لا يمر ستوديو تحليلي يخص مباراة طرفها الزمالك يمر إلا وتُطرح قضية مستوى نجم الوسط التونسي فرجاني ساسي وما يُقال عن هبوط مستواه مقارنة بما كان عليه تحت قيادة كريستيان جروس، أو تحديدًا قبل الإصابة.
الأمر لم يصل حتى الآن لدرجة الانهيار الكامل، فنحن لا نزال في بداية الموسم على أي حال، لكن المستوى الذي قدمه ساسي مع تونس في ودية الكاميرون ولمساته المميزة دفعت جماهير القلعة البيضاء للتساؤل حول سر عدم تقديمه نفس المستوى مع الزمالك.
بالتأكيد اللاعب هو نفسه، لكن الشيء المتغير هو توظيفه والمهام الموكلة إليه.
وللتعمق أكثر في الإجابة يجب أن نعود لفترة الزمالك مع جروس ونسأل لماذا تألق ساسي في صناعة اللعب والتمريرات الرائعة البينية وما إلى ذلك؟
هذا يعود في المقام الأول لشكل الزمالك مع كريستيان جروس، فعلى الورق كانت طريقته ثابتة 4/2/3/1، لكن الأدوار داخل الملعب كانت مختلفة، بحيث تكون أقرب إلى 4/1/4/1 هجوميًا، وهذه هي الطريقة التي حاول تطبيقها في مباراته الأولى أمام بتروجيت "بشكل بحت" ولم تؤتي بالنتيجة.
ساسي مع جروس كان يجد المساحات للتقدم وصناعة اللعب
أوباما الذي كان يشغل المركز رقم 10، كان يتقدم ليشغل مركز المهاجم الثاني، ومن ثم يجد ساسي المساحة ليتقدم للمركز رقم 10 ويصبح هو صانع الألعاب الوهمي، كان دور ساسي مزيج من دور اللاعب رقم 8 و10 (كما توضح الصورة أعلاه).
مع تقدم أوباما للعمق الهجومي كان يجد ساسي المتنفس والحرية لتوزيع التمريرات كما يحلو له، ناهيك عن حرية التقدم التي كان يمنحها له جروس.
من هنا عرف منتخب تونس كيف يستفاد من ساسي "كصانع ألعاب عميق" كما كان يستخدمه جروس، وبالعودة لمباراة تونس وكما توضح الخريطة أدناه، فمنذ الدقيقة 38 من الشوط الأول تحول ساسي من لاعب وسط إلى لاعب رقم 10 صريح.
ساسي تحول للمركز رقم 10 منذ الدقيقة 38 (المصدر Instat)
من هنا تواجد ساسي في المنطقة المفضلة له وبات أقرب لمنطقة صناعة اللعب والثلث الهجومي الأخير، فاخترق في إحدى الكرات منطقة جزاء الكاميرون وتلاعب بمدافعيهم وتحصل على ركلة جزاء.
وللوهلة الأولى تتذكر هدفه المميز في شباك جور ماهيا في الكونفدرالية الموسم الماضي مع جروس، والسبب واحد، أن ساسي كان بمثابة رقم 10 وهمي ويمتلك حرية التقدم.
خريطة تمريرات ساسي تُظهر تواجده أكثر في الثلث الهجومي الأخير (المصدر Instat)
لكن ماذا تغير في الزمالك؟ كما قلنا الذي تغير هو اختلاف أسلوب لعب الزمالك ومهام ساسي ومهام بعض اللاعبين الأخرين.
كيف؟ ساسي لم يعد يجد المتنفس للتقدم للمركز رقم 10 لأن هناك تخمة من اللاعبين، فبنشرقي يتمادى في الدخول للعمق وبات هو من يقوم بدور المهاجم الوهمي الثاني، وبالتالي أوباما يثبت كثيرًا خلف المهاجم وأيضًا شيكابالا عندما يلعب يتمادى للدخول للعمق للسماح للنقاز بالصعود.
هنا لا يجد ساسي أي فرصة للتقدم، ناهيك أن ميتشو لا يعطيه تعليمات بالصعود كثيرًا، وبالتالي بات دور ساسي محدود إما بالتسلم من الدفاع (لذلك ستلاحظ أنه أكثر لاعب في الزمالك يُمرر لأنه يعتبر الآن الموزع الأول للكرات) ومن ثم لأوباما وشيكابالا وبنشرقي أو إرسال التمريرات الطويلة خلف ظهيري الخصم، أو بمعنى أدق فأدوار ساسي بات أكثر في الثلث الأوسط من الملعب.
مرة أخرى يجب الإشارة إلى أن ساسي لم يصل لدرجة الانهيار الكامل، ففي كل الأحوال أرقامه حتى اللحظة طيبة بصناعته 10 فرص منذ رحيل جروس إضافة إلى تمريرة حاسمة واحدة.