ما هي حظوظ أن تكون حاملاً للقب وبطل العالم في أربع مناسبات ولست مرشحاً لليورو؟ الأمر سيصبح منطقياً بالحديث عن إيطاليا التي غابت عن مونديالي 2018 و2022 وبينهما فازت بأمم أوروبا 2020!
لا تدخل إيطاليا في حسابات أي من الخبراء والمحللين عند الحديث عن المرشح للقب يورو 2024، وجاء تعليق جوزيه مورينيو الأخير بخصوص عدم امتلاك مواهب في تشكيل الأتزوري واستبعاده التام لتحقيق الفريق للقب ليثير عاصفة من الغضب بالبلاد على الرغم من واقعية تصريحات مدرب إنتر وروما الأسبق.
ورغم تواجد نيكولو باريلا، نجم إنتر، بقائمة اللاعبين ال10 الأعلى قيمة في اليورو بسعر يقارب 80 مليون يورو، ولكن نظرة سريعة على قائمة الفريق وتدرك مدى صحة كلام مورينيو وصعوبة مهمة لوشيانو سباليتي بألمانيا.
أتى سباليتي لتدريب الفريق منتصف التصفيات والفريق بالفعل أضاع صدارة المجموعة لإنجلترا ودخل في حسابات مع أوكرانيا لضمان المقعد الثاني المؤهل مباشرة، وبدا أن شبح تكرار فضيحتي روسيا وقطر يحوم في الأفق.
كان مدرب نابولي السابق يعلم أنه يغامر بتولي المهمة، خصوصاً وأن قراره هذا تسبب بتوتر علاقاته بناديه السابق الذي تركه لأخذ عطلة من التدريب، ولكن "نداء الوطن" كما أسماه كان صعب رفضه.
نجح سباليتي في قيادة الأتزوري لليورو بسلام ولكن بدا عاجزاً عن تقديم نفس كرة القدم المثيرة والجذابة التي عرفها العالم معه في نابولي، ولكن لا يمكن اللوم عليه كثيراً، فكفاراتسخيليا تم استبداله بفيديريكو كييزا التائه في يوفنتوس، وفيكتور أوسيمين بجيانلوكا سكاماكا المزاجي الذي استبعده سباليتي لفترة وجيزة مؤخراً بسبب السهر للعب البلايستيشن بمعسكر الأتزوري!
فقر المواهب دفع سباليتي في أبريل الماضي يلجأ لتغيير ثوري، وهو التحول من طريقة لعب 4-3-3 ومشتقاتها إلى 3-5-2 من أجل توفير الأسلوب الأنسب للمجموعة الحالية من اللاعبين.
ترتكز المجموعة الحالية لمنتخب الإيطالي على نجوم إنتر المُتوج بالدوري الإيطالي الموسم المنصرم، والأفضل بالكرة الإيطالية بالسنوات الخمس الأخيرة والأكثر استقراراً، سداسي تم استدعائه من قبل سباليتي من النيراتزوري انخفض لخماسي بسبب إصابة فرانشيسكو أتشيربي، ليكون النادي الأكثر تمثيلاً بصفوف المنتخب.
يلعب إنتر مع إنزاجي برسم 3-5-2 بتواجد أليساندرو باستوني بالثلاثي الخلفي والظهيرين الطائرين فيديريكو ديماركو وماتيو دارميان، وباريلا بالوسط ودافيدي فراتيسي كبديل له بحس هجومي كبير، وهو ما يفسر تفكير سباليتي للعب بنفس الطريقة، خصوصاً وأن تلك المجموعة من النيراتزوري تمثل الأغلبية من عناصره المميزة، وهو ما أشار إليه كسلاح دائماً ما استخدمته إيطاليا في الماضي عندما تحقق البطولات، ولكن بألوان يوفنتوس، كما حدث في 2006 بتواجد بوفون وكانافارو وديل بييرو والبقية، وفي 1982 مع زوف والدفاع الحديدي للبيانكونيري.
وتعاني إيطاليا من غياب المدافعين المميزين عكس عادتها تاريخياً، ولى عهد جيورجيو كيليني وليوناردو بونوتشي المعتزلين حديثاً والذان كانا قادة الخط الخلفي في 2020، والآن الآمال على باستوني وأليساندرو بونجيورنو قائد تورينو والمطلوب بقوة في نابولي وعدة أندية كبرى، وحتى في الوسط اضطر سباليتي للجوء مجدداً لخبرات جورجينيو بعد فترة من الاستبعاد للاعب الذي يراه الإيطاليون كرمز للفشل في التأهل المونديالي بسبب ركلات الجزاء التي أضاعها في الطريق نحو عدم بلوغ البطولتين، ليشكل لاعب آرسنال ثنائية مع باريلا، أو ثلاثية بإضافة لورينزو بيليجريني قائد روما الذي سيحظى بفرصة لعب بطولة كبرى مع بلاده عقب غيابه للإصابة عن تتويج النسخة الماضية.
ويظهر العجز جلياً في صفوف الأتزوري بالهجوم، البلاد لجأت للأرجنتيني الأصل ماتيو ريتيجي لحل الأزمة، ورغم العروض الطيبة لمهاجم جنوى ولكن لا يبقى مقنعاً لقيادة هجوم الفريق، واهتزاز مستوى كييزا الذي كان من أبرز اللاعبين بمركزه حول العالم في 2020 وتراجعه الكبير بسبب الإصابات وابتعاد السيدة العجوز عن المنافسة أفقدته قيمته بالسنوات الأخيرة.
وستكون الأنظار مركزة بقوة على سكاماكا الذي عاش نصف موسم ثاني مميز للغاية رفقة أتالانتا قاد الفريق فيها للتتويج بالدوري الأوروبي وبلوغ المربع الذهبي بالدوري الإيطالي، وأظهر المهاجم الشاب الذي عانى دوماً من مشاكل مع الانضباط خارج الميدان بأنه يملك خصائص لاعب بمواصفات عالمية إذا ركز فقط على كرة القدم، وهو ما سينتظره منه سباليتي عقب مسامحته على واقعة "البلايستيشن" وضمه للقائمة النهائية.
الحديث عن استبعاد إيطاليا من الترشيحات لتحقيق اللقب أو حتى المنافسة عليه تبدو منطقية، مجموعة متوسطة من اللاعبين، ونجمها الأبرز باريلا يتعافى بعد من إصابة عضلية، ووقوع الفريق بمجموعة صعبة تضم إسبانيا وكرواتيا، بالإضافة إلى ألبانيا، لن يسهل من المهمة.
ولكن مثل ألمانيا، تتألق إيطاليا دائماً عندما تكون خارج الترشيحات وبعيدة عن الضغوطات، العامل الذي سيلعب عليه سباليتي كثيراً لتحفيز تلك المجموعة التي لا تحظى بثقة قطاع كبير من الجمهور الإيطالي والنقاد، ولكن تخطي المجموعة الصعبة كخطوة أولى سيكون الهدف الأساسي للفريق، وبلوغ ربع النهائي سيكون نتيجة مرضية لحامل اللقب بالأراضي الألمانية.