الجوهرة التي ركلها ريال مدريد ويتجاهلها سكالوني.. نيكو باز يستمر في إضاءة سماء إيطاليا مع كومو!

بلغة الأرقام، لم يعد أداء نيكو باز مجرد تألق، بل هو هيمنة واضحة المعالم، فبعد مرور 5 جولات فقط من الدوري الإيطالي، أصبح باز هو اللاعب الأكثر مساهمة في الأهداف في الدوري بأكمله، برصيد 6 مساهمات تهديفية (3 أهداف و3 تمريرات حاسمة). 

لكن تأثيره يتجاوز الأهداف المباشرة، فهو كان يتصدر قائمة اللاعبين الأكثر صناعة للفرص الكبيرة في الدوري برصيد 5 فرص قبل بداية هذا اللقاء، ويحتل المركز الثاني في قائمة الأكثر صناعة للتمريرات المفتاحية (13 تمريرة)، كما يأتي ثالثًا في قائمة أكثر اللاعبين نجاحًا في المراوغات (9 مراوغات)، وثانيًا في قائمة اللاعبين الأكثر فوزًا بالصراعات الثنائية (32 صراعًا). 

والأهم من ذلك، أن هذه الأرقام تكسر الصورة النمطية للاعب المهاري غير الفعال، فكونه من بين الأفضل في الفوز بالصراعات الثنائية يثبت أنه يمتلك القوة البدنية والالتزام التكتيكي للعب الأدوار الدفاعية، وهي سمة نادرة في صناع اللعب الشباب، وتجعله لاعبًا عصريًا متكاملًا يناسب متطلبات كرة القدم الحديثة.

إنه لا ينتظر الكرة لتأتيه، بل يقاتل لاستعادتها، مما يجعله كابوسًا لمنافسيه في كل أرجاء الملعب. 

في مباراة اليوم أمام كريمونيسي التي انتهت بالتعادل 1-1، كان نيكو باز النجم الأوحد والمطلق للقاء، وهو ما يعكسه مستواه المذهل.

على مدار 91 دقيقة قبل استبداله، كان باز هو العقل المدبر والمحرك الرئيسي لفريقه، توج مجهوده بتسجيل هدف فريقه الوحيد في الدقيقة 32، عندما تلقى تمريرة عرضية رائعة وأسكنها بهدوء على يمين الحارس.

لم يكن مجرد هداف، بل كان المسؤول الأول عن صناعة الخطر، حيث تولى تنفيذ كل الكرات الثابتة تقريبًا، من ركلات حرة في الدقيقة 61 إلى ركنيات عديدة مثل الركنية في الدقيقة 75.

كانت رؤيته الثاقبة واضحة طوال اللقاء، ففي الدقيقة 45 كاد أن يصنع فرصة خطيرة بتمريرة حاولت شق دفاعات الخصم، بل كان صانع اللعب الأول، حيث لمس الكرة 60 مرة وقدم 4 تمريرات مفتاحية لزملائه، مع دقة تمرير بلغت 83%.

وكان خطيرًا على المرمى في كل محاولاته، حيث سدد 3 كرات كانت جميعها بين القائمين والعارضة، والمدهش هو مجهوده الدفاعي، حيث فاز بـ 7 من أصل 12 صراعًا أرضيًا، وقام بـ 3 تدخلات ناجحة، والأهم أنه لم تتم مراوغته ولو لمرة واحدة، مما يثبت أنه كان صخرة في وسط الملعب هجوميًا ودفاعيًا.

بهذا المستوى المذهل، أصبح بقاء نيكو باز في كومو للموسم القادم شبه مستحيل، فالأداء الذي يقدمه أسبوعًا بعد أسبوع لفت أنظار كبار أندية أوروبا، التي بدأت بالفعل في متابعة الجوهرة الأرجنتينية عن كثب.

ما يجعله مرغوبًا فيه بشكل خاص هو تكوينه في أكاديمية ريال مدريد لا فابريكا، ما يضمن أساسًا تكتيكيًا وفنيًا صلبًا.

بالنسبة للأندية الكبرى، يمثل باز فرصة ذهبية للحصول على موهبة من الطراز العالمي قبل أن يصل سعره إلى أرقام فلكية، وهو ما يجعله أحد أكثر الأسماء جاذبية في سوق الانتقالات القادم، لكن هل سيسمح ريال مدريد بتركه لهم؟

وسط هذا الإشادة العالمية، يبقى وضع نيكو باز مع منتخب الأرجنتين لغزًا محيرًا، على الرغم من استدعائه للمنتخب في 10 مناسبات خلال تصفيات كأس العالم، إلا أن المدرب ليونيل سكالوني لم يمنحه سوى 97 دقيقة فقط من اللعب.

قد يكمن جزء من التفسير في قوة خط وسط منتخب الأرجنتين الحالي، بوجود أسماء لامعة مثل إنزو فيرنانديز، أليكسيس ماك أليستر، ورودريجو دي بول، الذين يشكلون العمود الفقري للفريق. 

لكن الحجة المضادة هي أن باز يقدم شخصية مختلفة، فهو لاعب يمتلك القدرة على المراوغة وصناعة الفرص في الثلث الأخير من الملعب بشكل قد لا يتوفر لدى الآخرين.

 ربما يرى سكالوني أنه من الأفضل للاعب أن يكمل موسمًا كاملاً من النضج في إيطاليا قبل إلقائه في معترك المنافسات الدولية، لكن استمرار هذا التجاهل سيثير حتمًا جدلًا في الأوساط الإعلامية والجماهيرية الأرجنتينية، التي بدأت تطالب بصوت عالٍ بمنح ملك كومو الجديد الفرصة التي يستحقها ليتألق بالقميص الأزرق والأبيض.