إذا تجولت بين مشجعي الأهلي خلال الأيام الماضية وقبل لقاء القمة، فستجد أن الحديث مختصرًا على قمة كأس السوبر المصري المنتظرة أمام الزمالك، وتحديدًا عن إمكانية لحاق رمضان صبحي؛ جناح أيسر الفريق، ومدى أهمية وجوده في المباراة..
إذا تصفحت محركات البحث لجمهور القلعة الحمراء، فستجد أن معرفة تطورات إصابته هي ما يشغل بالهم، في محاولة للاطمئنان على وضعه قبل قمة السوبر..
دائمًا ما نقول أن الأهلي لا يقف على أي لاعب، وهي حقيقة مؤكدة على مر العصور، لكن عندما أصيب رمضان بديسمبر الماضي، وأعلن الجهاز الطبي غيابه عن الملاعب لمدة لن تقل عن أربعة أسابيع، انتاب البعض القلق من تأثر أداء الشياطين الحمر، خاصةً أن إصابة ابن الـ23 عامًا جاءت في فترة توهجه، لكن تأكدت من جديد مقولة "الأهلي لا يقف على أحد"، فلم يتأثر الفريق وتواصلت الانتصارات كما كانت.
صباح اليوم، أعلن السويسري رينيه فايلر؛ المدير الفني للمارد الأحمر، أن جناحه الأيسر لن يلحق بلقاء الفارس الأبيض، مؤكدًا أنه رغم مشاركته في التدريبات الأخيرة إلا أن شفائه لم يكتمل بعد.
رغم هذا التصريح إلا أن البعض يتوقع أن هناك خدعة ما في الأمر، وطالب جمهور الأبيض الجهاز الفني لناديهم بعدم تصديق كليًا تصريحات فايلر.
الأبيض لا يتحمل - ماذا يحدث عندما يلتقي الأهلي والزمالك مرتين خلال أسبوع؟
أقلق الأهلاوية والزمالكاوية في آنٍ واحد، فكيف أصبح ابن الـ23 عامًا لاعبًا بهذه الأهمية في سن صغير؟
otherدعونا نعود للوراء خمس سنوات، وتحديدًا في 15 أكتوبر عام 2015، على ملعب هزاع بن زايد بمدينة العين الإماراتية، الأهلي والزمالك يلتقيان في السوبر المصري، الفارس الأبيض تقدم أولًا في الدقيقة 26 عن طريق عمر جابر، ثم سنحت له فرصة إصابة الهدف الثاني في الدقيقة 34، لكن محمود عبد المنعم "كهربا" أهدر ضربة الجزاء.
المباراة تنسحب معنويًا من تحت أقدام لاعبي القلعة الحمراء، لكن يتحصل رمضان صبحي في اللحظات الأخيرة من الشوط الأول على ضربة جزاء، لينهمر بعدها في البكاء.
يقول صاحب الـ23 عامًا عن هذه اللحظة: "تساقطت دموعي رغمًا عني، فقد كانت هناك ضغوط كبيرة عليّ، البعض يتحدث عن تراجع مستواي بطريقة غير جيدة، كل ذلك جعلني مضغوطًا للغاية، لكن بعد أن تحصلت على الجزائية، أدركت أننا عائدون للمباراة من جديد.
"في هذه اللحظة اقترب حسام غالي؛ قائد الفريق آنذاك، مني وقال لي لا تقلق سنفوز، أترك كل الضغوطات عليّ وألعب بأريحية".
لم يتحمل صبحي الضغوطات، كان وقتها ابن الـ18 عامًا آنذاك الضغوطات والانتقادات التي توجه له، لكن الآن وبعد خمسة أعوام، بعد منحدرات عدة، ها هو رمضان صبحي، الذي أصبح صاحب الشخصية القيادية المميزة، التي يشيد بها الجميع.
في صيف عام 2016 رحل قائد المنتخب المصري الأولمبي عن الأهلي محترفًا في ستوك سيتي الإنجليزي، وخلال عامين كاملين لم يشارك بها سوى في 46 مباراة لدقائق معدودة، سجل خلالها ثلاثة أهداف وصنع مثلهم.
وفي صيف عام 2018، انتقل صبحي إلى هيدرسفيلد الإنجليزي لمدة موسم ونصف، ساءت الأوضاع بها أكثر ليشارك في أربع مباريات فقط لا غير.
بعد أن كان متألقًا مع الأهلي، أصبح أسيرًا لمقاعد البدلاء في الدوري الإنجليزي، ما زاد من وضع رمضان السيئ هو أنه عندما عاد للقلعة الحمراء في يناير 2019، اصطدم بطريقة تعامل الجهاز الفني للمنتخب المصري الأول بقيادة خافيير أجيري، معه، إذ أكد في أكثر من مناسبة أنه ليس من ضمن حساباته، فطريقة لعبه لا تناسبه!

كل هذه الأزمات كانت كفيلة أن تُحبط لاعبًا لا يزال في مقتبل العشرينات، لكننا تفاجأنا برمضان يستجيب لدعوة المنتخب المصري الأولمبي بعدما كان من ركائز المنتخب الأول، لكنها لم تكن مجرد استجابة، فقد أثبت بها للجميع كم هو موهوبًا في الملعب وقائدًا في الوقت ذاته.
قائد يجيد توجيه زملائه بالملعب، يشعل حماسهم، شعرنا وكأنه ابن الـ30 عامًا صاحب الخبرات، حتى نجح في النهاية لحصد لقب كأس أمم إفريقيا تحت 23 عامًا في نوفمبر الماضي

يقول حسام غالي؛ قائد الشياطين الحمر الأسبق: "وجود رمضان صبحي يضيف ثقل وقيمة للفريق، حتى أنه يؤثر في أي فريق، فقد جعلت تجربته الاحترافية منه هذا اللاعب الثقيل".
ويزيدنا أحمد حسام "ميدو" عن جناح أيسر المارد الأحمر: "وجود رمضان في قائمة الأهلي للقمة يجعل تفكير كارتيرون مشغولًا، هل سيشارك أم لا؟، هو من أفضل المواهب التي أتت لمصر في السنوات الأخيرة، فقد حدث تغييرًا جذريًا في شخصيته، تحول في فترة قصيرة جدًا من لاعب صغير إلى ليدر وقائد، أشعر أنه كبر عشر سنوات".
ابن الـ23 عامًا أجبر الجميع ليس فقط على تقدير موهبته، فهي مقدرة منذ اليوم الأول الذي تم به تصعيده للفريق الأول بالأهلي، لكن كذلك على احترام شخصيته القيادية المقاتلة، التي تجعل وجوده في الملعب مهمًا حتى لو كان بنصف قوته.
نشأة رمضان بين الجيل الذهبي للأهلي، بجانب ما يمتلكه من مقومات شخصية، جعل منه هذا النجم الذي يشيد به الجميع حاليًا، نجح في الاستفادة الكاملة من محمد أبو تريكة، محمد بركات، وائل جمعة، عماد متعب، حسام غالي وغيرهم، فلم يتأثر بالجلوس على مقاعد بدلاء إنجلترا بطريقة سلبية، بل أخذ الجانب الإيجابي من الأمر، فأصبح محترفًا على حق.
رمضان صبحي درس مجاني لكل لاعب شاب، ليتعلم منه كيف يحافظ على موهبته رغم ما قد يمر به من منحدرات وأزمات.




