انتهت قمة الهلال والاتحاد المؤجلة في الدوري السعودي بانتصار الأول بهدفين مقابل هدف واحد بعد لقاء مثير وممتع من الطرفين، ليُقلص الفارق في الصدارة إلى 11 نقطة مع امتلاكه مباراتين مؤجلتين.
الهلال لم يسرق الفوز، بل استحقه تمامًا، والاتحاد لم يُقصر أبدًا، بل قدم مباراة عظيمة مقارنة بظروفه الصعبة، وعمومًا كان لقاء يليق بكلاسيكو السعودية ويجمع بالفعل أقوى وأفضل فريقين في الدوري السعودي هذا الموسم.
اقرأ أيضًا | هل يستطيع أحد هزيمته؟ .. التشكيل المثالي لأجانب الدوري السعودي
الآن إلى بعض النقاط الفنية والتحليلية حول اللقاء ..
شخصية سعود عبد الحميد .. تُدرس!
أبدأ بالإشادة بالمدافع الشاب سعود عبد الحميد، الذي أظهر شخصية قوية جدًا وعقلية رائعة في رد فعله على صافرات استهجان جماهير الاتحاد ضده قبل اللقاء، فقد قدم أداءً قويًا وأثبت من جديد أن أفضل رد على الجماهير هو ما يحدث في الملعب.
أي لاعب بدل سعود كان إما سيكون تائهًا في اللقاء تأثرًا بالضغوطات وتلك الصافرات، وإما عصبيًا جدًا ومستفزًا وغالبًا ما يُغادر بالبطاقة الحمراء أو يرتكب العديد من الأخطاء، لكن الظهير الأيمن ورغم صُغر عمره قدم مباراة كبيرة جدًا دفاعًا وهجومًا، احتوى فهد المولد تمامًا وساعد الهجوم بانطلاقات جيدة، وإن عابه اللمسة الأخيرة في الكثير من الهجمات.
ما فعله عبد الحميد اليوم يجب أن يكون مثالًا يُدرس للاعبين الناشئين والشباب في كيفية مواجهة الضغوطات والرد في الملعب، يُذكرنا بما فعله عبد الرزاق حمدالله برده القوي على تصريحات تاليسكا نجم النصر خلال مباراة الفريقين في الملعب.
دي ماريا الهلال ... دياز يقتبس فكرة أنشيلوتي
هل تذكرون ريال مدريد موسم 2013-2014؟ حين اخترع كارلو أنشيلوتي مركزًا جديدًا لآنخيل دي ماريا نجم ريال مدريد ونقله من الجناح إلى وسط الملعب، رامون دياز اقتبس الفكرة ذاتها اليوم بتوظيفه لأندريه كاريلو في الوسط.
النجم البيروفي لعب مباراة ممتازة وساعد منظومة الهلال الدفاعية بامتياز في الوسط، خاصة باستخدام قوته ولياقته البدنية المرتفعة، وقد ساهم هجوميًا كذلك لكن ليس كما كان يفعل دي ماريا مع الريال موسم 2013-2014 وكان سببًا مهمًا في تتويجه بدوري أبطال أوروبا بانطلاقه على الطرف وتحوله من الوسط للجناح ليخدع الدفاع المنافس، بل بطريقة مختلفة نسبيًا وهي بالتنوع بين التوغل من العمق الأيمن في المساحة الفارغة بين موسى ماريجا وأوديون إيجالو، أو أحيانًا كجناح أيمن أمام سعود عبد الحميد مع دخول ماريجا لعمق الهجوم.
الفكرة ذكية جدًا ونجح كاريلو في تنفيذها جيدًا، لكن ربما مع امتلاك لاعبين مثل محمد كنو وناصر الدوسري لا يحتاج الهلال لتلك الخطوة كثيرًا، والأفضل للبيروفي أن يلعب كجناح أيمن حقيقي لأنه نقطة قوة كبيرة للزعيم هنا.
كونترا رائع .. لكن هناك فارق بين الأصلي والتقليد
الشيء الأصلي، سواء كان حذاء أو قطعة ملابس أو هاتف أو غيره، مرتفع السعر عادة، لكنه يبقى مختلفًا في جودته عن التقليد .. وهكذا الوضع في كرة القدم، فاللاعب الكبير النجم الأساسي سعره عالٍ وراتبه مرتفع، لكنه مختلف في جودته عن البديل صاحب التكلفة المنخفضة.
الاتحاد واجه كل ظروفه الصعبة وانتصر عليها، لكن الواضح أن روح اللاعبين وحماسهم وأداء المدرب كوزمين كونترا التكتيكي الرائع كان كافيًا لهزيمة أي منافس في الدوري السعودي، إلا الهلال! وهذا طبيعي جدًا بالنظر لقوة بطل آسيا والأسماء الكثيرة ذات الجودة المرتفعة في صفوفه، سواء المحليين أو الأجانب.
كونترا لعب مباراة ممتازة اليوم، والاتحاد يُشكر جدًا على أدائه القتالي والحماسي والفني في الملعب، ورغم أن الهلال كان أفضل بشكل عام لكن العميد كان قادرًا على خطف التعادل إن وفق مهاجموه في فرصهم السهلة، ومن هنا ننتقل للحديث عن الأصلي والتقليد.
مع كامل الاحترام لهارون كمارا، لكنه تقليد مقارنة بالأصلي حمدالله، وكذلك الوضع مع عبد العزيز البيشي مقارنة بكورونادو، وبعبد الإله الحافظ مقارنة بأحمد حجازي، وحتى فهد المولد، بمستواه الحالي، مقارنة بعبد الرحمن العبود ... الأرقام أعلاه الخاصة باللاعبين الأربعة اليوم تؤكد الأمر.
الفارق في جودة اللاعبين اليوم بين الهلال والاتحاد كان بالضبط هو الفارق بين الأصلي والتقليد، بين إيجالو وكمارا، بين الدوسري والمولد، بين جانج والحافظ ... هذا الفارق هزم روح وحماس لاعبي الهلال وقوة أداء مدربهم كونترا.
قوة كونترا لم تكن فقط بالأداء الفني على أرض الملعب، بل الملاحظ لأداء اللاعبين الحماسي والقتالي على مدار شوطي المباراة يُدرك تمامًا أن قوة تأثير كلمات المدرب بين الشوطين على أداء اللاعبين وروحهم وقتالهم وحماسهم وتركيزهم وحضورهم الذهني .. وهذا كان سر الأداء القوي في بداية الشوط الثاني وعديد المباريات السابقة.
البند السري في عقد ماريجا
نعلم جميعًا أن ماريجا هو مهاجم رقم 9، أي مهاجم بونتا أو متمركز داخل منطقة الجزاء، وقد انتقد الجميع المدرب السابق ليوناردو جارديم لإشراكه في دور المهاجم الطرفي أو الجناح الأيمن لأنه لا يُجيده أبدًا ويظلمه ويظلم الهلال معه.
دياز اليوم كرر الأمر ذاته، أشرك ماريجا كمهاجم طرفي ضمن طريقة لعب 4-3-3 رغم تواجد كاريلو جاهزًا وهو الأنسب لهذا الدور، ورغم وجود كنو جاهزًا ليلعب في الوسط!
هذا الأمر يدعنا نتساءل .. هل هناك بندًا سريًا في عقد ماريجا يُجبر الهلال على إشراكه أساسيًا؟ لأن البديهي أن يكون ماريجا هو المهاجم البديل لبافتيمبي جوميس ومن ثم إيجالو، لكن جارديم وبعده دياز يُحاولان فرضه على التشكيل بإشراكه في الطرف لأنهما ببساطة لا يستطيعان جعله المهاجم في ظل وجود الفرنسي والنيجيري، هل هما لا يستطيعان وضعه على الدكة؟ سؤال يستحق الإجابة منهما.
ماريجا يجتهد في مركزه ويُحاول تقديم أفضل ما لديه لكنه لا يمتلك ما يقدمه هنا! قوته داخل منطقة الجزاء واستخدامه خارجها إهدار له وإساءة للفريق، ولعل أرقامه الظاهرة أعلاه خلال مباراة اليوم خير دليل، فهو لم يُقدم أي بصمة هجومية تقريبًا.
أخيرًا ..
أخيرًا فاز الهلال باستحقاق وجدارة لأنه كان الأفضل جُل لحظات المباراة، لكن كل التحية للاتحاد ورجاله ومدربه وجمهوره لأنهم كافحوا كل ظروفهم.
الاتحاد يبقى الأقرب للقب الدوري، لكن الهلال دخل المنافسة بقوة وأدخل معه الشباب والنصر، لذا الحذر واجب من أبناء العميد، والمهم لنا كمتابعين أننا سنتابع جولات متبقية نارية في الدوري السعودي.




