عندما انتقل خوليان ألفاريز في صيف 2022 إلى مانشستر سيتي قادماً من ريفر بليت، لم يكن الكثيرون، وحتى هو شخصياً يتوقع أن يكون أساسياً بغض النظر عن وجود إرلينج هالاند من عدمه، ولكن بعد عامين بالظبط سجل خلالهما 36 هدفاً وحقق كل الألقاب الممكنة قرر الأرجنتيني الرحيل بسبب هذا الأمر بالتحديد.
انتقل صاحب ال25 عاماً رسمياً إلى أتلتيكو مدريد مقابل 75 مليون يورو في أحد أضخم صفقات الصيف الحالي، مبلغ دفعه الروخي بلانكوس عن طيب خاطر بحثاً عن تعويض رحيل الثنائي ألفارو موراتا وممفيس ديباي وضم شريك جديد لأنطوان جريزمان، هذا الشريك سيسعى أن يعيد مدربهما دييجو سيميوني إحياء مسيرته كما فعل مع الفرنسي.
يتذكر الجميع ما حصل لجريزمان في برشلونة، وصل كنجم من أتلتيكو نفسه ولكن على مدار ثلاث سنوات تراجع مستوى الفرنسي كثيراً بسبب سوء الأحوال في برشلونة والتوظيف الخاطيء، حتى قرر العودة لناديه القديم مجدداً، ومع سيميوني عاد "جريزو" ليكون أحد أفضل لاعبي العالم من جديد.
قد لا يكون الوضع مشابهاً كثيراً بين حالتي جريزمان وألفاريز، لأن الأخير يأتي من مانشستر وهو لم يقصر، بل بالعكس، كان أحد أهم مفاتيح لعب الفريق، وسلاح مهم في تكتيكات بيب جوارديولا، المشكلة الوحيدة كانت وجود من يُدعى إرلينج هالاند بنفس مركزه.
لعب ألفاريز 103 مباراة بقميص سيتي، 52 منها كأساسي فقط، وأهمهم في نهائي دوري الأبطال ضد إنتر قبل عام لم يشترك من الأساس وبقي حبيس دكة البدلاء والسبب كما أسلفنا هو شريكه بنفس المركز النرويجي العملاق وماكينة الأهداف هالاند، والدليل أن معظم تلك المشاركات الأساسية مثلاً الموسم الماضي كانت بسبب إصابة هداف البريميرليج في آخر موسمين، وعندما يقرر جوارديولا اعتماد الثنائي يكون على ألفاريز التضحية واللعب على الجناح أو كمهاجم ثان والابتعاد عن مركزه الأساسي كرأس حربة، وفي بعض الأحيان يُهمش تماماً كما حدث بالأسابيع الأخيرة من الموسم الماضي وقت لُعب سيتي لحسم اللقب ضد آرسنال.
يُدرك ألفاريز جيداً وحاشيته أنه من الأفضل في العالم بمركزه، وأنه بسن الخامسة والعشرين بدأ يدخل مرحلة النضوج الكروي، ولا يمكن أن يعيشها وهو رهينة مهاجم آخر حتى لو كان في أفضل فريق بالعالم مع أفضل مدرب على الساحة الآن، ومن هنا المطالبة العلنية بالرحيل خلال الصيف الجاري، واختيار أتلتيكو مدريد حيث مواطنه سيميوني الذي يجيد دوماً إخراج الأفضل من لاعبي هجومه رغم أساليبه الدفاعية والتكتيكية المتحفظة، والأهم بالنسبة لألفاريز أنه سيكون في فريق بلا منافس له بمركزه، حتى جريزمان نفسه لن يكون كذلك في ظل تقدمه بالسن ولعبه بمركز المهاجم الثاني أكثر بالفترة الماضية.
نقطة أخرى قد تلعب دوراً هاماً في قرار ألفاريز الرحيل والبحث عن صفة الأساسي في فريق آخر بعيداً عن سيتي هو المنتخب الأرجنتيني الذي منذ بدأ مشواره معه وهو دائماً ما يلعب دور البطولة بجوار ليونيل ميسي بقيادة الهجوم، ولكن الوضع لن يستمر كذلك كثيراً إذا استمر هو بصفة الاحتياطي لموسم إضافي وواصل لاوتارو مارتينيز توهجه مع إنتر، حتى كبديل لألفاريز نفسه في الألبيسيليستي، والدليل كوبا أمريكا الأخيرة التي تُوج بها الأرجنتين بفضل أهداف لاوتارو "البديل".
اتخذ خوليان ألفاريز قراراً سليماً وبتوقيت مثالي بترك مانشستر سيتي هذا الصيف بعد أن فاز بكل شيء مع النادي وقدم ما عليه دون تقصير، وإذا استمر أملاً في رحيل مستقبلي لهالاند نحو أضواء الليجا كان سيغامر كثيراً، ولكنه هو من رحل نحو أضواء الليجا، ربما ليس مع عملاقيها الأساسين، ولكن مع مواطنه الداهية الذي سيعول عليه من أجل إعادة أتلتيكو إلى القمة مجدداً وكسر هيمنة ريال مدريد وبرشلونة.