صوت في الخلفية لجماهير الأهلي: "مش قادر أوصفه .. حبي ليك يا أهلي .. الموت هايوقفه"
الأول من فبراير من عام 2012. مباراة بين المصري البورسعيدي والأهلي ضمن لقاءات الدوري المصري لكرة القدم، تحولت إلى مذبحة كما يصفها الكثيرون الآن. وتحول ستاد بورسعيد من معقل مباراة لكرة القدم، إلى ساحة أعمال شغب غير عادية.
وبسبب غياب الإجراءات الأمنية اللازمة وعمليات التفتيش أثناء دخول الجماهير المباراة، وإغلاق قوات الأمن بوابة الملعب أمام جمهور الأهلي، حدثت الكارثة.
معلق المباراة وقتها على القناة الناقلة، أحمد شوبير: " الملعب تحول إلى سوق عكاظ. دة مش منظر ملعب كورة، دي سويقة. اعتداء على الكابتن سيد عبد الحفيظ، واللي بيحاول يخلصه الحقيقة هو الكابتن إبراهيم حسن. دي مش أجواء كرة قدم. آلاف مؤلفة في أرض الملعب بشكل يخض بشكل مرعب جدًا"
الجماهير عادت إلى القاهرة في عربات مدرعة، لينتظرهم الآلاف من الأهالي والشباب المنتمي لروابط تشجيع الأهلي والزمالك، مرددين هتافات منددة بما حدث، ومطالبة بالقصاص.
وكيل وزارة الصحة - وقتها - هشام شيحة قال إن الإصابات كلها كانت مباشرة بآلات حادة في الرأس.
أخت أحد الضحايا كريم خزام في تصريحات تليفزيونية: " انت كنت أحسن أخ، ماكانش في حد زيك. كنت دايما بقول مش هاقدر أعيش من غير أخويا. بعدين جه اليوم بقى اللي خلاص يعني. يا إما أعيش لوحدي يا إما ما أعيش بقى "
أحد شهود العيان من جماهير الأهلي الذي رفض ذكر اسمه، أكد في تصريحات خاصة أن حالات وفاة عدة كانت بسبب إصابات بآلات حادة (التصريحات مسجلة صوتيًا):
"الحكم صفّر، الناس نزلت، النور اتطفى، أغنية حكيم اشتغلت كله يرقص، ابتدت الناس تطلع ع المدرج الباب كان ملحوم. كان في واحد منهم برة اسمه يوسف، يوسف بيكسّر القفل، الباب وقع على يوسف، الله يرحمه.
"كان في شماريخ اتحدفت، حوالي 50 واحد أو 45 واحد ماتوا باختناق بسبب الشماريخ، بقية الناس اللي كانت طلعت بقى فوق في ناس منهم ماتت بالشنق زي أنس، في ناس اتحدفت من فوق، في ناس اتضربت بأسلحة بيضاء، الأمن طلع فض المشكلة بعديها بنص ساعة مثلًا".
"جمهور المصري اللي هو الأداة، مدير الأمن، مسئولي الاستاد، المسؤول اللي طفى النور واللي قفل الباب، كل دول كانوا مسئولين عن تأمين المباراة. بورسعيد كلها أساسا حافظين بعض ماتقوليش بلطجية. جمهور المصري عارف كويس أوي مين اللي عمل".

"الحكم صفر، الجماهير بدأت تنزل الملعب مشهد غريب جدا، الأمن كله بيسيب المكان اللي قدام جمهور المصري وبيوسع وبيفتح المجال، طبعا جمهور الأهلي لما شاف المنظر دة الناس نزلت ع الباب، مساحته إن هو مثلًا يعدي منه عشرة أفراد أو عشرين نفر، ينزل عليه مثلا حوالي 2000-3000 واحد. حالات التدافع دي أدت للموت والاختناق".
"المدرج الغربي دة الباب بتاعه مابيتفتحش خالص مرة واحدة كان الباب مفتوح. كبير الأطباء الشرعيين قالوا إن حالات الموت كلها نتيجة التدافع. الإعلام مصور للناس إن الناس طلعت رمت فوق، وناس طلعت خنقت، وناس طلعت ضربت سكاكين لغاية ما موتت، الطبيب الشرعي مالقاش حاجة من دي خالص".
"مفيش فيديو في الفيديوهات كلها اللي طالعة واحد قاتل واحد بكوفية ولا واحد بيضرب واحد لغاية أما موته. في كاميرات اللي هي بتاعة الاستاد كاميرات المراقبة، النيابة بقى جايبه ايه؟ قطعت الفيديو على مزاجها. يعني هم بعد ما رفعوا اليافطة الناس اللي في الملعب دي طبعا يافطة بلد البالة ماجابتش رجالة".

ولكنه اتفق مع مشجع الأهلي في رواية الوجوه الغريبة:
"بس أنا أقدر أقولك في أشكال غريبة كانت موجودة في الاستاد فعلًا. يعني تقدر تقول 10-15 سنة بخش المدرج ده، وعارفين أغلبية الناس وعارفين أغلبية الأشكال".
" فكرة إن واحد يقتل واحد دي مستحيلة جدًا. أنا بس اللي عايز أوصله ليهم انت دلوقتي فعلًا في ناس عندك ماتت وناس عندك يعني إن شاء الله ربنا يرحمهم ونحسبهم شهداء، بس في ناس هنا ف بورسعيد برضه ماتت، ماحدش أخد حقه ولا ماديًا ولا إعلاميًا ولا أي حاجة".
أما مجلس إدارة النادي المصري برئاسة كامل أبو علي فتقدم باستقالته، وأصدروا بيانًا رسميًا أكدوا فيه على مسؤولية قوات الأمن عن تأمين مباريات الدوري، وأن ذلك كان شرط الأندية للموافقة على عودة المسابقة بعد الثورة.
روابط مشجعي النادي المصري أعلنت الحداد، واستنكرت ما حدث.
صفحة جديدة من القضية كانت بعد عام تقريبًا، عندما قضت محكمة جنايات بورسعيد بإحالة أوراق 21 من المتهمين الـ 73 في الواقعة إلى المفتي.
أحداث عنف اندلعت في بورسعيد بمحيط السجن المحتجز فيه المتهمون، نتج عنها مقتل 53 مواطنًا.
والد أحد الضحايا في تصريحات تليفزيونية: " ابني كان مثال صالح، وهذا قضاء الله وقدره. ماكنتش تستاهل يابني موته زي دي، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
في الخلفية .. صوت جماهير الأهلي تهتف: " يوم نصره ليا عيد .. عمري ما هاكون بعيد .. ويوم أبطل أشجع .. هاكون ميت أكيد ".
12 عاماً مرت على الواقعة، ولا يستطيع أحد الجزم بالفاعل الحقيقي. جمهور المصري يدافع عن نفسه ويتهم قوات الأمن، وجمهور الأهلي يتهم كليهما.
وبين هذا وذاك، تبقى حقيقة واحدة. أن من رحل لن يعود.
