ماذا لو؟ .. سؤال يقفز كثيرًا إلى صدارة الأفكار عند مراجعة أي قرارات سابقة وآثارها الحالية والمستقبلية، سيناريوهات تخيلية تتضح أمامك وتبدأ في تحليلها ومراجعة أحداثها ومقارنتها بالواقع وما يحدث حاليًا بناءً على قرارات سابقة.
"ماذا لو؟" موجودة في كرة القدم، خاصة فيما يتعلق بخطط وقرارات سوق الانتقالات، سواء للأندية أو اللاعبين، ماذا لم لم يتخل الأهلي عن التوأم حسام وإبراهيم حسن؟ وماذا لو أتم محمود عبد الرازق شيكابالا انتقاله للأهلي ولم يتراجع؟ وماذا لو فاز الزمالك بصفقات أحمد فتحي ومحمد أبو تريكة؟
حديثنا اليوم عن واحدة من الـ "ماذا لو؟" تلك .. حديثنا عن واحد من القرارات الخاصة بناديي الزمالك في سوق الانتقالات الأخير الخاص بالموسم الجاري من الدوري المصري.
السؤال، ماذا لو .. وافق الزمالك على مبادلة مهاجمه مصطفى محمد بلاعب وسط بيراميدز نبيل عماد دونجا بجانب مبلغ مالي، وضم بعدها محمود وادي مهاجم المصري البورسعيدي؟
تحدثت تقارير صحفية عديدة عن رغبة بيراميدز في ضم مصطفى محمد المصنف حاليًا كأفضل مهاجم في الدوري المصري، ولم يُخف الزمالك أبدًا نيته في التعاقد مع نبيل عماد دونجا المصنف كذلك كأحد أفضل لاعبي الوسط في مصر والخليفة الأهم لطارق حامد نجم الفريق الأبيض، بل أعلن رئيسه السابق مرتضى منصور صراحة أنه وقع معه العقود وفي انتظار إتمام الاتفاق مع ناديه.
الصحافة تحدثت عن مبلغ كبير جدًا كان يُمكن أن يحصل عليه الزمالك إن وافق على بيع مصطفى محمد لبيراميدز، وأن الصفقة قد تتضمن ضمه للثلاثي نبيل عماد دونجا وعبد الله بكري ورجب بكار .... في النهاية رفض الزمالك التخلي عن مهاجمه الفذ وتحول بيراميدز إلى الفلسطيني وادي وضمه بالفعل وحافظ على نجم وسطه وقلب دفاعه.
نعود للخلف قليلًا وندرس أبعاد تلك الصفقة وسلبياتها وإيجابياتها للفريق الأبيض ...
مصطفى محمد ومحمود وادي مهاجمان يلعبان بنفس الأسلوب تقريبًا، لديهما قدرة رائعة على استغلال الفرص من خلال التمركز الممتاز واللمسة الأخيرة المتقنة داخل منطقة الجزاء، مع أفضلية واضحة لدى الفلسطيني في التحرك خارج المنطقة وصناعة الأهداف والفرص، فيما بالتأكيد يبقى فارق الجودة داخل المنطقة لصالح المصري.
اللاعبان متقاربان في العُمر كذلك، وقد تألقا خلال الموسم الماضي في الدوري المصري، إذ بصم صاحب الـ23 عامًا على 19 هدفًا مع الزمالك (سجل 16 وصنع 3) فيما وضع صاحب الـ25 عامًا بصمته على 18 هدفًا مع المصري (سجل 10 وصنع 8).
الثنائي تميز كذلك على الصعيد القاري، فقد سجل مصطفى محمد 5 أهداف وصنع هدفين في دوري الأبطال وأحرز وادي 5 أهداف وصنع واحد في كأس الكونفدرالية الأفريقية.
كما أسلفنا، فارق الجودة حاليًا بالتأكيد لصالح مصطفى محمد، لكن وادي مهاجم واعد جدًا ولديه هامش كبير من التطور والنضج، بجانب أنه أكثر مرونة من مهاجم الزمالك، والأهم أن المصري لديه رغبة واضحة جدًا في الرحيل والاحتراف في أوروبا وهو ما يفتح الباب لشكوك كثيرة حول قدرته تقديم أداء مميز الموسم الجاري وعدم إثارة المشاكل بعد شهرين في انتقالات الشتاء، أو أن تغزو أفكار وكلاء اللاعبين رأسه وتُخرجه عن تركيزه مع الفريق، فيما الفلسطيني في الجانب المقابل سيكون ارتدائه قميص الزمالك بمثابة حلم تحول إلى حقيقة ونقلة كبيرة في مسيرته الكروية مما قد يعطي انطباعًا عن أنه سيلعب بكل روح وحماس مع الفريق ويُقدم تضحيات كبيرة.
ما قد يجعل الكفة متوازنة كذلك هو حصول الزمالك على لاعب وسط ممتاز جدًا هو بحاجة ماسة له، لأن الفريق لا يضم حتى الآن البديل الكفء لنجمه طارق حامد ويتأثر كثيرًا عند غيابه، ولا يوجد في مصر خيار أفضل من دونجا بيراميدز.

العنصر الثالث كان حصول الزمالك على مبلغ مالي كبير يُساعده في أزمته المالية الحالية، ملايين كانت قادرة على حسم ملف تجديد عقود لاعبيه يوسف إبراهيم أوباما وفرجاني ساسي وضمان بقاء أشرف بنشرقي ومحمود حمدي الونش ومحمود عبد الرحيم جنش وغيرهم ممن يطالبون بتحسين عقودهم ماليًا.
وعلينا ألا نهمل رغبة مصطفى محمد في الرحيل، وأن الزمالك سيحتاج بديلًا جيدًا له حال حدث ذلك، ومحمود وادي كان أحد الخيارات الجيدة جدًا لكنه أصبح الآن غير متاح بعد انتقاله إلى بيراميدز في صفقة كبيرة.
الزمالك بالتأكيد كان سيخسر أحد نجومه الكبار وأحد أبرز تشكيله الأساسي وصناع الفارق لديه، رحيل مصطفى محمد لن يُعوض بسهولة وبالتأكيد وادي كان سيحتاج وقتًا مناسبًا للانسجام مع الأجواء الجديدة والضغوطات الإعلامية والجماهيرية، وربما لا ينسجم أبدًا !! أي صفقة بها نسبة كبيرة من المغامرة كما نعلم.
لنعود للسيناريو التخيلي، ماذا لو تمت تلك الصفقة التبادلية وحصل الزمالك على دونجا وعدد كبير من ملايين الجنيهات المصرية وضم محمود وادي وتخلي عن مصطفى محمد؟
كان الفريق سيُجدد عقدي ساسي وأوباما ويُحسن عقود الونش وبنشرقي وجنش وعبد الله جمعة، ويضم بديل ممتاز لطارق حامد، ويضم مهاجم كفء لديه بوادر كثيرة تدعو للثقة بفرص نجاحه، وربما يتحرك بشكل أفضل في سوق الانتقالات ويتعاقد مع قلب دفاع وجناح ولاعب وسط إضافي ... كل هذا مقابل فقط خسارة مصطفى محمد والتي لاتزال واردة مقابل الحصول على مبلغ كبير من المال فقط.
برأيكم، هل خسر الزمالك برفضه تلك الصفقة وهل كان الأفضل له أن تتم؟ أم أن بقاء مصطفى محمد معه هذا الموسم هو الأهم؟
من الرابح .... الخيال أم الواقع؟




