو سجل في الإجمالي أكثر منه.
كما أنّ رونالدو أيضًا استفاد من شعبية دوري أبطال أوروبا عند الجماهير، فكونه الهداف التاريخي للبطولة وكذلك الهداف التاريخي لمنتخبات كرة القدم ثم بعدها الهداف في المطلق وضعه في القمة.
Pressbox/Gettyولن نناقش هذا الأمر لأنّه لا داعي للنقاش، فميسي ينافس بقوة في عدد أهدافه ورونالدو تفوق، ويكفي أنّ من بين من سجلوا 700 هدف أو أكثر في مسيرتهم لا يوجد في هذه القائمة من الجيل الحالي سوى ميسي ورونالدو فقط.
لكن دون ذلك من المهارات الفنية في كرة القدم مثل القدرة على صناعة الفرص وحمل الكرة لمناطق الهجوم وصناعة الأهداف والمراوغات الناجحة والرؤية والتمريرات الكاسرة للخطوط والتخلص من الضغط وكل إحصائية هجومية في مواقع الإحصاء تحمل تفوقًا واضحًا لميسي.
إذًا لو المقارنة بين الهداف فهناك منافسة واضحة تفوق فيها رونالدو، لكن الأفضلية الشاملة للاعب فميسي لا يمتلك منافسًا قادرًا على التفوق كهداف وصانع لعب وحتى في مراكز مختلفة في الوسط مثله.
حتى الشمولية ربطها البعض بتعدد قدرة رونالدو على تسجيل الأهداف عكس ميسي الذي يسجل عادة بقدمه اليسرى فقط، لكن – حتى لو كان هذا صحيحًا – فهو تفوق للمهاجم وليس للاعب الأفضل على الإطلاق!
دعونا نخلق بطلًا
حينما تتوقف المقارنة الفنية يتم صناعة الأوهام بعبارات قد لا يعرف البعض معناها حتى، ووضعها ضمن لائحة المقارنات.
فرونالدو يمتلك شخصية أفضل ولا ينهار تحت الضغط ولا يستسلم وقائد في الملعب وووووووو
وكلها أمور خارج الملعب لا نعرف تفاصيلها، لكن ميسي هو من وصل لنهائي بطولة قارية 4 مرات دون تحقيق أي لقب، وحينما عبّر عن احباطه باعتزال سريع ثم تراجع وعاد في 2021 ليحقق كوبا أمريكا لم يتحدث أحد عن عدم استسلامه.
وحينما قاد ميسي برشلونة منفردًا خلال حقبة إرنستو فالفيردي وصنع من لاعبين متهالكين فريقًا منافسًا لم يتحدث أحد عن شخصيته القيادية.
وحينما نشرت صحيفة "ذا أثليتك" مقالًا تتحدث عن رفض غرفة ملابس مانشستر يونايتد الاستماع إلى رونالدو لم يقلل أحد من شخصيته القيادية، وحينما أكدت كل المصادر رغبته ترك الفريق الإنجليزي الذي لن يلعب في دوري أبطال أوروبا لم يتحدث أحد عن استسلامه وهروبه من المعركة!
الأمر هنا دعاية فقط، فجمهور رونالدو قادر على خلق أي سبب لجعله الأفضل خاصة بعد أنّ تفرغ اللاعب وعائلته للكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي لتنصيبه الأعظم على الإطلاق.
رونالدو فتى الحي
بعيدًا عن العاطفة التي صنعت التنافس بين ميسي ورونالدو بوجود الأول في برشلونة والثاني في ريال مدريد فاستفاد كل منهما من المنافسة التاريخية لقطبي إسبانيا، إلا أنّ هناك سبب أخير يجعل البعض يفضل رونالدو.
رونالدو يجعلك تشعر أنّه فتى الحي المتواضع الذي لا يمتلك كثيرًا لكنّه حاول وقاتل ونافس ليضع نفسه رأسًا برأس أمام الفتى الغني الذي ورث عن عائلته المال والجمال فأصبح عظيمًا دون مجهود يذكر.
البعض يرى أنّ ميسي وصل لما وصل إليه بالموهبة فقط ووصل إلى برشلونة مبكرًا ليتطور في فريق كبير، بينما رونالدو شقّ مسيرته وسط الصعوبات والمستحيلات ليصل إلى القمة.
ورغم أنّ هذا قابل للنقاش والدحض لكنّه سبب وجيه لتفضيل رونالدو لكنّه يبقى أمرًا خارج الملعب ولا ينفي حقيقة أنّ ميسي يقدم أضعاف ما يقدمه.
وجاءت النهاية لتؤكد ذلك، فميسي الذي قد يعتزل بعد كأس العالم تمامًا مثل رونالدو لا يزال يحصل على راتب ضخم، وكان مطلوبًا من أكثر من فريق قبل رحيله عن برشلونة، وحاول النادي الكتالوني الإبقاء عليه ولا يزال يحلم بعودته.
Pressbox/Gettyبينما رونالدو عرض نفسه على كل الفرق الكبرى ولم يقبله أحد، وتمرد على مانشستر يونايتد للركض وراء سراب المجد الشخصي الذي لن يحققه له أحد.
رونالدو فتى الحي الطيب تحول إلى شخص يبحث فقط عن مجد شخصي وتقدير من الجميع وإرضاء لغروره لكن ميسي هو الفتى الذي يلعب ويستمتع ولا يبالي بكل هذا، فمع الوقت أصبح الأول منبوذًا والثاني أسطورة!
اقرأ أيضًا:
بالأرقام .. من الأفضل ميسي أم رونالدو؟
لا تندهشوا إن رحل رونالدو عن مانشستر يونايتد، فهو الهارب من السفن الغارقة!