لم يكن أشد المتفائلين من جماهير ريال مدريد يتوقع تلك الانتفاضة الضخمة لفينيسيوس جونيور هذا الموسم، وبالأخص بعد الموسم الماضي الذي فشل البرازيلي خلاله بتقديم المنتظر منه وجعل المطالبات تزداد برحيله عن سانتياجو برنابيو.
كان فينيسيوس دائمًا يحظى بثقة خاصة من الرئيس فلورنتينو بيريز، لدرجة أنه رفض تبديله بنيمار بفترة من الفترات، إلا أن الشكوك زادت للغاية في السنة الأخيرة حول البرازيلي وقدرته على النجاح، وذهب البعض إلى وصفه بـ"العشوائي".
ما زاد من حدة الانتقادات لصاحب الـ20 عامًا كان حديث كريم بنزيما عنه في مباراة بوروسيا مونشنجلادباخ الموسم الماضي، عندما قال لفيرلاند ميندي والتقطه عدسات الكاميرات "لا تمرر له، إنه يلعب ضدنا!".
من كان يصدق أنه بعد أقل من عام يتحول فينيسيوس إلى قائد هجوم ريال مدريد، وتصبح علاقته مع بنزيما هي مصدر القوة الأول في الفريق والعامل الأساسي لترشيح النادي الملكي للتتويج بمختلف البطولات هذا الموسم.
ميسي وبوتشيتينو .. سيناريو أنويتا وبداية "MMN" أم مصير توخيل؟
إذًا، فما السر خلف ذلك؟ كيف التحول من لا تمرر له إلى ثنائية تقود ريال مدريد لتصدر الدوري الإسباني وساهمت سويًا في 8 أهداف بـ5 مباريات؟
انتهاء حقبة زيدان وبداية ثقة أنشيلوتي
Getty Imagesصحيح أن زين الدين زيدان مميز في التعامل مع اللاعبين وبالأخص الشباب منهم، لكن الغريب حقًا كان فشله التام مع فينيسيوس جونيور سواء على الصعيد الفني أو النفسي.
رغم أن اللاعب في أكثر من مرة خرج وأكد طيب العلاقة بينهما، لكن من الواضح أن زيزو لم يكن يحب فينيسيوس أو يقتنع بقدراته، بل فرضت الإصابات فقط عليه الاعتماد على البرازيلي لسد العجز ليس إلا.
والأهم من ذلك والأغرب أن نقطة ضعف فينيسيوس الكبرى كانت واضحة وهي إنهاء الهجمة، وكأن زيدان لم يعمل على حل تلك الأزمة أبدًا، بل على النقيض، في وجوده كانت الأمور تزداد سوءًا بصورة غير مفهومة حقًا.
أتى كارلو أنشيلوتي إلى العاصمة الإسبانية، ومعه تغيرت أمور فينيسيوس 180 درجة، ومن تابع أي لقاء لريال مدريد العام الماضي فيه اللاعب، ولقاء هذا الموسم، سيدرك أن فينيسيوس ليس نفسه أبدًا.
ما فعله الإيطالي هو ما هو حقًا متميز جدًا فيه، منح اللاعب الثقة، أشعره بأنه النجم ولا يكترث للانتقادات، حاول إيجاد التشكيلة المثالية التي تساعده على الاستفادة من هذه المهارات الاستثنائية، والأهم عمل فنيًا معه على قصة اللمسة الأخيرة.
النتيجة واضحة للعيان، فينيسيوس 2021-22 لاعب إن قرر الريال بيعه ستتجاوز قيمته 100 مليون يورو، نجم ومنقذ، واثق في نفسه وواثق من ثقة مدربه به، والأندية الأخرى هي من تعاين الأضرار.
عبقرية بنزيما
Getty Imagesالسؤال الذي يجب أن يُطرح على كريم بنزيما حقًا هو كيف ينجح في كسب ثقة اللاعبين من حوله بهذه الطريقة الاستثنائية؟ ما يفعله هذا الفرنسي لا يصدق، وما فعله مع فينيسيوس جونيور تكليل لخدمة طويلة لريال مدريد لم تلق تقديرًا إلا في وقت متأخر للغاية من الجماهير.
بنزيما هاجم فينيسيوس العام الماضي، وفي هذا العام هو أحد أهم أسباب تحوله الهائل، على الصعيد التكتيكي، بات يمارس هوايته المفضلة بترك المساحات له والتمرير له في أفضل المواقع الممكنة، ومن جهة أخرى، لم يخيب البرازيلي ظنّ زميله أبدًا حتى الآن.
كما قال فينيسيوس من قبل، بنزيما مُعلِم، لا يتوقف عن نصح اللاعبين الشباب وكأنه مدرب آخر في الفريق، وهذا ما جعل اللاعب الشاب يتناسى ما حدث أمام مونشنجلادباخ، بل ويشكل ثنائية رائعة مع الفرنسي، لأنه ببساطة أدرك أن البنز لم يفعل ذلك غرورًا أو عنجهية، بل كان قصدًا لإفادته ليس إلا.
منح بنزيما الفرصة لفينيسيوس للدخول إلى العمق بصورة أكبر، هذه تحديدًا كانت نقطة فاصلة في التحول الذي يعيشه البرازيلي، وكل ما احتاجه فقط هو تحسين اللمسة الأخيرة، أمر نجح فيه كارلو أنشيلوتي بامتياز.
خلاصة القول أن الثقة التي وجدها فينيسيوس من كارلو أنشيلوتي على عكس زيدان، والتعاون المثمر من بنزيما جنبًا إلى جنب مع تحسين بعض الأمور التكتيكية من المدرب الإيطالي، مع العمل على تطوير اللمسة الأخيرة، كان سببًا رئيسيًا في هذا الانفجار للموهبة البرازيلية في العاصمة الإسبانية.
YouTube (https://www.youtube.com/embed/t7uDfkoyzLo)