من كان يصدق أن دييجو كوستا، ذلك المهاجم الفذّ الذي صُنف بأنه أحد المهاجمين في العالم في يوم من الأيام، يجد نفسه بين ليلة وضحاها بدون نادٍ، وقد فقد الأمل بتاتًا في أن يلعب بأوروبا بعد أن كان نفسه محور صراع صيف 2014 إلى أن اشتراه تشيلسي وقتها بمبلغ ضخم وصل إلى 38 مليون يورو.
عوامل كثيرة أدت إلى إنهاء عقد دييجو كوستا في النادي الذي صنع اسمه بالمقام الأول، أتلتيكو مدريد، فإذا كانت "البيت" هو من تخلى عن ابنه بهكذا طريقة، مجانًا، دون جني أي أموال من خلفه، فيصير من المنطقي حقًا إدراك أن الدولي الإسباني في نقطة سوداء خلال مسيرته بكرة القدم.
إلى أي نادٍ سينتقل كوستا؟ أغلب التقارير تشير إلى عروض خليجية وعروض من الولايات المتحدة، لم يرتبط اسم المهاجم صاحب الأصول البرازيلية بالانضمام إلى أي نادٍ أوروبي رغم وجود أزمة عالمية في مركز المهاجم الصريح ربما مؤخرًا، فما السبب خلف ذلك؟
صحيح أن كوستا بلغ الثانية والثلاثين من عمره، ولكن أمثلة كثيرة جدًا للاعبين في نفس العمر ويلعبون في القارة العجوز بأعلى المستويات، ما يؤكد أن ثمة أسباب أخرى خلف ما يعيشه المهاجم الإسباني من إحباط قد يصل إلى درجة الفشل.
برونو فيرنانديش .. مُلهم مانشستر يونايتد الذي يُبطل سحره بتصرفاته
إصابة مزمنة
Getty Imagesمنذ عودته إلى أتلتيكو مدريد في شتاء 2018، احتوى سجل دييجو كوستا على قرابة 15 إصابة مختلفين، كان هذا العدد الضخم سببًا هامًا في ابتعاده أغلب الأوقات عن كتيبة دييجو سيميوني.
آخر تلك الإصابات كانت غريبة بعض الشيء، جلطة في القدم توجب عليه أن يخضع على إثرها لعملية جراحية خوفًا من انتقالها إلى الرئة أو الدماغ وبالتبعية خطورة كبيرة على حياته.
لكن بشكل عام، أشيع أن كوستا مُصاب إصابة مزمنة في قدمه تفاقمت مع تقدمه في العمر وسجله المرضي قد يشير إلى أن هذه التكهنات حقيقية بالفعل.
الإصابة الأكبر على الإطلاق التي تعرض لها كوستا في آخر سنتين كانت عبارة عن انزلاق غضروفي غاب على إثرها 18 مباراة عن الأتليتي، وكان ذلك قبل أزمة كورونا بفترة وجيزة.
بالتالي، سجل كوستا الطويل مع الإصابات في آخر عامين، جنبًا إلى جنب مع شائعات أن لديه إصابة مزمنة تتفاقم بمرور الوقت، تجعل الأندية الكبرى تفضل أن تبتعد عنه بدلًا من دفع أموال باهظة في مقابل غياب سيكون شبه دائم تقريبًا.
شخصيته الصعبة
Getty Imagesكانت شخصية دييجو كوستا يومًا ما ميزة كبيرة، فهو لاعب يرفض الهزيمة ويتمتع بروح عالية، يُجيد استفزاز الخصوم بصورة تكون إيجابية لفريقه ولنفسه، لكن سبحان مغير الأحوال، بات ما كان "نعمة" بالنسبة للمهاجم، هو النقمة الأكبر بالنسبة له حاليًا.
شخصية دييجو كوستا الصعبة، التي لا يمكن التحكم بها من قبل مدرب أو إدارة، تجعل الجميع حاليًا يخشى التعاقد معه، فالأكيد أن مزيج الغرور والقوة الذي يمتلكه من شأنه أن يتسبب في إثارة قلاقل كثيرة داخل الفريق الواحد إن اختلف مع عدد من زملائه مثلًا.
ليس فقط ذلك، بل إن التعاقد مع كوستا براتبه المرتفع جدًا ثم غيابه عن عدد من المباريات للإيقاف مثلًا سيكون ضربة قوية لأي نادٍ، ومن المعروف أن المهاجم الإسباني من أكثر مثيري الأزمات بالأخص في السنوات الأخيرة داخل الملعب.
بالتالي، فإن قرر نادٍ أن يتجاوز قضية الإصابات الكثيرة لكوستا ويقرر التعاقد معه، سيفكر قبلها ألف مرة في كم مباراة سيفقد المهاجم للإيقاف؟ كم شجار سيحدث في الملعب سواءً مع الخصوم أو مع زملائه؟ هل سيستطيع المدرب احتوائه أم تنشب الصراعات بينهما سريعًا؟
أرقام كارثية
Gettyإن غضت الأندية الأوروبية الطرف عن الإصابات والشخصية، فحقًا لن تتمكن من أن تتغافل عن الأرقام الكارثية المصاحبة لمسيرة دييجو كوستا في السنوات الماضية، والتي لو اتخذت كأداة لتقييم مسيرته بشكل عام من شأنها أن تجعله مهاجمًا عاديًا لا يرق أبدًا لأن يوضع بين مهاجمي الصف الأول في العالم.
مع أتلتيكو مدريد بعد العودة في شتاء 2018، سجل في 7 أهداف فقط في 23 مباراة بموسمه الأول، وفي الموسم الثاني سجل 5 أهداف بـ21 مباراة، ونفس الرقم في الموسم الثالث، مع تسجيله هدفين فقط حتى الآن في سبع مباريات قبل فسخ عقده مع الروخي بلانكوس.
لا يعقل أن تكون هذه أرقام مهاجم كبير، يبدو أن كوستا تأثر بالإصابة من جهة، ومن جهة أخرى أخذ مستواه في التراجع شيئًا فشيئًا لعوامل السن مثلًا أو لعدم تركيزه نفسه في الملاعب.
التعاقد مع كوستا بعد هذه الأرقام التي لا توصف سوى بالكارثية لمهاجم كان يومًا من هدافي الليجا والدوري الإنجليزي، خصوصًا وأنها تأتي مع فريق به لاعبين من أصحاب الجودة العالية، تجعل أي نادٍ يؤمن بأنه قد "انتهى" عمليًا، وأن التعاقد معه مخاطرة غير محسوبة العواقب، لن تُنتج على الأغلب فائدة سواءً على أرض الملعب أو حتى إعلامية.
حتى ولو أن الأرقام ضعيفة، فما يُزيدها سوءًا هو كيف أن كوستا لم يؤثر تقريبًا في أي مباراة كبيرة على مدار الثلاثة مواسم الأخيرة؟ المهاجم الذي كان كابوسًا لريال مدريد وبرشلونة وفرق الدوري الإنجليزي، تحول تمامًا ولم يتواجد له أي تأثير إيجابي أمام الكبار، فهل هذا أمر مشجع للأندية الكبرى على التعاقد معه؟ بالطبع لا.
ختامًا، يمكن القول أن سمعة كوستا مع الإصابات وأنباء وجود إصابة مزمنة لديه، جنبًا إلى جنب مع شخصيته الصعبة الثائرة بطبعها وما قد تدره من سلبيات على أي فريق، مع فقدانه لرونقه الرقمي وفقدانه للتأثير الفعلي على أرض الملعب، أسباب كفيلة بأن تُنهي رحلة صاحب الـ32 عامًا في أوروبا مع الكبار.


