kloppgetty/goalar

إكتئاب إرهاق وسعي للإقالة.. مدربون لم يتحمّلوا ضغط المهنة

"لو كنت مكانه لما أشركت هذا اللاعب" أو مثلاً "هل يُعقل أنه لم يقم بهذا التبديل؟ وكيف له أن يدخل بهذه التشكيلة؟"، جميعنا في فترة ما تفوهنا بهذه العبارات، لأننا كمتابعين إما لأنديتنا المفضلة، إما للعبة عموماً، نرى أنفسنا أكثر إداراكاً لمتطلبات المباراة والفريق من مدربه، 

ماذا إذا قلت لكم أن بعض المدربين يتمنون حقاً أن نكون في مكانهم ونتحمّل عبء الضغط الذي يتحمّلوه؟ 

هل تعتقدون أن مهمّة التدريب سهلة؟ أو أنها طريق سهل لتحصيل الأموال؟ ليس فقط في الأندية الكبيرة، بل حتى المتواضعة منها، طبعاً كُثر منا قد يُجيب: "وما الجديد؟ جميعنا نتعرّض للضغط في وظائفنا"، صحيح، لكن إحصائية جديدة طفت على سطح الأحداث مؤخراً كشفت لنا الجانب الإنساني للعبة لا نرى منها أحياناً سوى: الإحصاءات، النقاط الثلاث، التأهل، الفوز والخسارة.

مؤخراً كشف إتحاد المدربين في البريميرليج أن أكثر من 59% من المدربين الجدد أو بالأحرى من دخلوا عالم التدريب حديثاً يرفضون العودة إليه بعد تعرّضهم للإقالة، أي أكثر من نصف المدربين حديثي المهنة يُفضلون تغيير مسارهم المهني رفضاً للتعرّض مرّة جديدة للضغوطات نفسها. 

لا جديد في هذه الإحصائية إن أردنا أن نأخذها من منظار حياتنا اليومية، لكن الحقيقة أن هذا الرقم هائل، تخيّلوا أن نسبة بقاء الموظفين الجدد في وظيفة ما يبلغ 41% فقط وأن بعض الموظفين يلجأ للكحول والإكتئاب أو حتى يُفكر بالإنتحار بعد خسارة مباراة في التصفيات والإقصاء من بطولة او خسارة مباراة كان متقدماً في نتيجتها. 

فالديس وإنكة وبادشتوبر .. برانديلي يعيدنا إلى أشهر ضحايا الاكتئاب والانتحار

هذا ما حصل فعلاً مع المدرب براين ماكديرموت، المدرب السابق لنادي ريدينج، الذي إعترف في حديث لموقع The Atheltic أنه فكّر في تناول أدوية مضادة للإكتئاب خفية عن عائلته بسبب الإرهاق النفسي الناتج عن خسارة بطاقة العبور الى البريميرليج أمام سوانزي عام 2012، كاشفاً أن ما لا يعلن عنه أحياناً المدربون الذين يتعرّضون لهذا النوع من الضغوطات هو أنهم ينتظرون بالسرّ قرار الإقالة بهدف الراحة من هذا العبء. 

الفكرة نفسها كررها مدرب ساندرلاند السابق نيال كوين، الذي خاض في تفاصيل التعاقد مع اللاعبين وعقد الآمال عليهم أو إستلام مهمة توظيفهم بدون نجاح "كنت أنظر إلى اللاعبين الذين يقدمون مباريات سيئة وأنظر إلى السماء متأكداً أن الله لا يريد لي هذه الوظيفة.. أحياناً بعد الخسارة أذهب لإحتساء الكحول قبل العودة إلى المنزل، عندما تكون متقدماً 1-0 يكون الأمر مُقلق حتى النهاية وعندما تكون متأخراً بهدف نظيف وتخسر المباراة فإنك تعلم أيضاً أن نهاية الأسبوع أصبحت فصلاً من فصول الجحيم". 

هذه التصريحات تُعيد للأذهان ما حدث مع المدرب الإيطالي تشيزاري برانديلي الذي أعلن الإستقالة من منصبه في فيورنتينا قائلاً: "ربما هذا العالم الذي شكل جزءا من حياتي لم يعد عالمي، فلم أعد اعترف بهذا العالم. بالتأكيد تغيرتُ والعالم يمضي أسرع مما كنت أتصور".

هذا الأمر عبّر عنه بوضوح مدرب شيفيلد يونايتد السابق جاري مونك، الذي كشف في حديثٍ صحفي، ان المدرب أحياناً "ينتظر الإقالة"، شارحاً بالقول: "الأمر لا يعود إلى عدم الرغبة بالعمل بل لفكرة أننا في اليوم التالي ليس علينا الذهاب إلى العمل وإقناع 50 الى 60 شخصاً بالقيام بعملهم بطريقة صحيحة، لا يُمكننا معرفة صعوبة هذه المهمة قبل أن نقف على خط التماس ولا يسعنا أن نُدرك ما إذ كنا أهل للتدريب قبل أن نُجبر على أخذ القرارات عند هذا الخط". 

مبادرة لمساعدة المدربين على إستبعاد فكرة الإنتحار

في هذا الصدد ونظراً إلى كل ما ذكرناه سابقاً يهتم إتحاد المدربين في إنجلترا بالصحة النفسية للمدربين مقدمين عناية نفسية على مدار السنة بالأخص إلى المدربين الجدد في المهنة. 

 كل هذه الضغوطات التي تخرج إلى العلن اليوم تجعلنا ننظر إلى المدربين اليوم في الصفوف الأولى بمنظار إنساني آخر، نتابع ردود أفعالهم في المؤتمرات الصحفية بأسلوب مختلف ونُدرك أن قراراته لا تؤثر على نتائج فريق بل أيضاً يمكن أن تؤثر على وظائف طاقم تدريبي بأكمله. 

الإهتمام بالناحية الإنسانية للعبة كرة القدم قد تجعلنا نرى لعبتنا المفضلة من زاوية أخرى، قد نتفهم أكثر بعض قرارات الإقالة او أحياناً قرار إختيار مدرباً على آخر، قد لا نراه جيد فنياً لكن من عيّنه يعلم أنه على الأقل "جيد تحت الضغط".

إعلان