هيثم محمد فيسبوك تويتر
"سنلعب من أجل الثأر، هذه هي الحقيقة، في ذلك النهائي في روما لعبنا أمام فريق يوفنتوس اتضح فيما بعد أنه كان يتعاطى المنشطات، لا أحد يعلم الحقيقة، ولكن في أياكس هذا الأمر لا يزال يؤلمنا مع كامل الاحترام ليوفنتوس"، هكذا علق دافيد إندت، المدير الرياضي للفريق الهولندي في 1996 على خبر وقوع فريقه بمواجهة البيانكونيري في ربع نهائي دوري الأبطال، مواجهة أعادت فتح قضية شغلت الرأي العام كثيراً في تسعينيات القرن الماضي، والمشهورة بقضية "أجريكولا".
يملك الفريقان أياكس ويوفنتوس تاريخاً حافلاً من المواجهات على الصعيد القاري، ولكن تبقى المباراة في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1996 خاصة ليس فقط كونها التتويج القاري الأخير ليوفنتوس، ولكن بسبب تفجيره عالمياً لقضية كانت تشغل الرأي العام الإيطالي وقتها بعد الاتهامات لبطل إيطاليا بإعطاء لاعبيه منشطات بشكل ممنهج.
القضية فُتحت بالأخص في 1998، عندما اتهم زيدنك زيمان، مدرب روما، الاتحاد الإيطالي بالتساهل في تعاطي المنشطات ووجود تلاعب بنتائج التحاليل والفحوصات قبل المباريات، وخص بالذكر يوفنتوس ونجومه لوكا فيالي وأليساندرو ديل بييرو وفابريتسيو رافانيلي، ليفتح باباً كان محل لغط كبير قبل ذلك، وخصوصاً في أعقاب نهائي دوري الأبطال وكأس إنتركونتيننتال قبلها بعامين.
وكانت أولى الاتهامات من قبل الهولنديين بعد خسارة مواطنهم أياكس نهائي دوري الأبطال، إذ خرجت الصحافة لتتحدث عن الأداء البدني الخرافي للاعبي يوفنتوس واللياقة المرتفعة على مدار 120 دقيقة بين الفريقين، اتهامات تكررت بعدها بأشهر قليلة ولكن من قبل الأرجنتينيين بعد خسارة ريفر بليت مباراته مع البيانكونيري بهدف نظيف.
Getty Imagesرامون دياز، مدرب ريفر، كان قاسياً في اتهاماته: "كان هناك فارقاً واضحاً في القدرات البدنية بين اللاعبين لصالح يوفنتوس، والأمر ليس معنا فقط ولكن مقارنة مع كل فرق الدوري الإيطالي، الأمر لا يعود لي، ولكن بيد الاتحاد الدولي للحكم".
الاتحاد الإيطالي رضخ وفتح تحقيقاً مع يوفنتوس في 2002 بخصوص تعاطي لاعبيه لمواد محظورة تساعد على تحسين الأداء البدني، وهنا بدأ يظهر اسم ريكاردو أجريكولا، طبيب الفريق في حقبة مارشيلو ليبي التي فازت بلقب دوري الأبطال والانتركونتينينتال وهيمنت محلياً، وتم توجيه أصابع الاتهام للرجل بإعطاء لاعبي السيدة العجوز مواداً محظورة رياضياً.
وتمحور الحديث حول تعاطي لاعبي يوفنتوس مادة EPO، وهي مادة تعوض هرمون يفرزه الجسم يساعد على زيادة قدرة التحمل ولا يتم اكتشافها في التحاليل إلا بعد 6-7 أيام، ولكن من أعراضها الجانبية زيادة كثافة الدم، الأمر الذي ظهر في أكثر من تحليل للاعبي البيانكونيري، وفتح باب الشكوك.
المحاكمة التي وصلت للقضاء الإيطالي شهدت استدعاء عديد نجوم الفريق للشهادة، ومن ضمنهم زين الدين زيدان، مدرب ريال مدريد الحالي، روبرتو باجيو، جيانلوكا فيالي، وآخرين, ووجهت الاتهامات بشكل خاص لأجريكولا وأنتونيو جيراودو، المدير التنفيذي بالنادي، باستخدام المادة المحظورة ما بين 1993 وحتى سبتمبر 1998.
التحقيقات أفضت بالنهاية إلى إدانة أجريكولا باستخدام مادة EPO المحظورة من أجل تحقيق نتائج لا تتفق مع قواعد الاتحاد الإيطالي وقوانينه، مؤكدة أن المادة في حظ ذاتها قانونية، ولكن المشكلة في طريقة استخدامها، وتم الحكم على الطبيب بالسجن 22 شهراً وتبرئة جيراودو، وإن كان الأخير قد تم إدانته بعد ذلك بعدة سنوات في قضية التلاعب بالنتائج "كالتشيوبولي".
Gettyالثنائي أجريكولا وجيراودو خارج مقر تدريبات يوفنتوس بفينوفو
التهم بحق أجريكولا تم إسقاطها في الاستئناف عام 2005 بحجة أن الحقائق المذكورة لم يتم إثباتها وما قام به الطبيب لا يعد جريمة، ليبقى الرجل في منصبه رئيساً للقطاع الطبي حتى 2009، ثم يعود مجدداً في 2017 بعمر الواحدة والسبعين ويعيد فتح اللغط من جديد
أشهر هؤلاء النجوم كان زيدان الذي اعترف بحصوله على مواد من قبل الجهاز الفني، وخص بالذكر "الكرياتينين"، وهي مادة تساعد على تزويد الجسم بالطاقة ويعد استخدامها طبيعياً وغير محظوراً بين الرياضيين، مؤكداً أن الأمر لم يحدث معه إلا في إيطاليا، ولكن أكد على استفادته منها في ظل خوض الفريق لأكثر من سبعين مباراة بالموسم.
واعترف زيدان أن أجريكولا ومساعديه كانوا يعطونهم أدوية أخرى مثل سامير، دواء لعلاج آلام العضلات، وسافوسفينا، دواء يساعد على تحسين الدورة الدموية، ونيوتون لعلاج ضربات القلب غير المنتظمة،ولكن دون ذكر الEPO، وإن ذكر أن تلك الأدوية كانت تعطى له وباقي اللاعبين قبل وبعد المباريات.
عديد من نجوم البيانكونيري بتلك الفترة مثل فيالي وأنطونيو كونتي وباولو مونتيرو اعترفوا بحصولهم على مواد من قبل أجريكولا وجهازه الطبي، وأنهم لم يكونوا يعرفوا طبيعة تلك الأدوية وظنوا أنها مجرد فيتامينات أو مقويات عضلية، ولكن الإجماع كان على عدم ذكر أو الحديث عن الEPO محط الاتهام.

أنطونيو كونتي أمام القضة للإدلاء بشهادته
الهولنديون لم ينسوا ما حدث في نهائي 1996، وفي 2013 أنتجت NOS وثائقي احتوى على شهادة عالمين إيطاليين، جيوسيبي دي أونرفيو وأليساندرو دوناتي، أكدا إطلاعهما على وثائق تم التحفظ عليها وقت التحقيقات تثبت إعطاء أجريكولا مادة EPO للاعبي يوفنتوس بشكل ممنهج.
الوثائقي احتوى أيضاً على شهادة من رافائيلي جوارانييلو، المدعي العام في وقت التحقيقات، أكد فيها أن العينات التي تحدث عنها العالمان كانت موجودة بالفعل ولكن لم يتم تحليلها من الأساس من قبل المعمل المسؤول عن التحقيق، فاتحاً الباب لمزيد من الجدل والاتهامات، خصوصاً أن جوارانييلو كان نفس الشخص الذي أقر في حكم الاستئناف النهائي عام 2007 أن يوفنتوس لم يقم بأي مخالفات وتم تبرئة أجريكولا نهائياً.

جمهور روما في مقابلة أمام يوفنتوس: "يوفنتوس: أفعال وليس أقوال"
قضية أجريكولا رغم إغلاقها رسمياً وعودة الرجل لمنصبه لكنها تبقى تطارد يوفنتوس حتى الآن، وتصر جماهير الأندية الأخرى أنها كانت من أسباب الهيمنة المحلية للبيانكونيري وتفوقه في التسعينيات وبداية الألفية، وسينظر الكثير من جمهور أياكس، مثل إندت، إلى مباراة ربع نهائي الأبطال على أنها فرصة لرد الاعتبار بعد سنوات من اللغط والاتهامات.
