إذا تمعنت في الصورة أعلاه ستجد أن يسارها يوجد جمال موسيالا، لاعب بايرن ميونخ الشاب الذي كان حديث الإعلام في الأيام الأخيرة، وهو بقميص المنتخب الإنجليزي.
صاحب السبعة عشر عاماً جذب الأنظار بعد أن أعلن أخيراً أنه سيمثل المنتخب الألماني على الصعيد الأول، وليس الإنجليزي رغم أنه لعب مع الأخير في فئات الشباب وتدرج في أكاديمية تشيلسي.
قرار موسيالا باللعب لبلد أخرى غير إنجلترا يجعله ينضم لقائمة من اللاعبين الذين فعلوا المثل مثل ويلفريد زاها، أو هددوا بالاتجاه نحو أصولهم مثلما هو الحال مع آرون وان بيساكا وميكائيل أنطونيو.
الصحف الإنجليزي كتبت بكائيات عقب قرار موسيالا وتحسرت على ضياع الموهبة الشابة، وذهب البعض حتى للتشكيك في انتمائاته واتهامه بنكران الجميل بعد أن نشأ كروياً في ملاعب وأندية إنجلترا!
تعددت الحالات التي رفضت اللعب مع إنجلترا مؤخراً مما يفتح باب النقاش حول الأسباب، هل هي حقاً كما تقول الصحف الإنجليزية أزمة انتماء، أم ربما هناك أموراً أخرى وراء تلك القرارات؟ لنأخذ كل حالة على حدة.
في حالة موسيالا، هو مولود في ألمانيا بمدينة شتوتجارت لأم ألمانية وأب نيجيري، وانتقل إلى إنجلترا بسبب دراسة والدته ومن هناك انخراطه في أندية البلاد ولعب مع منتخبات الشباب.
اقرأ أيضاً .. من تشيلسي إلى بايرن ميونخ .. صناعة الجوهرة الجديدة جمال موسيالا
اللاعب عند حديثه بعد اتخاذ قراره قال إنه يحترم إنجلترا ويكن لها كل الحب نظراً للفترة التي قضاها هناك، ولكن يشعر بأنه ألماني وانتمائه للبلد الذي وُلد فيه ويعيش به الآن، الكلام الذي يعد منطقياً ويفسر قراره.
ننتقل إلى حالة أخرى هي زاها، الأخير لعب مباراتين وديتين مع إنجلترا وهو شاب في عهد روي هودسون، ولكن عندما تم تجاهله في قائمة اليورو قرر التحول لبلده الأصلي كوت ديفوار في 2016.
Getty Imagesزاها من مواليد أبيدجان وانتقل إلى إنجلترا بسن الرابعة حيث نشأ وكبر ومن هنا كان قراره الأول باللعب مع الأسود الثلاثة، ولكن عندما وقع تجاهله استغل قوانين الاتحاد الدولي وتحول للعب بألوان بلده الأصلي.
حالة شبيهة هي تلك الخاصة بالثنائي ميكائيل أنطونيو، لاعب وست هام، وآرون وان بيساكا، من مانشستر يونايتد، حيث البحث عن الفرصة للعب دولياً هي المحرك الأساسي في قرارات اللاعبين.
Gettyالأول تحدث عن تلبية نداء جامايكا التي سبق ورفضها في 2016 وذلك بسبب شعوره بالحب تجاه بلده الأصلي رغم أنه وقع استدعائه في أكثر من مناسبة، ومن أكثر من مدير فني، لإنجلترا، ولكن لم يشارك، وبالتالي يحق له التحول.
الثاني هو الآخر سئم الانتظار للحصول على فرصته مع جاريث ساوثجيت الذي يفضل ترينت أرنولد وكايل ووكر، وحتى في غيابهما أعطى الفرصة لكيران تريبيير وريس جيمس، مما جعل ظهير يونايتد ينفتح على فرضية اللعب مع الكونغو الديموقراطية التي تنحدر منها أصوله وسبق ومثلها في فئات الشباب.
Gettyحتى حالة ليون بيلي، لاعب باير ليفركوزن الذي ارتبط بمانشستر يونايتد، لها أسبابها، فجدوده من أصول إنجليزية نعم، ولكن لم يولدا في البلاد، وبالتالي لا يحق له تمثيل إنجلترا من الأساس كما قيل، واختياره جامايكا على حساب ألمانيا أتى بعد أن تجاهله يواخيم لوف في اختياراته للمانشافت.
إذاً في المجمل يبحث اللاعبون عن الفرصة الأفضل، المنتخبات أصبحت مع تعديل القوانين أشبه بالأندية والحديث عن الانتماءات ليس واقعياً، بل الكل يبحث عن الفريق الذي سيعطيه مساحة أكبر للعب والظهور، حتى لو كان صغيراً ولا يقارن بإنجلترا مثل الكونغو أو جامايكا.
Gettyموسيالا كان ذكياً وقراره جاء بعد الحديث مع لوف والاتحاد الألماني الذان أكدا له على مكانته المستقبلية مع المانشافت وأنه سيكون نجماً مستقبلياً يتم البناء عليه لتكوين جيل جديد، عكس إنجلترا التي ربما تكون تملك كوكبة مبشرة من المواهب الشابة، ولكن خطط الاتحاد ليست واضحة ومقنعة لموهبة بايرن ميونخ.
الذنب ليس ذنب إنجلترا، وفي نفس الوقت الحديث عن الانتماء في عصرنا الحالي يبدو غير واقعياً في ظل قوانين حولت تمثيل البلدان لما يشبه الميركاتو ومنحت فرصاً للاعبين للتنقل بين الجنسيات، ليصبح ما قام به ستيفانو في الخمسينيات من القرن الماضي ووصف بالعجب دائماً أمراً عادياً ومقبولاً من جديد!
