قبل 10 سنوات من اليوم، بالتحديد في 8 يوليو 2014 تعرضت البرازيل للهزيمة الأسوأ في تاريخها، سقطت بلاد السامبا على أرضها ووسط جماهيرها أمام ألمانيا بنتيجة 7-1 في نصف نهائي كأس العالم، مباراة غيرت تاريخ كرة القدم ليس فقط في البلاد التي تتنفس اللعبة ولكن العالم أجمع.
كان يفترض أن تكون الهزيمة الساحقة منعطف طرق يخرج المنتخب البرازيلي من النفق المظلم الذي كان دخله عقب اعتزال الجيل التاريخي بقيادة رونالدو ورونالدينيو وريفالدو وكافو وروبرتو كارلوس، وانعدام المواهب التي كانت عنواناً للفريق الكناري في السنوات التي تلت، ولكن ذلك لم يحدث.
10 سنوات مرت شهدت تعاقب 5 مدربين بداية من عودة دونجا، ومروراً بتيتي الذي كان الأبرز وحقق كوبا أمريكا ومعه كان هناك بوادر أمل ولكن إخفاقي روسيا وقطر كتبا نهاية تجربته، ثم الثنائي المؤقت رامون مينيسيز وفيرناندو دينيز الذي قاد بلاده رفقة ناديه بالميراس، ووصولاً للحالي دوريفال جونيور الذي رغم نفي الاتحاد البرازيلي، ولكن يبدو أن تجربته لن تتعد العام عقب العروض الباهتة في كوبا أمريكا هذا الصيف والخروج من ربع النهائي، والأهم علاقته المقطوعة تقريباً مع لاعبيه وفشله في إخراج الأفضل من فينيسيوس والبقية.
لا يخفى على أحد معاناة البرازيل مع قلة المواهب، باستثناء نيمار لم تنجب البلاد "ساحراً" في السنوات الماضية يصنع الفارق كما كان الحال دائماً بحضور أمثال بيليه، زيكو، روماريو، رونالدو، ورونالدينيو، منذ 2002 وبدأت الأزمة في الاتضاح، ورغم خروج عديد اللاعبين المميزين، ولكن لم يرتق أي منهم للسابق ذكرهم، وأصبح نجوم البرازيل في أوروبا مدافعين وحراس مرمى في سابقة غير معتادة!
حاولت البرازيل مواكبة تطور كرة القدم في العالم واتجهت للتكتيك، وعينت دونجا الذي حاول ولكن فشل في محاولتين لتطويع المتاح لتقديم فريق فريق منظم وصلب لأن البرازيل واحدة من تلك الفرق التي لا تعرف إلا اللعب بطريقتها كحال برشلونة وأياكس كمثال، وبقية المدربين المحليين الذين جاءوا بما فيهم فيليباو سكولاري بطل 2002 فشلوا في تقديم جديد، بل وكان سكولاري ضحية لسباعية ألمانيا وتحول من بطل إلى صاحب الفضيحة الأكبر في تاريخ البلاد.
عقب فشل تيتي في التتويج باللقب العالمي، أدرك المسؤولون أن الحل هو المدرب الأجنبي، سابقة غير معهودة في تاريخ البلاد، ولكن كما الحال مع ندرة المواهب على صعيد اللاعبين، فالأمر مشابهه على جبهة المدربين، وليس عيباً أن تعترف بالمشكلة وتتجه للخارج في علاجها في عصر "عولمة" كرة القدم، ومن هنا كان الحديث عن جوزيه مورينيو، بيب جوارديولا، وكارلو أنشيلوتي.
لا يمكن اللوم كثيراً على البرازيل في تلك الخطوة، توصلوا لاتفاق مع أنشيلوتي وكان الرجل على وشك القدوم وبداية الثورة التي يحتاجها الفريق، ومن أفضل ممن أخرج النسخة الأحسن للاعبي السامبا في ريال مدريد فينيسيوس، رودريجو، وميليتاو، ولكن فلورنتينو بيريز كان له رأياً آخر، وأقنع الإيطالي بالاستمرار في القلعة البيضاء، مكسب للملكي الذي واصل حصد بطولاته معه، وخسارة البرازيل التي أتت بمحلي جديد والنتيجة منتخب بلا طعم دفع رونالدينيو حتى للتوقف عن تشجيعه رغم تنصله "الدعائي" من تصريحاته!
الأمور بعد يمكن علاجها، النية موجودة لعلاج الخلل بتعيين أجنبي خبير، فشلت خطة أنشيلوتي ولكن خطة جوارديولا قد تدخل حيز التنفيذ والظروف مواتية، الكتالوني بحسب التقارير سيغادر سيتي الصيف المقبل، وتجربة قيادة المنتخب الأكبر في تاريخ اللعبة بالتأكيد تجذب بيب، وخلال ذلك العام مدرب مؤقت قد يودي الغرض كما فعل دينيز ومينيسيز مؤقتاً حتى يتفرغ جوارديولا.
تحب أو لا تحب البرازيل، لا أحد يتقبل فكرة أن "السامبا" يصل لذلك المستوى من الانحدار، حتى الأرجنتينيون وعلى رأسهم مارسيلو بييلسا، مدرب الأوروجواي، ليسوا سعداء، لابد من الفأر للقط حتى تستمر الحياة، وكرة القدم تحتاج البرازيل لتعود لها طعهما ومذاقها الخاص في زمن سيطر عليه التكتيك وغابت في الألحان والمتعة.