دائماً ما كان الدوري الإيطالي مسرحاً لتألق اللاعبين بعد الثلاثين، نجوم مثل خافيير زانيتي، أندريا بيرلو، فرانشيسكو توتي، لوكا توني، أنطونيو دي ناتالي، والآن زلاتان إبراهيموفيتش وكريستيانو رونالدو وفابيو كوالياريلا يتألقون والأبرز بالسيري آ.
ظاهرة تألق اللاعبين كبار السن في شبه الجزيرة الإيطالية ظاهرة فريدة من نوعها، واختلف حولها الخبراء والجمهور، ما بين من أشار إلى أن السبب ينبع من اللاعبين نفسهم، وآخرون كانوا مع فكرة أن المسابقة في حد ذاتها هي السبب.
وفي العقد الماضي وسابقه استمر باولو مالديني وخافيير زانيتي حتى الأربعين رغم أن السيري آ كانت في أوج تألقها، وقبلهم بيبي بيرجومي وفرانكو باريزي كذلك، وحافظوا جميعاً على مستوى مميز، ولكن ما النقطة الجامعة بين كل هؤلاء؟ اللعب في الخط الخلفي والصفات القيادية.
Socialعوض هؤلاء النجوم ما فقدوه بعامل التقدم في العمر بما كونوه من خبرات، وما يمتلكون من شخصية قوية ترهب المنافسين، كلها صفات مهمة للاعب الخط الخلفي وفي دوري وقتها كان التكتيك والدفاع شعاره، مما أعطاهم الفرصة للاستمرار سنوات وسنوات في مستوى يسمح لهم باللعب بتلك السن المتقدمة، وفي أساليب لعب لا تعتمد على السرعة في المقام الأول.
بعد تلك المجموعة جاء لوكا توني، أنطونيو دي ناتالي، فرانشيسكو توتي، لويس فيجو، بافل نيدفيد، وآخرون، وقتها كانت الكرة الإيطالية بدأت الانحدار والتراجع، والمستوى الفني أقل عما كان عليه، ولذا إذا كنت تملك نقطة تفوق على غيرك من اللاعبين، الحس التهديفي مثل توني ودي ناتالي مثلاً، والمهارة في حالة توتي وفيجو وسيدورف مثلاً، ستصنع الفارق وتستمر في العطاء.
FC Inter 1908الآن يكرر إبراهيموفيتش ورونالدو وكوالياريلا الأمر ذاته، السيري آ تقهقرت خلف كبرى الدوريات الأوروبية أكثر وأكثر فنياً، نعم المستوى يعد قوياً وتنافسياً، ولكن الفوارق تبدو واضحة في المواجهات مع بقية فرق القارة، ولذا تستمر نقطة امتلاك نقطة تفوق على البقية تمنح هؤلاء النجوم قبلة الحياة رغم تخطي الخامسة والثلاثين.
ولكن هل ذلك يعني أن الأمر عائد فقط لتراجع مستوى الدوري؟ بالتأكيد لا، أن تتألق وتستمر في العطاء عكس العمر هذا أمر يعد خارج عن المألوف، كيف استمر بيرلو في العطاء مع يوفنتوس رغم التقدم في السن، بل وقدم بعضاً من أفضل عروضه، والآن الأمر ذاته يقال عن إبرا الذي انتشل ميلان من الضياع وأعاده للقمة، ويواصل ألعابه الأكروباتية في التاسعة والثلاثين.
Getty Imagesنقطة أخرى هي التقديس والهالة الخاصة التي يحظى بها هؤلاء النجوم بأنديتهم من قبل الإدارة والجمهور، الأخير خصيصاً في إيطاليا يعامل نجومه وكأنهم قديسين، ويمنحهم مكانة خاصة تعطيهم الدفعة المعنوية بالاستمرار والتألق.
الأمر إذاً مزيج بين ضعف الدوري وتراجعه عن ماضيه المجيد، ونجوم بقدرات خاصة يتحدون عجلة الزمان، ولكن يمكن النظر له بطريقة مختلفة، أنها فرصة لنا للاستمرار في التمتع بهؤلاء اللاعبين وما يقدمونهم لأعوام إضافية، بدلاً من التحليل والتفصيل، لأن الكرة في المقام الأول خُلقت لإمتاع الجمهور، وهؤلاء يفعلون ذلك بالتحديد، إذاً فاليحيا الدوري الإيطالي وعواجيزه!




