أعلن المدرب المخضرم روبرتو مانشيني المدير الفني لمنتخب إيطاليا عن استمراره في قيادة الفريق فنيًا خلال المرحلة المقبلة رغم الفشل في الصعود إلى كأس العالم.
تصريحات مانشيني جاءت لتؤكد ما يراه أي عاقل شاهد مباريات المنتخب الإيطالي في السنوات القليلة الماضية، ولتنفي أي إمكانية لرحيل رجل كان له من الأثر ما لم يكن لغيره لأعوام في قيادة الفريق.
مانشيني كان يجب أن يستمر، وأن يحصل على الدعم الذي ناله مؤخرًا من الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، والأسباب خلف ذلك ليست فنية فقط.
دعونا فيما يلي نستعرض عدة أسباب تجعل من بقاء مانشيني مديرًا فنيًا للمنتخب الإيطالي ضرورة وليست مجرد رفاهية:
الفشل في التأهل للمونديال لا يحدث للمرة الأولى
لم يكن روبرتو مانشيني المدير الفني للمنتخب الإيطالي هو أول من يفشل في قيادة دفة الأتزوري في الصعود لكأس العالم.
ففي نوفمبر من 2017 تأكد غياب المنتخب الإيطالي عن بطولة كأس العالم للمرة الأولى منذ عام 1958، ليتولى بعدها بأشهر روبرتو مانشيني قيادة الفريق الفنية.
بعد أقل من أربع سنوات نجح مانشيني في قيادة الفريق لتحقيق بطولة كأس الأمم الأوروبي يورو 2020 بعد غياب.
سلسلة مباريات دون هزيمة
نجح المدرب المخضرم في قيادة المنتخب الإيطالي لسلسلة مباريات تاريخية دون هزيمة لـ 37 مباراة متتالية.
الرقم هو الأعلى في تاريخ منتخبات كرة القدم حول العالم، ولم ينته سوى على يد منتخب إسبانيا المرعب بقيادة لويس إنريكي في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية.
لتعرف عزيزي القاريء مدى صعوبة الوصول لمثل ذلك الرقم في كرة القدم العالمية فقط عليك أن تعرف أن منتخب البرازيل بجيله الذهبي في 1994 وصل للمباراة رقم 35 وخسر، ومن بعده جيل إسبانيا الذهبي حامل لقب كأس العالم الذي توقف عند الرقم نفسه.
منتخبات أخرى عريقة ولها صيت ذائع في كرة القدم العالمية أمثال ألمانيا والأرجنتين وفرنسا وغيرها من الأجيال الذهبية لم تنجح قط في الوصول حتى قريبًا من مثل ذلك الرقم.
Goal/Gettyتغيير الهوية الإيطالية
عبر التاريخ لم يعرف المنتخب الإيطالي كرة قدم ممتعة وهجومية وشاملة بذلك الشكل الذي قدمه رفقة روبرتو مانشيني في السنوات القليلة الماضية.
المدير الفني الحالي للفريق وضع هوية جديدة للمنتخب الإيطالي، استحوذ من خلالها على الكرة في أغلب لقاءاته وفرض شخصيته، وكان فيها هو الفعل لا رد الفعل.
هوية المنتخب الإيطالي الجديدة لم تتركه جامدًا عند نقطة واحدة، فعندما احتاج لتغيير طريقته على سبيل المثال في نصف نهائي كأس الأمم الأوروبية ضد إسبانيا، نجح في الوصول لهدفه بطريقة أخرى.
تلك المرونة التي منحها المدرب المخضرم لمنتخب إيطاليا تجعله ضمن الأقوى في أوروبا والعالم، حتى لو لم ينجح في الوصول إلى كأس العالم.
غياب البديل
لو دققنا النظر في الأسماء المتاحة على الساحة في الوقت الحالي، لن نجد من يستطيع أن يقود المنتخب الإيطالي في الفترة المقبلة.
ومع حلول بطولة كأس الأمم الأوروبية التي تقام في الصيف المقبل، والتي أصبحت لها ثقلها في بطولات المنتخبات القارية، سيكون التغيير صعبًا للغاية.
هناك عدة أسماء تم طرحها من قبل الصحافة في الساعات التي تلت خسارة المنتخب الإيطالي من مقدونيا، لكن أيًا منهم يفتقد للخبرة الدولية مع المنتخبات لقيادة فريق بحجم إيطاليا.
جانب إنساني هام للغاية
لا يرى الكثير من متابعي كرة القدم أحد أهم جوانب الرياضة التي نعشقها في أغلب الأوقات، وهو الجانب الإنساني والعاطفي منها، بالرغم من أن حبنا لتلك الرياضية يكون لأسباب عاطفية في الأساس.
روبرتو مانشيني برهن على امتلاكه لهذا الجانب كما لم يفعل أي مدرب من قبله وفي مواقف كثيرة وعديدة، لكن أشهرها وأهمها على الإطلاق سيكون ذلك الخاص بالحارس سالفاتوري سيريجو.
في لقاء الجولة الثالثة من دور المجموعات بكأس الأمم الأوروبية التي أقيمت في الصيف الماضي وضد ويلز قام بتبديل استغرب الكثير من الأشخاص قيامه به.
لكن لتسهيل الأمور على أنفسهم ظن هؤلاء أن المدرب يريد فقط أن يكرم سيرجيو على مجمل أعماله كلاعب كرة قدم وفي منتخب إيطاليا.
الأمر كان أكثر عمقًا بكثير من ذلك، فالقصة لها خلفية عميقة وقديمة في نفس المدير الفني للمنتخب الإيطالي، تسببت بشكل مباشر في ذلك التبديل.
بسبب مشاكله في المنتخب الإيطالي فقد مانشيني مكانه الأساسي لصالح روبرتو باجيو، وفي كأس العالم 1990 تواجد المدير الفني الحالي للفريق مع الأتزوري لكنه لم يشارك ولو لدقيقة واحدة.
الأمر الذي ترك في نفسه أثرًا مروعًا جعله يقرر ألا يترك أي لاعب تحت قيادته يشعر بنفس الشعور الصعب، لهذا دفع بسيرجيو ضد ويلز.
بيت القصيد
ربما يكون مانشيني قد فشل في الصعود إلى كأس العالم، لكن الرجل خسر مباراة واحدة في 90 دقيقة بظروف خاصة للغاية.
هذا لا يعني أن فترته مع الفريق فاشلة، أو أن إقالته ستكون ضرورية، على النقيض تمامًا، فـ 90 دقيقة لا يجب أن تحدد مصير مدير فني بذلك الثقل وكان له هذا الأثر الكبير في فترته مع المنتخب الإيطالي.
مثل تلك الأمور من الممكن أن تحدث مع فرق أقل من منتخب بحجم الفريق الإيطالي، ومع مدير فني آخر ليس روبرتو مانشيني بكل تأكيد.
في النهاية، الرجل صنع جيلًا قويًا لمنتخب إيطاليا، قادر على التنافس لسنوات قادمة وبفكر مختلف عن التقاليد الإيطالية التاريخية، ويستحق الاستمرار لسنوات قادمة.
.jpeg?auto=webp&format=pjpg&width=3840&quality=60)