هناك دومًا الرقم الصعب في المعادلة، العنصر الثابت الذي لا يتغير ويُحافظ على قيمته دومًا، وهناك اللاعب الذي لا يتخلى عن طموحاته ودوافعه ويُحارب في كل الاتجاهات ليدافع عن مكانه .. هناك عبد الله المعيوف الذي فتح صدره للرصاص منذ 2017 ولم يمت.
رابطة الدوري السعودي اتخذت قرارًا مطلع موسم 2017-2018 بعودة حراس المرمى الأجانب للدوري بعد منع وغياب دام 25 عامًا، ومنذ ذلك الوقت حتى نهاية الموسم الماضي تعاقدت الأندية مع 26 حارس مرمى أجنبي.
اقرأ أيضًا | كبير القارة والفارق مع الهلال سنوات ضوئية .. ردود فعل احتفال فيفا بـ "عالمية" النصر
الكبار والصغار في الدوري السعودي استعانوا بحراس مرمى أجانب لعدم ثقتهم في الحارس المحلي، الهلال نفسه تعاقد مع علي الحبسي لموسمين، لكنه عاد فيما بعد وجدد ثقته بحارس مرماه المعيوف، والذي لم يكتف في المواسم الثلاثة الأخيرة بتقديم أداء جيد بل المساهمة بقوة ولعب دور مؤثر في إنجازات الفريق ونجاحاته المحلية والقارية.
الحقيقة المفزعة أن 15 ناديًا الموسم القادم سيعتمدون على حراس المرمى الأجانب، نادٍ واحد فقط سيلعب بالعنصر المحلي في هذا المركز المهم وهو الهلال بنجمه المعيوف، وذلك ليس مجاملة له بل تأكيدًا لمستواه الممتاز.
التعاقد مع حراس المرمى الأجانب كان العنوان الأهم في سوق الانتقالات الصيفي الجاري في الدوري السعودي، حيث تعاقد 11 نادٍ مع حراس مرمى أجانب جدد على رأسهم النصر بضمه دافيد أوسبينا والشباب بالتعاقد مع سيونج نيم.
وقد حافظ 4 حراس أجانب على مكانهم من الموسم الماضي، أبرزهم مارسيلو جروهي نجم الاتحاد وفلاديمير ستويوكوفيتش الذي قاد الفيحاء للفوز بكأس خادم الحرمين الشريفين.
منذ 2017 حتى الآن، لعب العديد من حراس المرمى السعوديين وقدموا أداءً جيدًا لموسم أو اثنين، لكنهم جميعًا افتقدوا لعنصر مهم وهو الاستمرارية والثبات في المستوى، وأبرزهم زيد البواردي ووليد عبد الله وفواز القرني .. واحد فقط كان الاستثناء وتمتع بتلك الميزة المهمة وهو المعيوف.
المعيوف فتح صدره لرصاص التعاقد مع الأجانب ورصاص انضمام الحبسي لفريقه ورصاص فشل زملائه السعوديين في مختلف الأندية الكبيرة والصغيرة، بجانب رصاص الإصابات والظروف الصعبة ... كل هذا الرصاص والرجل لم يمت أبدًا بل قاوم وقاوم حتى انتصر على الجميع.
كان الحارس الأساسي موسم 2016-2017 في الهلال، ثم تراجع خطوة للخلف في الموسمين التاليين ولم يلعب خلالهما سوى 23 مباراة في الدوري السعودي لتواجد الحبسي القادم من الدوري الإنجليزي، لكن تلك الخطوة ما كانت إلا للانطلاق بكل قوة مطلع موسم 2019-2020 والعودة للمركز الأساسي والحفاظ عليه حتى الآن.
الأمر لا يتعلق فقط بالإمكانيات الفنية، بل بقوة الشخصية ونضج العقلية والحفاظ على الدوافع دومًا وبذل قصارى الجهد في التدريبات والمباريات، لأن الهلال مر عليه أسماء مدربين أجانب كبار وقد وثقوا جميعًا في المعيوف خاصة خلال المواسم الثلاثة الأخيرة.
الأرقام تُنصف هذا النجم الكبير وتظهر أنه منذ موسم 2017-2018، حيث بدأ التعاقد مع حراس المرمى الأجانب، حتى اليوم هو الأكثر حفاظًا على نظافة شباكه رغم أنه لم يكن الحارس الأكثر لعبًا للمباريات.
لعب صاحب الـ35 عامًا 98 مباراة حافظ على نظافة مرماه في 34 منهم، يليه كاسيو ومصطفى ملائكة بـ32 مباراة، وقد لعب الأول 115 مباراة والثاني 127.
من بين حراس المرمى الـ10 الأكثر لعبًا للمباريات خلال تلك الفترة لم يستقبل أي منهم أهداف أقل من المعيوف سوى فاروق بن مصطفى، وهو الوحيد كذلك الذي تفوق على المعيوف في نسبة التصديات، حيث تصدى لـ73% من التسديدات فيما كان نصيب المعيوف 71%.
المعيوف اعتزل اللعب دوليًا ثم تراجع عن قراره، ورغم أن هيرفي رينارد المدير الفني للمنتخب السعودي لم يُعده للأخضر حتى الآن، إلا أن المعطيات الحالية ترجح بنسبة كبيرة تواجده أساسيًا مع المنتخب في نهائيات كأس العالم 2022 في قطر.
المعيوف يُنافسه محمد العويس الذي يجلس له بديلًا الآن في الهلال، وفواز القرني الذي سيُصبح بديلًا في الشباب الموسم القادم، ومع غياب جميع الحراس المحليين عن اللعب باستثناء المعيوف .. يبدو منطقيًا أن يكون هو الحارس الأساسي للأخضر في قطر مما قد يجعلها مكافأة القدر على جهده طوال تلك السنوات.
(1).jpg?auto=webp&format=pjpg&width=3840&quality=60)