الدراما في برشلونة متواصلة، فريق كان قريبًا من تحقيق الثلاثية في موسم 2018-2019 فسقط أمام ليفربول لتبدأ قطع الدومينو في التحرك وتصل إلى اليوم الذي يخرج فيه رونالد كومان في مؤتمر صحفي ليلقي بيانًا رسميًا في حلقة جديدة من حلقة الصراع بينه وبين إدارة جوان لابورتا.
الدراما في تاريخ برشلونة عمومًا كثيرة، ولن ينسى أحد شجار مارادونا في نهائي الكأس ثم إيقافه قبل بيعه، أو انضمام يوهان كرويف لاعبًا ثم عامين من الإحباطات بعدها تواجد فيها اللاعب على صفحات الأخبار بسبب أزماته أكثر من إنجازاته.
عودة كرويف للنادي مدربًا ثم إقالة كرويف بعدها بسنوات ثم سنوات الظلام التي خلفت فريق الأحلام لتمتد حتى بداية عهد جديد بقيادة فرانك ريكارد ثم تنقشع تمامًا مع بيب جوارديولا وتبدأ عصور الظلام بالعودة مع انتهاء الجيل الأعظم في تاريخ النادي.
ثم جاء رونالد كومان، تأمل البعض الخير من بطل ويمبلي وموقعة سامبدوريا التي جلبت أول لقب في دوري أبطال أوروبا إلى كتالونيا وشاهدوه كيوهان كرويف جديد، لكنّه أعاد ذكريات لويس فان خال، السيئة منها على الأقل!
سنوات الظلام في كتالونيا
PROSHOTSبعد رحيل كرويف بصورة مهينة، قرر الرئيس وقتها خوسيه لويس نونيز أن يجلب بوبي روبسون ليكون محطة يجلب بعده لويس فان خال.
فان خال جاء بهدف واحد فقط، إنهاء سيرة كرويف في برشلونة وإعادة بناء الفريق على طريقته الخاصة التي ربما تتفق في الصورة العامة مع يوهان لكن تختلف بشكل جذري في التفاصيل.
من أهم ما فكر فيه فان خال هو جلب لاعبين يتبعونه وينفذون أفكاره، وعاد إلى بلاده ليتعاقد مع هولنديين حتى أنّ الصحف عنونت بأنّ برشلونة يمتلك نجومًا من هولندا أكثر من أياكس نفسه، هل يُذكرك هذا بشيء؟ نعم طلبات كومان بجلب فاينالدوم التي لم تتم ثم التعاقد مع ممفيس ديباي ومنح فرينكي دي يونج دورًا أكبر في قيادة وسط الملعب، وجلب لوك دي يونج في صفقة الدقائق الأخيرة في الميركاتو.
فان خال امتلك عدة أفكار جيدة في الملعب، بل كانت أكثر من جيدة وجلبت الثنائية المحلية في الموسم الأول ثم لقب الدوري في الموسم الثاني لكن أزماته الحقيقة كانت في التعامل مع اللاعبين أمثال ريفالدو وكذلك خلافاته المستمرة مع الإعلام.
مرحلة فان خال الثانية كانت أسوأ بكثير، الفريق تغير وأبرز النجوم رحلوا والمدرب قرر منح فرصة للشباب أمثال أندريس إنييستا لكن الأمور كانت من سيئ لأسوأ والفريق كان قريبًا من مناطق الهبوط، فماذا فعل الهولندي؟ خرج ليقول إن هذه ليس أسوأ مرحلة بل هناك ما هو أسوأ ألا وهو التواجد في المركز الأخير!
نعم رأى فان خال أنّ وصول برشلونة لأعتاب الهبوط للدرجة الثانية ليس أسوأ شيء على الإطلاق، تمامًا مثلما اعتبر كومان الخسارة دون أي محاولة على المرمى أمام بايرن ميونخ شيء عادي وطبيعي ويناسب الفريق الحالي، بل واحتفل بعدها بأيام بتعادل أمام غرناطة وهو الفرق الذي لم يحقق أي فوز في الليجا منذ الانتصار على برشلونة نفسه الموسم الماضي في "كامب نو" وإنهاء حلم التتويج بالدوري الإسباني.
غطرسة كومان وصراع لابورتا
Getty Imagesلو نظرنا إلى كرويف فقد كان مدربًا يختلف عن غيره من المدربين، بل من المنصف اعتباره رمزًا لمجد النادي الكتالوني في العصر الحديث، لكنه كان متعجرفًا ومتكبرًا وربما لهذا السبب خسر نهائي دوري أبطال أوروبا 1994.
لو اتجهنا إلى فان خال، سنجده أيضًا مدرب مميز وصنع الكثير من الأمور لبرشلونة ويكفي أنّه صعّد للفريق الأول كارليس بويول وتشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وفيكتور فالديز، لكنّه أيضًا كان معتدًا بنفسه غير قادر على التعامل مع اللاعبين سوى بمنطق السلطة الأبوية.
ثم جاء رونالد كومان، مدرب أظهر أفكارًا جيدة في جزء من الموسم الماضي، واعتمد على بعض المواهب الشابة وأظهرها للنور، لكنّه لم يحقق سوى لقب كأس الملك وتشاجر مع لاعبين دون تفسير مثل ميراليم بيانيتش وريكي بوتش ومؤخرًا أصبحت أحاديثه في وسائل الإعلام لأجل إثارة الجدل.
كومان في شجار مع جوان لابورتا يتعامل بعجرفة غير مفهومة السبب، فقد قرر أن يتعلم من فان خال الهجوم على الإعلام والصراع مع لاعبين والتشبث بأفكاره والعناد مع الجميع دون أن يكون مثل كرويف الذي بنى فريقًا متهالكًا في ظروف صعبة.
الآن يخرج في المؤتمر الصحفي ببيان رسمي، ويقرر خوض حرب مع إدارة برشلونة في ظرف هو يعلم جيدًا أنّه ليس مثاليًا، لكن السبب ثقته في أن الإقالة ستكون مكلفة، وجلب بديل له في وسط الموسم سيكون أكثر تكلفة، ببساطة هو مدرب يستغل موقف النادي ليركل ويرفص في كل حدب وصوب.
توقع تحقيق كومان لإنجاز بعد الحالة الانهزامية التي خلقها والتعامل بتعالٍ مع الجميع حتى لاعبين شباب هو ضرب من الخيال، فالمدرب المفلس فنيًا لدرجة الاعتماد على الكرات الطولية كخيار ضد غرناطة وهو لا يمتلك الأدوات المناسبة يثبت أنّ القادم أسوأ دون شك.
إقالة كومان أصبحت ضرورية لأنه معتد بنفسه زيادة عن اللزوم ولا يرى أنّ شكل برشلونة في الملعب يمكن أن يكون أفضل من ذلك بمراحل، ربما يخسر من بايرن ميونخ في كامب نو لكنّه لن يبقى طوال الوقت مرتعبًا من هزيمة تاريخية، ربما لا يحقق نتائج إيجابية أحيانًا لكنّه ليس الفريق الذي يلعب دون رسم تكتيكي واضح وهو في مرحلة بناء مجموعة من الشباب.
اختصار مسيرة كومان في برشلونة هي لا تطوير، لا خطة طويلة الأمد، لا قدرة على التعامل مع غرفة الملابس، فشل في احتواء اللاعبين، فشل في التعامل الإعلامي، فشل في بناء شخصية للمواهب الشابة، فشل في إعادة كتالونيا للطريق الصحيح.
سيحتاج برشلونة للكثير للوقوف على قدمه، لكن الهولندي لن يكون أبدًا جزءً من هذا الحل!
اقرأ أيضًا:-
خاص | كومان يستفز إدارة برشلونة في مؤتمر قادش
مستشار لابورتا يعلن موقف الإدارة من إقالة كومان
ميسي وبوتشيتينو .. سيناريو أنويتا وبداية "MMN" أم مصير توخيل؟




