للمرة الثانية على التوالي، يحجز منتخب إنجلترا مقعدًا في المباراة النهائية لبطولة الأمم الأوروبية، لكن هذه المرة يضرب موعدًا ناريًا مع إسبانيا بفضل انتصاره الدرامي على هولندا، في نصف النهائي ليلة الأربعاء.
فعلى ملعب سيجنال إيدونا بارك بمدينة دورتموند الألمانية، قلب منتخب إنجلترا تأخره بهدف مبكر أمام هولندا إلى انتصار قاتل بنتيجة (2-1)، بفضل ثنائية سجلها القائد هاري كين والبديل الذهبي أولي واتكينز.
منتخب الأسود الثلاثة، الذي لم يحقق أي لقب كبير منذ فوزه بكأس العالم 1966، أي قبل أكثر من نصف قرن، أصبح على بعد انتصار وحيد فقط من التتويج بلقب اليورو، تحت قيادة جاريث ساوثجيت، الذي كان قريبًا من تحقيق نفس اللقب في 2021، لكنه خسر أمام إيطاليا بالنهائي.
ويسلط "GOAL" في السطور التالية، الضوء على أبرز الملامح والتفاصيل الصغيرة التي كانت سببًا في الفوز الإنجليزي المثير على هولندا التي فقدت هويتها في أصعب وقت.
أخيرًا ساوثجيت .. هذه مكافأة التحرر من قيودك
بدون أدنى شك، قدم منتخب إنجلترا أفضل مباراة له في البطولة الأوروبية حتى الآن، ورغم أن النتيجة (2-1)، لكنها لا تعبر تمامًا عن مجريات اللقاء الذي ساده الأسود الثلاثة في الشوط الأول وأجبروا هولندا على التراجع والاكتفاء بدور الملاكم الذي يتلقى الضربات فقط.
ويعود ذلك بفضل نجاح جاريث ساوثجيت، في التحرر من قيوده الفكرية، حيث تخلى عن اختراعاته في خط الوسط واعتمد على كل لاعب في مركزه وظهر بشكل واضح أن الفريق غير من إستراتيجيته الهجومية، حتى عندما استقبل الهدف الأول لم يهتز وعاد لنفس الطريقة وتعادل بعد أقل من 11 دقيقة.
وحتى مع تراجعه قليلًا في الشوط الثاني لمناطقه، إلا أنه خلق حالة من التكافؤ مع المنتخب الهولندي، ومع لفظ المباراة أنفاسها الأخيرة، قرر ساوثجيت أن يخلع عباءة التحفظ واستبعد عمودين أساسيين من التشكيلة الإنجليزية، والحديث هنا عن فيل فودين (أحد أفضل اللاعبين في الملعب) والمهاجم الحاسم هاري كين، لحساب الثنائي كول بالمر وأولي واتكينز.
التاريخ يفتح أبوابه للشجعان فقط يا ساوثجيت
ومنح الثنائي البديل، ساوثجيت المكافأة في أسرع وقت، حيث صنع بالمر التمريرة الحاسمة لزميله أولي واتكينز الذي استدار بثقل مهاجم كبير وسجل هدفًا قاتلًا 90+، ليحمل الأسود الثلاثة إلى النهائي.
وبحسب شبكة "سكواكا" للإحصائيات، فإن المدرب الإنجليزي وصل مرتين إلى نهائي إحدى البطولات الدولية الكبرى (يورو 21 و24)، أكثر من كافة مدربي إنجلترا مجتمعين على مدار التاريخ.
وقبل وصول ساوثجيت إلى منصبه، لم يستطع الأسود الثلاثة التأهل للمباراة النهائية في البطولة على مدار تاريخهم.
وأفادت شبكة "أوبتا" بأن منتخب إنجلترا أصبح أول فريق يصل إلى نهائي اليورو بعد التأخر في مباراتيه بربع ونصف النهائي، حيث استطاع الأسود الثلاثة العودة في النتيجة بآخر مباراتين أمام سويسرا وهولندا، لتمضي في طريقها نحو المحطة الكبرى أمام إسبانيا.
وحتى في دور الـ16، كان المنتخب الإنجليزي متأخرًا في النتيجة أمام سلوفاكيا بهدف، قبل أن يعود ويسجل هدفين في آخر دقيقة من الوقت الأصلي، ويفوز بهدف آخر في الوقت الإضافي.
نقطة ضعف إنجلترا التاريخية تتحول إلى منحة!
الآن من حق ساوثجيت أن يرد على كل من انتقدوه بعنف خلال مشواره في اليورو، حيث أنه قدم نسخة لا تقهر من المنتخب الإنجليزي، لم نعتدها في الماضي على الإطلاق.
دائمًا كان المنتخب الإنجليزي يخوض البطولات الكبرى وهو مطعم بأفضل نجوم البريميرليج والدوريات الأخرى، ودائمًا يتواجد في قوائم المرشحين بناء على ذلك لكنه على مدار 58 عامًا لم يحقق أي لقب!
ساوثجيت أدرك الثغرة وتعامل مع عيب منتخب إنجلترا بذكاء وشجاعة، حيث تلقى كل سهام النقد بدلًا من لاعبيه وتحلى بالجرأة في الرد ليرفع كل الضغوط عن لاعبيه، ومنح الثقة للبدلاء في قدرتهم على صناعة الفارق، وهذا ما حدث من أولي واتكينز وبالمر اليوم، ومن قبل من إيفان توني صانع هدف الفوز على سلوفاكيا في ثمن النهائي.
لعنات كرويف ستطاردك في كل مكان يا كومان
إذا كان منتخب إنجلترا اليوم قدم أفضل مباراة له في البطولة، فعلى النقيض تمامًا نجد المنتخب الهولندي الذي ظهر كشبح في الملعب ولم يقدم الأداء المعتاد عنه في مثل هذه المواجهات، رغم أنه على مدار البطولة كان خصمًا شرسًا ولديه حلول هجومية متعددة.
اليوم تخلى منتخب هولندا عن فلسفته التاريخية في كرة القدم، ومدرسته القائمة التي رسخها الأسطورة يوهان كروين، فمن يصدق أن الطواحين استغنت عن الاستحواذ طوال الشوط الأول لإنجلترا بنسبة 65%.
اللوم هنا يقع بنسبة كبيرة على رونالد كومان، الذي وضع على أداء لاعبيه التزامهم بتعليمات تجبرهم على الركود في المناطق الدفاعية، وهو ما سمح لوصول الإنجليز إلى مناطق الخطورة وتوريط اثنين من أهم المدافعين في العالم (دومفريس، دي فري) في أخطاء ساذجة تسببت في الهدفين.
ليلة أخرى سعيدة للأمير ووصيفه
حفر الأمير هاري كين اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ بطولة الأمم الأوروبية، حيث أضاف هدفًا ثالثًا له في النسخة الحالية ودخل في منافسة مباشرة مع داني أولمو لاعب وسط إسبانيا، على جائزة هداف البطولة قبل المباراة النهائية.
وتشير شبكة "أوبتا" للإحصائيات، أن هاري كين بات اللاعب الأكثر تسجيلًا للأهداف في الأدوار الإقصائية خلال اليورو بـ6 أهداف، متقدمًا على الفرنسي أنطوان جريزمان.
بينما كان للوصيف اليوم، النصيب الأكبر من الكعكة بعدما شارك في الدقائق الأخيرة وسجل هدف الفوز القاتل، وهو وفقا لشبكة "سكواكا" للإحصائيات، أصبح أول بديل يسجل هدفًا في الدقيقة 90 على مدار تاريخ المباريات الإقصائية للبطولة.
وبشكل عام، يعد واتكينز ثاني لاعب يسجل هدفًا في الدقيقة 90 بأحد أدوار خروج المغلوب في اليورو، حيث كان الألماني فيليب لام قد سجل أول هدف يقود منتخب بلاده للفوز في الدقيقة 90 بالأدوار الإقصائية، خلال مواجهة تركيا في نصف نهائي يورو 2008.