لعب الاتحاد 24 مباراة هذا الموسم في دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين السعودي، وقد مر دفاعه بحالتين مختلفتين .. الأولى امتاز خلالها بالصلابة والقوة والقدرة على حماية مرماه جيدًا، فيما الثانية شهدت تراجعًا واضحًا في الأداء الدفاعي وأصبح الحفاظ على المرمى خاليًا من الأهداف صعبًا للغاية بل مستحيلًا ... لُغز كبير سنُحاول تفسيره في الأسطر التالية.
اقرأ أيضًا | فان دايك وأليسون × حجازي وجروهي ... رجال ثورة ليفربول والاتحاد
أزمة دفاعية؟ الأرقام تتحدث
نستطيع تقسيم مسيرة الاتحاد في الدوري السعودي هذا الموسم دفاعيًا إلى نصفين، المباريات الـ12 الأولى والـ12 الثانية .. والمثير أن اللقاء الأخير من القسم الأول شهد آخر حفاظ للاتحاد على نظافة مرماه، كان مباراة الفوز على ضمك بهدف دون رد.
الاتحاد في المباريات الـ12 الأولى استقبل 10 أهداف واستطاع الحفاظ على نظافه مرماه في 4 مباريات، سُدد على مرماه 178 تسديدة منهم 52 بين القائمين والعارضة.
لعب حارس مرماه مارسيلو جروهي جميع المباريات الـ12، وقد تصدى لـ42 تسديدة بنسبة نجاح 80.7%.
المباريات الـ12 الأخيرة شهدت استقبال الاتحاد لـ13 هدفًا، دون أن يستطيع الحفاظ على نظافة شباكه في أي مباراة، وقد سُدد على مرماه 213 تسديدة كان منهم 63 بين القائمين والعارضة.
جروهي لعب المباريات الـ12 كاملة كذلك، وقد تصدى لـ46 تسديدة بنسبة نجاح بلغت 75%.
الملاحظ هنا أن عدد التسديدات التي تعرض لها مرمى العميد زادت بوضوح في النصف الثاني من الموسم، وهو ما أدى تباعًا إلى ازدياد عدد الأهداف التي دخلت مرماه، لكن السبب خلف ذلك يبقى مجهولًا.
هنريكي الاختلاف الوحيد ... ولكن!
قد يقول قائل أن السبب في تراجع دفاع الاتحاد هو غياب أحد لاعبي خطه الخلفي الأساسيين، لكن ذلك لم يحدث!
الثنائي أحمد حجازي وزياد الصحفي قادا دفاع الاتحاد طوال الموسم تقريبًا، الأول غاب عن 3 مباريات فقط منهم 2 قبل قدومه والثالثة أمام القادسية للإيقاف وانتهت بفوز العميد 4-1، فيما الثاني لعب 20 مباراة ولم يغب في النصف الثاني سوى عن لقاء واحد كان أمام العين وانتهى بفوز الاتحاد كذلك 2-1.
في وسط الملعب الدفاعي تناوب الثلاثي، كريم الأحمدي وعبد الإله المالكي وبرونو هنريكي، على اللعب حتى تعرض الثالث لإصابة أبعدته عن الفريق منذ مباراة الخسارة أمام الاتفاق 2-0.
هنريكي كان أساسيًا في 9 مباريات من الـ12 الأولى وغاب عن 3 مباريات للإصابة، وهو ما يجعله الاختلاف الوحيد بين تشكيلي الاتحاد خلال الفترتين.
الغريب أن لاعب الوسط البرازيلي كان مكلفًا بالأدوار الهجومية في وسط الملعب، وقد كان حتى إصابته يتصدر صناع الفرص في الفريق، أي أن ابتعاده والاعتماد على الأحمدي والمالكي مفترض أن يزيد من القوة الدفاعية لوسط الملعب ويُوفر ستارة دفاعية قوية أمام الخط الخلفي.
وفيما يلي مقارنة بين أداء اللاعبين الثلاثة هذا الموسم، ويتضح منه تمامًا الفارق في الأداء الدفاعي لصالح الأحمدي والمالكي وفي الأداء الهجومي لصالح هنريكي.
مشكلة فردية أم تكتيكية؟
اللغز الدفاعي لدى الاتحاد قد يُفسره البعض بأنه مشكلة فردية نتيجة تراجع في أداء اللاعبين، لكن ما رأيناه طوال الموسم هو مستوى ثابت وممتاز من المجموعة الدفاعية في الفريق وعلى رأسهم المصري أحمد حجازي.
الفارق الوحيد هو ربما حارس المرمى جروهي الذي تراجعت نسبة تصدياته من 80.7% في النصف الأول إلى 75% في النصف الثاني، لكن علينا هنا ألا نتجاهل حقيقة أنه تعرض لعدد أكبر من التسديدات على مرماه، إذ كان 187 في النصف الأول وزاد إلى 213 في الثاني.
ما سبق يعني أن المشكلة الفردية يُمكن استبعادها، إذًا هل هي مشكلة تكتيكية؟ يبدو لا كذلك لأن طريقة لعب المدرب فابيو كاريلي لم تتغير طوال الموسم، وهي 4-2-3-1 تتحول أحيانًا إلى 4-4-2 بتواجد رومارينيو بجانب ألكساندر بريجوفيتش في الهجوم.
التفسير الوحيد .. اللعب للهجوم
الاتحاد اعتاد تحت قيادة كاريلي أن يلعب دفاعيًا بأسلوب الدفاع المتأخر .. الفريق لا يتقدم للهجوم كثيرًا، بل يلعب بتنظيم دفاعي قوي في نصف ملعبه ويعتمد على الهجمات المرتدة السريعة والتحولات السريعة من الدفاع للهجوم وقت الاستحواذ على الكرة، وهو ما يُساعد مدافعي الاتحاد جميعًا على تقديم أداء قوي.
ربما الفارق الوحيد الذي حدث في المباريات الأخيرة أن الفريق بدأ يلعب للهجوم أكثر، إذ بدأ الظهيران يتقدمان أكثر للهجوم وهو ما يترك خلفهما مساحات ينجح المنافسون في استغلالها بالهجمات المرتدة، وكذلك يُفضل الجناحان الأماميان التركيز في الواجبات الهجومية على التضحية الدفاعية والعودة لمساندة الدفاع.
هذا الأمر زاد في قوة الاتحاد الهجومية كما تؤكد الأرقام، إذ أحرز الفريق 20 هدفًا في المباريات الـ12 الأخيرة فيما لم يُحرز سوى 15 في الـ12 الأولى.
SPLرقم آخر يؤكد اختلاف نسبي في الأسلوب، هو أن نسبة استحواذ الاتحاد على الكرة في النصف الأول كانت 48% فيما ارتفعت في النصف الثاني إلى 51% ... نعم، هو مجرد 3% فارق لكنه منح الأفضلية للعميد بدلًا من منافسه وذلك فارق واضح وكبير.
تراجع تسديدات الاتحاد على المرمى من 49 إلى 44 والفرص المصنوعة من 121 إلى 101 لصالح النصف الأول من الموسم يؤكد كذلك أن الفريق بدأ يغير أسلوب لعبه بالاعتماد أكثر على الاستحواذ، ونعلم جميعًا أن الوصول للمرمى في الهجمات المرتدة السريعة يبقى أسهل من الوصول له بالاستحواذ والهجوم المنظم خاصة مع عدم امتلاك الفريق للاعبين أصحاب الجودة المناسبة لذلك الأسلوب، بل العكس .. الاتحاد يمتلك لاعبين أصحاب سرعة ومهارة يستطيعون الضرب بالمرتدات.
اللعب للهجوم وبالاستحواذ قد لا يكون مصدره تعليمات فنية من المدرب كاريلي، لأن الواضح أنه يُفضل أسلوب الدفاع الإيجابي، بل ربما هي رغبة اللاعبين في الهجوم وإحراز الأهداف والفوز لشعورهم أنهم اقتربوا من الفوز باللقب ورغبتهم في الاقتراب أكثر من حلمهم .. أي أن الأمر ذهني ونفسي.
لا حجازي ولا الصحفي .. ماذا سيفعل كاريلي أمام الهلال؟
أمام الهلال في الجولة القادمة من الدوري السعودي لن يلعب أحمد حجازي وزياد الصحفي للإيقاف، وهو ما يضع دفاع الاتحاد في ورطة كبيرة بالنظر لأنه يُعاني في وجودهما فما الذي سيحدث في غيابهما وأمام هجوم شرس مثل الهجوم الهلالي؟
المدرب كاريلي استقر على البدء بعمر هوساوي ومازال يُفاضل بين مختار فلاتة وحمدان الشمراني لاختيار أحدهما، لكن كفة الثاني تبدو أرجح خاصة أنه قدم أداءً جيدًا حين لعب قلب دفاع قبل ذلك.
Goal ARالمرجح أن يلعب الاتحاد مباراة الهلال بأسلوب دفاعي يعتمد على التنظيم الدفاعي المحكم في نصف ملعبه ومحاولة المباغتة بالهجمات المرتدة السريعة واستغلال أخطاء الهلال الدفاعية، وهي موجودة ومتكررة بالمناسبة.


