BALLON D'OR Ousman DembeleAI

الكرة الذهبية .. حين تُوج ديمبيلي وبكت كرة القدم على زمن هنري وجيجز وريبيري!

مشهد تخيلي بعد 3 أو 4 عقود من الآن ..

أب يجلس إلى جوار ابنه المراهق، يشاهدان مباراة كرة قدم، فينطلق الابن بحماس قائلاً عن أحد الأجنحة الهجومية "هذا أعظم جناح في التاريخ!".

يبتسم الأب ابتسامة مشوبة بالاستفزاز، ثم يرد بهدوء "يا بني، أنت لم تشاهد آرين روبن، ولا فرانك ريبيري، ولا تيري هنري، ولا آنخيل دي ماريا، ولا محمد صلاح، ولا ريان جيجز.. أولئك كانوا أجنحة سحرت الملايين، وصنعت الفارق أداءً ومهارةً وتأثيرًا".

يمسك الابن هاتفه سريعًا ويُراجع قائمة الفائزين بالكرة الذهبية ليُطالع الأسماء وبعدها ينظر لوالده قائلًا بدهشة "من هؤلاء! لا أحد منهم تُوج بالكرة الذهبية! أهم أفضل من عثمان ديمبيلي الذي فاز بها عام 2025؟" هنا لم يستطع الوالد سوى الانسحاب من النقاش بهدوء.

جائزة مستحقة ولكن!

بداية دعوني أؤكد عدم إنكاري لأحقية فوز نجم باريس سان جيرمان بالكرة الذهبية للعام الجاري، بل لقد قدم خلال الموسم المنصرم ما يجعلها جائزة مستحقة تمامًا، بغض النظر عما فعله صلاح ورافينيا خاصة، إذ أن تتويجه بدوري الأبطال كان بمثابة الضربة القاضية لجميع المرشحين. نعم، الجائزة مستحقة، لكن الحقيقة أنه لم يترك على أرض الملعب البصمة الفردية الساحرة التي تركها أولئك الأجنحة العظام.

فوز الجناح الفرنسي يجعلنا نعود سنوات للخلف ونقارن بين كرة القدم الحالية والسابقة، وأن نلحظ جيدًا مدى الانحدار في المواهب والقدرات والتنافس بين النجوم، وأن نحسد أنفسنا أننا تمتعنا بعصر في الساحرة المستديرة لم يُتوج فيه لاعبون مثل هنري وريبيري وروبن وجيجز بالكرة الذهبية! ربما بعضهم ظُلم ببعض المعايير لكن الحقيقة الأكيدة أن مجال التنافس كان رهيبًا بين اللاعبين مما حرم بعض الأسماء من هذا المجد.

هذا الانحدار في مستوى المواهب لا يخص كرة القدم وحدها، بل يتجلى في جوانب كثيرة من حياتنا .. في الفن، في الموسيقى، في الإعلام، وحتى في مشاهير المجتمع والمؤثرين فيه. نتذكّر هنا جملة الممثل المصري عادل إمام الشهيرة في فيلم عمارة يعقوبيان "نحن نعيش في زمن المسخ!"، لا بمعناها الحرفي بالطبع، وإنما كتوصيف دقيق للتراجع في جودة ما يُقدّم لنا.

الأرقام، الجوائز والبطولات .. قليل من العدل وكثير من الخداع!

نقطة أخرى نستنتجها من هذا الأمر، وهي أننا يجب أن نحرص على نقل حقيقة أكيدة للأجيال القادمة مفادها أن الأرقام والجوائز الفردية وحتى الجماعية لا تعكس بالضرورة قيمة اللاعبين الفنية وما تمتعوا به من مواهب وما أحدثوه من تأثير، تلك الأمور لها ثقلها بالطبع في المقارنات والحديث عن النجوم لكن أحيانًا كثيرة تكون خادعة تمامًا.

لك أن تعلم عزيزي القاري أن ماركو أسينسيو مثلا لديه في تاريخه 3 ألقاب لدوري أبطال أوروبا وزميله خيسوس فاييخو يحمل لقبين، فيما زلاتان إبراهيموفيتش وفرانشيسكو توتي ورونالدو الظاهرة يُزين الصفر حصادهم في تلك البطولة! والثنائي الأول بالمناسبة لم يحصد جائزة الكرة الذهبية أبدًا!

جائزة جديدة .. للاستمرارية!

نقطة أخيرة، لا أعلم كيف يُمكن إنصاف تلك النجوم التي قدمت أداءً مثاليًا لسنوات طويلة لكن لم يُحالفهم الحظ للوصول للذروة في موسم واحد ليحصدوا الكرة الذهبية، أو أن وصولهم للذروة واجهه وصول آخرين لها مما حرمهم من ذلك المجد .. ألا يمكن تقديم جائزة للاعبين بناءً على ما قدموه خلال السنوات الـ3 أو الـ5 الأخيرة؟ وأن يكون المعيار هنا تراكميًا بحيث يُنصف أصحاب الاستمرارية في الأداء، لأن جميع المختصين والمتابعين لكرة القدم يتفقون على حقيقة واحدة وهي أن إحراز اللاعب لـ20 هدفًا في كل موسم على مدار 3-5 مواسم أفضل من إحرازه 40 هدفًا في موسم واحد ثم التراجع!

إعلان