رازفان لوشيسكو

خاص | لوشيسكو: الكرة السعودية هي الأفضل، ومن الظلم حرمان الهلال من اللقب

"الحظ لا يدقّ الأبواب بطريقة عشوائية.. المهم أن تكون موجوداً حين يدقّ الحظ بابك" مقولة عمل بها جيدًا رازفان لوشيسكو في 2019.

عام مميز هو أقل ما يمكن أن يُقال عن ما قدمه لوشيسكو في 2019 بتحقيق لقب الدوري مع باوك بعد غياب 34 عامًا والفوز بالثنائية المحلية الأولى في تاريخ النادي قبل أن يقطع ما يقارب الـ4000 كيلو متر من قارةٍ لأخرى ويكسر عناد لقب دوري أبطال آسيا مع الهلال الذي حل رابعًا في كأس العالم للأندية بقطر بعد ذلك. 

موقع جول 'Goal' بنسخته العربية تواصل مع المدرب الروماني صاحب الـ51 عامًا في حوار يأتيكم عبر جزئين، حيث سيتطرق الجزء الأول للحديث عن رحلته المميزة مع الهلال، معربًا سعادته بالتواجد في السعودية التي اعتبر أجواء دوريها الأفضل بين باقي دوريات المنطقة.

لوشيسكو يكشف كذلك دواعي عدم مغادرته الرياض عقب تفشي جائحة كورونا في المملكة، معلقًا كذلك على أحقية فريقه بالتتويج بلقب دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين وملقيًا الضوء على كواليس مونديال الأندية وأسباب تراجع الأداء قبل توقف كرة القدم.

-   - في 24 نوفمبر 2019، حصلت على أول لقب قاري في مسيرتك بحصد لقب دوري أبطال آسيا، كيف كان شعورك آنذاك؟، وما أهمية ذلك في مسيرتك التدريبية؟، هل يمكننا أن نعتبره اللقب الأهم؟

لقاء الذهاب بالنهائي منحنا ثقة كبيرة وآمالًا واسعة، إذ أننا تيقنَّا بقدرتنا على حصد اللقب، وبالفعل نجحنا في المهمة باليابان. شعورنا وقتها لا يصدق، شعرت بارتياح كبير، فمنذ أن وطأت قدماي اراضي المملكة لا أسمع سوى (آسيا .. آسيا)، سعادة كبيرة لا توصف حقًا، وفخر لا يقدر بثمن، فنحن من جعلنا الجميع بالمملكة يسعد، ولن أكون مبالغًا إذا قلت أن هذه اللحظة كانت الأميز، فمن خلال عملنا، تمكننا من إسعاد الملايين وتحقيق حلمهم، لكن في الوقت نفسه هو مسؤولية كبيرة، لذلك نعم، اعتبره هو اللقب الأهم بمسيرتي.

-    مرت خمسة أشهر فقط على حصد اللقب القاري، فما هو انطباعك عن السعودية منذ هذه اللحظة وحتى الآن؟

أشعر براحة كبيرة في المملكة .. أنا وزوجتي اكتشفنا أشياء جديدة عما كنا نعرفه قبل قدومنا إلى هنا، قابلنا أناس رائعون، اطلعنا على ثقافة مغايرة تمامًا لثقافتنا، حتى أننا تعلمنا أن نكون أكثر حكمة بسبب مثل هذه التجارب المثيرة. بالنسبة لي، أهم شيء يجعلني مرتاحًا هو عملي ونجاحي، فيمكن لأي مدرب أن يكون أي مكان يعيش به رائعًا إذا كان يحقق نتائج جيدة، وإلا سيصير أسوأ مكان بالعالم إذا كانت النتائج سيئة، بغض النظر عن المكان ومدى جماله.

-    كانت لك تجربة سابقة هنا في منطقة الخليج بقطر، لكن بالطبع التجربة السعودية مختلفة بعض الشيء، فهنا عدد السكان أكبر، هناك شعبية كبيرة، هناك جنون بكرة القدم، فكيف يمكنك أن تصف الأجواء هنا؟

نعم، بالسعودية الشغف بكرة القدم أكبر، إنه أمر رائع، أشعر أنني جزء من العرض، وكما قلت من قبل، تتملكني مشاعر خاصة عندما أرى الجمهور يريد رؤيتنا دائمًا، أشعر بفخر كبير بوجودي بالمملكة. في الوقت نفسه، أشعر بحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقي لأن سعادة الجمهور مرتبطة بنا، فأجواء كرة القدم بالسعودية تختلف تمامًا عما هي به بالمنطقة.

كورونا الدوري السعودي

لوشيسكو وفترة كورونا

رفضت مغادرة الرياض رغم أزمة كورونا الحالية، ما السبب وراء ذلك؟ هل كنت تريد البقاء قريبًا من اللاعبين؟

هناك سببان دفعاني لذلك، الأول أنني لا أحب فكرة البقاء في الحجر المنزلي أو الجلوس في فندق مغلق، عند عودتي من جديد إلى السعودية، والسبب الثاني أنني أريد أن أحافظ على تركيزي في انتظار عودة المباريات المتبقية من الموسم.

-    هناك عدة سيناريوهات لعودة الحياة لطبيعتها بملاعب كرة القدم، ما هي رؤيتك لفترة ما بعد كورونا؟ وهل ترى أن عودة المباريات خطوة آمنة؟

لا أعلم ما إذا كانت عودة كرة القدم آمنة أم لا، ليس من اختصاصاتي التحدث عن هذا، لكنني أرى أنه يجب أن نعود لخوض المباريات من جديد، علينا أن نظهر للجميع أن الحياة مستمرة ولا شيء يمكنه إيقافنا، جميعنا يحتاج لعودة المباريات، لأسباب كثيرة، فالكل عليه مسؤولية كبيرة حاليًا، وعلينا التصرف بحكمة وأن نكون مثلًا يحتذى به، فنحن في دائرة الضوء، وهذا يفرض بعض الالتزامات علينا.

-    إذا اتخذت الحكومة السعودية اتحاد كرة القدم قرارًا باستئناف الموسم، فهل سيكون من الصعب عليك تجهيز لاعبيك بشكل جيد؟ أم أنهم يتدربون الآن؟

اللاعبون صغار ويحتاجون لحزمة من الإجراءات، لكنني واثق من أن معظم اللاعبين قد تدربوا يوميًا، فقد كنا نرسل إليهم كل أسبوعين برنامجًا تدريبيًا جديدًا، ومنذ بداية يونيو الجاري قمنا بزيادة الحمل التدريبي، بجانب أنه سيكون أمامنا فترة إعداد جيدة قبل عودة المباريات، لذلك سيكون الجميع جاهزًا. لسنا في حاجة إلى قيود مبالغ فيها، فقط هدفنا أن يعمل اللاعبون بسرور وراحة دون إجبارهم على أي شيء، فقد تحملوا ضغوطات كبيرة طوال الموسم، وخاضوا مباريات كثيرة.

-    هل ترى أنه من الظلم عدم منح الهلال لقب الدوري حال إلغاء الموسم؟

هذا الاحتمال ليس في اعتباري نهائيًا، علينا أن نكمل الموسم وأن نفوز باللقب في الملعب، أما إذا كان القرار إلغاء الموسم، فيجب أن يكون اللقب لنا، فالوضع الحالي يقول ذلك، نحن أول الدوري، ومن الظلم إهدار ما قمنا به خلال الفترة الماضية.

-    هل تعتقد أن فيروس كورونا سيحرمك من الفوز للمرة الثانية بدوري أبطال آسيا؟

أرى أن جميع الفرق المشاركة في البطولة القارية حظوظها متساوية، ونحن نعلم أن الأمر أكثر صعوبة في هذه النسخة، لأنه حتى 24 نوفمبر 2019 كان الجميع يتعامل مع الهلال أنه فريق قوي، لكن حاليًا يتعاملون معنا كأبطال، والجميع لديه الحافز لإيقافنا، لهذا يجب أن تكون إرادتنا للفوز بلقب العام الجاري أكبر من ذي قبل، وهي كذلك بالفعل، سنقاتل ونعمل بجد لحصد اللقب ولنكون مميزين في صناعة تاريخ الكرة الآسيوية.

رازفان لوشيسكو

لوشيسكو وتدريب الهلال

عندما وقعت عقود تدريب الهلال، هل كنت تتوقع الفوز بدوري الأبطال؟ وهل بهذا اللقب وصلت إلى أقصى طموحك مع الزعيم؟

بكل أمانة، نعم كنت أتوقع ذلك، فأنا وجهازي المعاون كنا نؤمن بدرجة كبيرة أننا سنحصد اللقب، وتقريبًا في كل اجتماع مع اللاعبين منذ أول يوم عمل لنا بدأنا في إخبارهم أننا سنتوج أبطالًا لآسيا. أما بالنسبة لطموحي، فالفوز بكأس قارية هو القمة، لكن بالتأكيد عقب حصد اللقب، تبدأ في التفكير في كيفية حصد اللقب الثاني، وهذه هي كرة القدم، وهذه هي الحياة دائمًا.

-    ما رأيك في تصنيفك ضمن أفضل المدربين في تاريخ الهلال؟

لا أتابع مثل هذه التصنيفات، حتى أنني لا أعرف أنه تم بالفعل تصنيفي ضمن الأفضل، علمت منك الآن، لكنني سعدت بهذا الخبر، ومع ذلك أنا أفكر في اليوم التالي، هناك مسؤولية كبيرة أمامي، عليّ تطوير نفسي أكثر وأكثر، وأن أحافظ على جهازي المعاون معي دائمًا.

-    ما هو تقييمك للهلال ومنظومة العمل بشكل عام في النادي؟

أعلم أن الهلال تم اختياره كأفضل فريق عربي في عام 2019، وهذه حقيقة، فهنا المنظومة مثالية في كل شيء.

-    الدوري السعودي للمحترفين تطور كثيرًا في السنوات الأخيرة، لكن رغم ذلك كان أداء المنتخب السعودي في كأس آسيا وكأس العالم ضعيفًا، فأين المشكلة؟

ليس من اختصاصاتي التحدث عن المنتخب السعودي ومشاركته سواء في كأس آسيا أو المونديال، فقط يمكنني أن أخبرك أن الدوري بالفعل أصبح أكثر صعوبة، لعدة أسباب، فقد تطور بالفعل كثيرًا مؤخرًا.

-    في مونديال الأندية، قدم الهلال أداءً جيدًا أمام فلامنجو البرازيلي، لكنه فشل في أن يكون ندًا طوال الـ90 دقيقة، فماذا حدث؟

1- فلامنجو فريق من أفضل الفرق بالعالم ومليء باللاعبين الموهوبين ولديه مدرب جيد للغاية.

2- جدول المباريات كان صعبًا، فقد خضنا مباراة يوم السبت، في حين استراح فلامنجو في اليوم ذاته.

3- سيباستيان جيوفينكو وبافيتمبي جوميس وسلمان الفرج عانوا من بعض التراجع البدني.

4- الضغط الكبير الذي تحمله اللاعبون الدوليون مع منتخب بلادهم في كأس الخليج، فقد كانوا يخوضون مباراة كل ثلاثة أيام، بعد أن بذلوا طاقة ذهنية وبدنية كبيرة في نهائي دوري الأبطال.

-    في الموسم الماضي، خسر الهلال بعض النقاط في الدوري المحلي، في الوقت الذي كان ينافس به على الصعيد الآسيوي، برأيك هل هو صعب أن يحافظ الفريق على نتائجه الجيدة في عديد البطولات في آن واحد؟

نحن الفريق الوحيد الذي شارك في كأس العالم بعد مجهود بدني وعقلي كبير، فقد فزنا بدوري الأبطال وبدلًا من أن يحصل اللاعبون على فترة راحة، ذهبنا لخوض مباريات أخرى، وهذا ليس سهلًا، ومع ذلك قدمنا أداءً جيدًا في المونديال.

نحن الفريق الوحيد الذي كان ينافس في ثلاث بطولات مختلفة، فزنا بواحدة، وكنا نتصدر الدوري السعودي بفارق ست نقاط عن أقرب منافسينا قبل الجولات الثمانية الأخيرة، وتأهلنا لنصف نهائي مونديال الأندية، وللوصول لكل هذا كان علينا ترتيب أولوياتنا، وأن نتحمل بعض المخاطر، مما منحنا القدرة على الوصول إلى المحطات الأخيرة في البطولات بصورة جيدة، دون التعرض لأضرار كبيرة.

-    هناك بعض الشائعات التي تتردد خلال الفترة الحالية عن تلقيك عرضًا من نادي فنربخشه التركي، هل بالفعل تلقيت عرضًا؟

أنا لا أتحدث عن الشائعات.

-    قبل توقف النشاط الرياضي، كانت هناك بعض الانتقادات توجه للاعبي الهلال بشأن تراجع مستواهم، ما أسباب ذلك؟

إذا كنت تفكر بعمق، ففي الشهر ونصف الماضيين تفوقنا بفارق سبع نقاط عن أقرب منافسينا بالدوري، وفزنا بمباراتين في دوري الأبطال خارج أرضنا، ربما ليس بالأداء الأفضل، لكن حققنا المطلوب، مع العلم أننا كنا نخوض مباراة كل ثلاثة أو أربعة أيام. لذلك، من الواضح للجميع أن المشكلة هي مشكلة ذهنية، فاللاعبون يحتاجون لإنعاش أذهانهم، لكن ورغم ذلك كان دافع الفوز موجودًا ونوعية اللاعبين وتنظيم الفريق جعلنا نحقق الانتصار تلو الآخر، وأن نوسع الفارق مع أقرب منافسينا.

-    يرى بعض النقاد أنك تعتمد سياسة التدوير من أجل إرضاء جميع اللاعبين، ما هو تعليقك؟

كل شخص حر فيما يفكر به، وفي الأخير المسؤول الأول عن النتائج هو المدرب، لكن عليهم أن يعلموا أننا كي نشارك في جميع البطولات بدافع الفوز، فنحن بحاجة لجهود كافة اللاعبين، ونحتاج لتكون مجموعة كل لاعب بها يعلم تمامًا أنه مسؤول عن البقية، فعمله ومجهوده يؤثر على زملائه سواء في التدريبات أو المباريات، وعلى كل لاعب أن يعلم أن الفريق عندما يحتاجه، عليه أن يكون جاهزًا، ولكل هذه الأسباب من المهم للغاية أن تشعر كل لاعب بأهميته في الفريق وأن تظهر له هذه الأهمية بطريقة عملية، كي تبقى دوافعه عالية.

كان بإمكاننا أن نخوض 10 مباريات بالتشكيل نفسه، لكن وقتها لن يمنحنا اللاعبون المطلوب في اللحظات الحاسمة، لأنهم سيكونون وصلوا لهذه المرحلة بعد ضغوط كبيرة، حتى أننا يمكن أن نخسر بعض اللاعبين بسبب الإصابات حال الاعتماد على مجموعة واحدة، لذلك أفضل حل بالنسبة لنا هو اعتماد سياسة التدوير، خاصةً وأننا ننافس في أكثر من بطولة.

إعلان