في عالم القصص الأسطورية اشتهر روبن هود كثيرًا بأنّه ذلك الرجل الذي يسرق من الأغنياء ليمنح الفقراء، فصارت جريمته محاولة لفرض العدالة الاجتماعية في بلاده.
في 2009 حاول ميشيل بلاتيني أن يحقق العدالة بين الأندية وذلك بطرح قانون – يراه أفضل قرار اتخذه أثناء توليه رئاسة الاتحاد الأوروبي – يسمى اللعب المالي النظيف والذي يهدف لإنقاذ الفريق المديونة وحل أزماتها.
بدأ العمل بالقانون في موسم 2011-2012 ولكنّه خلال هذه الفترة سار في طريق مخالف لروبن هود، لقد أصبح وسيلة الأغنياء لامتصاص دم الفقراء.
اعرف أكثر عن القانون
ما هو قانون اللعب المالي النظيف؟
Getty
الاتحاد الأوروبي وجد أن 50% من الأندية المسجلة تعاني من الديون وهو أمر رآه بلاتيني كارثة كبيرة لأنّ نحو 75% من هذه الأندية لن تتمكن من الحفاظ على التوازن المالي وستعلن الإفلاس قريبًا ولذلك حاول الإنقاذ.
القانون ببساطة يقول إن المصروفات يجب أن تتفق مع الواردات، فإن كان الفريق يحقق إيرادات ضخمة يستطيع أن يصرف أموالًا على الصفقات والرواتب بصورة مرتفعة، وإن لم يكن كذلك فلن يستطيع شراء صفقة كبيرة.
زيادة نسبة الديون عن 45% من إيرادات النادي يعني إعلان الإفلاس، وبحلول موسم 2014-2015 كان يجب على كل الأندية المشاركة في البطولات الأوروبية أن تحل أزماتها المالية بصورة نهائية دون أي ديون، وإلا فالعقوبات وخيمة، أشدها كان لبارما الإيطالي ورينجرز الأسكتلندي والثنائي أعلن إفلاسه نهائيًا قبل أن يتأسسا من جديد بدوري الدرجة الرابعة مع إدارة مختلفة تمامًا.
محدث.. آخر أيام سوق الانتقالات الإنجليزي| أخبار مانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال وتشيلسي
من عوقب؟
Getty Images
خلال السنوات الماضية، عوقب 16 فريق بصورة مختلفة بسبب انتهاك قانون اللعب المالي النظيف، لم يكن من بينهم سوى مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان موسم 2013-2014 من الفرق التي تصرف أموالًا ضخمة في سوق الانتقالات، والعقوبة كانت بالغرامة وتحديد مصاريف التعاقد والرواتب لموسمين فقط.
أغلب الفرق الأخرى التي تعرضت للعقوبة كانت تضم صفقات بقيمة منخفضة، مثل روما وإنتر الإيطاليين لكن الأزمة أنّ هذه الفرق لم تمتلك إيرادات تكفي لتغطية المصروفات.
محدث... شائعات سوق الانتقالات | أخبار ريال مدريد، برشلونة، مانشستر يونايتد والأندية الأوروبية
برشلونة يصرف وروما يُعاقب
رامون رودريجيز، مونشي، المدير الرياضي لنادي روما أكد أنّ الفريق اضطر لبيع محمد صلاح إلى ليفربول في صيف 2017 مقابل 45 مليون يورو وذلك خوفًا من عقوبات قانون اللعب المالي النظيف.
مونشي كان لديه هدف رئيسي، بيع اللاعبين بأسعار كبيرة وشراء آخرين بقيمة أقل وذلك للحفاظ على التوازن المالي وتجنب الدخول في أزمة مع قانون اللعب المالي النظيف، وشاهدنا ذلك خلال الصيف الحالي والسابق مع الجيلاروسي وآخرهم التخلي عن أليسون بيكر إلى ليفربول مقابل 75 مليون يورو.
في المقابل باريس سان جيرمان صرف 400 مليون يورو على الانتقالات في صيف واحد، وبرشلونة صرف أكثر من 500 مليون يورو على انتقالات اللاعبين في آخر 3 سنوات ولم يتعرض أي منهما للعقوبة، الإجابة ببساطة أن هذه الفرق تمتلك شركات رعاية وعوائد مالية ضخمة تجلهم يحققون أرباحًا كل عام دون أي ديون.
برشلونة – على سبيل المثال -بعد أن تخلى عن شعار "يونيسف" واتجه لرعاية ضخمة من طيران قطر ثم شركة راكوتين اليابانية، بجانب ما يحصل عليه من عوائد البث التلفزيوني واستغلال الصورة الدعائية للهداف التاريخي ليونيل ميسي صار لا يعاني من أزمات مالية وقادر على جلب صفقة تتجاوز 100 مليون يورو كل عام تقريبًا، كما أنّه يمنح رواتب مرتفعة للغاية لا يضاهيه فيها أي نادي آخر.
في المقابل، فالنسيا تحاول جاهدة أن تحافظ على جونزالو جويديس، لاعب باريس سان جيرمان الذي قضى الموسم المنصرم معارًا إلى الخفافيش، وتضمه بصوره نهائية ولكن لا يستطيعون دفع 60 مليون يورو لأجله، نعم 60 مليون يورو فقط!
طالما استمر القانون، فإن الفرق أصحاب الغنية ستزداد غنىً والفقيرة ستزداد فقرًا، بل ولن يتمكن الفرق المتوسطة في إيطاليا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية في الحفاظ على اللاعبين المميزين ويصبحون مجرد مكتشفي مواهب ومرحلة انتقالية لأي لاعب قبل الانضمام للفرق الكبرى.
من الطبيعي أن تصبح المنافسة في إسبانيا بين فريقين أو ثلاثة فقط وتسقط أندية تاريخية مثل ديبورتيفو لاكورونيا، ومن الطبيعي أنّ نرى أندية إيطاليا تعاني كل موسم من جلب صفقات من العيار الثقيل باستثناء يوفنتوس، وحتى البيانكونيري لم يتمكن من تحقيق ذلك سوى بعد أن قضى سنوات يضم صفقات مجانية.
قانون اللعب النظيف لن يخدم كرة القدم في المجمل، ولابد من تعديل يمنح لباقي الفرق متنفس على الأقل للحفاظ على لاعبيهم، كما يحجم الأندية الكبرى في سوق الانتقالات، فكلما ارتفعت قيمة اللاعبين كلما صار من المستحيل جلب تدعيمات سوى لعدد محدود من الأندية.
الأمر يشبه انتهاء الطبقة الوسطى في المجتمع، وانقسامه إلى أغنياء وفقراء، ووقتها لن تكون كرة القدم بالصورة التي شاهدناها وعشقناها منذ الطفولة!
