عاش جمهور ملعب سان سيرو وعشاق الدوري الإيطالي سهرة ممتعة بمباراة مثيرة جمعت ميلان مع ضيفه روما وقد انتهت لصالح الأول بهدف نظيف سجله مدافعه ستراهينيا بافلوفيتش في الشوط الأول، وقد أهدر باولو ديبالا ركلة جزاء بعدما تصدى مايك مينيان لتسديدته الجيدة في الشوط الثاني. دعونا نرى ما عاشه لوكا مودريتش نجم وسط الروسونيري في المباراة.
AI شبح كورتوا يظهر في سان سيرو .. لوكا مودريتش يعيش مع ميلان إحدى ليالي ريال مدريد الصعبة الساحرة!
واحدة من ليالي ريال مدريد الصعبة الساحرة
إن كنت مشجعًا لريال مدريد في العقد الأخير أو منافسًا له، فأنت بالتأكيد عشت واحدة من تلك الليالي الصعبة الساحرة التي تعرض خلالها الفريق لمعاناة كبيرة على أرض الملعب وبداية تجعلك تؤكد خسارته للمباراة ثم تراه فجأة ينقلب لوحش يأكل الأخضر واليابس لمجرد لقطة إيجابية منحته إياها كرة القدم! حدث ذلك أمام مانشستر سيتي، بايرن ميونخ، برشلونة والعديد من الأندية في دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني ... لوكا مودريتش كان جزءًا أساسيًا من تلك الليالي وقد استعاد ذكراها اليوم مع ميلان خلال مواجهة روما في سان سيرو.
بداية ميلان للمباراة كانت سيئة جدًا، وصعبة وثقيلة على جمهوره الحاضر في الملعب أو المتواجد خلف الشاشات بانتظار الفوز واستغلال تعثر نابولي أمام كومو لتقليص فجوة الصدارة من جديد، إذ كان روما الطرف الأفضل في كل شيء، وقد هدد مرمى مايك مينيان كثيرًا وسنحت له فرصًا خطيرة حقًا، لكن تلك البداية الصعبة مضت دون أضرار تُذكر على ميلان .. مثلما كان يحدث مع ريال مدريد بتواجد النجم الكرواتي.
كانت لحظة واحدة قلبت كل شيء على الملعب وحولت الأفضل للأسوأ والعكس صحيح، بدأت بتدخل دفاعي رائع من الشاب الواعد دافيدي بارتيساجي، ثم تمريرة إيجابية إلى صامويل ريتشي ومنه إلى ألكسيس ساليميكرز الذي منح رفائيل لياو فرصة الانطلاق بالكرة ليُمرر تمريرة عرضية ممتازة إلى المتقدم من الخلف للأمام بافلوفيتش، والأخير لم يجد صعوبة في إرسال الكرة للمرمى ليضع ميلان في المقدمة عند الدقيقة الـ39 .. وهنا كانت نقطة التحول الكبرى في المباراة.
أغلق ميلان ما فات بهذا الهدف، وبدأ من جديد بإعصار هجومي وضغط شرس أنتج أكثر من 5 فرص محققة في نهاية الشوط الأول وبداية الثاني لكن كل تلك الفرص أهدرت ليعيش جمهوره دقائق صفقة جدًا خاصة لحظة احتساب ركلة جزاء لصالح الضيوف، لكن مينيان تصدى لها بنجاح وبعدها أجاد الدفاع التعامل مع اندفاع روما الهجومي ليخرج الفريق فائزًا باللقاء المثير والممتع.
مودريتش عاش تلك الليلة الصعبة الساحرة مع ميلان، كما سبق أن عاشها مرارًا وتكرارًا مع ريال مدريد، لكن ربما الفارق أن الحديث اليوم لن يكون عن "ساحر كارلو أنشيلوتي" الإفريقي، لأن ماسيميليانو أليجري قدّم مباراة ممتازة تكتيكيًا وأجاد التلاعب بمراكز لاعبيه وتحركاتهم وتمركزهم على أرض الملعب، هذا بجانب تفوق البعض فرديًا وعلى رأسهم حارس المرمى الفرنسي الذي جعل زميله الكرواتي يشعر بشبح زميله السابق تيبو كورتوا يظهر في سان سيرو.
شبح كورتوا يظهر في سان سيرو
تخطي ريال مدريد لتلك المباريات الصعبة وتحمله الضغط والهجوم الشرس من الخصوم قبل أن تسنح له فرصة قلب الأمور لصالحه لم يكن ليكون لولا حارس مرماه المذهل، كورتوا، وتصدياته الإعجازية في عديد المباريات، وميلان اليوم وجد كورتوا الخاص به!
مينيان نجح في الدقائق الـ20 الأولى تحديدًا في إنقاذ ميلان من هدفين محققين على الأقل، بتصديات ممتازة أظهرت مواهبه الكبيرة وأكدت حاجة الإدارة في ميلانيلو للعمل بإصرار وجهد أكبر لتجديد عقده الذي سينتهي بنهاية الموسم وست ترقب شديد من تشيلسي الإنجليزي.
ذلك العمل من الحارس الفرنسي منح فريقه فرصة العودة في المباراة، على صعيد الأداء، والتقدم في النتيجة، وهو ما كان يفعله كورتوا، ومازال أحيانًا، مع ريال مدريد، سواء في عهد مودريتش أو بعد رحيله.
صاحب الـ30 عامًا لم يكتف بما فعله لمنح ميلان الأفضلية في الملعب، بل أبى إلا أن يضع حبة الكرز على كعكة المباراة بتصديه لركلة جزاء ديبالا ليحافظ للروسونيري على تلك الأفضلية، ولذا ليس غريبًا أن يُتوج رجلًا للمباراة ويحصل على التقييم الأعلى من موقع "سوفا سكور"، وهو الوحيد الذي تخطى مودريتش، إذ حصل على 8.2 فيما الكرواتي على 8.1.
العقل والقلب والقدم = مودريتش
كرة القدم تُلعب فعليًا بالقدم، لكن هناك من يقول أنها لعبة تُلعب بالعقل، والبعض يرى أن القلب يلعب الدور الأهم، ولاعبو كرة القدم يتنوعون بين من يمتلك موهبة القدم ومن لديه العقلية ومن يلعب بقلبه وروحه من أجل الفريق.
ميلان نفسه يضم الموهوبين بالقدم وعلى رأسهم لياو، وأصحاب العقلية الممتازة مثل جابيا ورابيو، وهناك أصحاب العزيمة والإصرار مثل بافلوفيتش وبارتيساجي، لكن ربما مودريتش هو الوحيد الذي يلعب بالقدم والعقل والقلب معًا!
موهبة القدم لا خلاف عليها بالطبع، ولكن عقلية اللاعب وقيادته للفريق تظهر جليًا بعد كل مباراة، واليوم ظهرت أمام روما بامتياز من خلال تحركاته العمودية على أرض الملعب، ما بين التراجع للوقوف بين المدافعين لسد الثغرات أو التقدم لدعم الهجوم وتقديم التمريرات والتحكم بالنسق، وكذلك من خلال توجيهاته للاعبين بالتحرك لفتح الملعب أو تضييقه، بالتقدم للأمام أو الثبات أو العودة للخلف، العقل والذكاء كان واضحًا تمامًا في أداء مودريتش.
أما القلب فهو حكاية أخرى .. لأننا بصراحة، وأتحدث كأحد عشاق ميلان كما يعلم العديد منكم، لم نكن نتوقع أبدًا أن يلعب الكرواتي بكل تلك الروح والعزيمة والإصرار مع الفريق، كنا ندرك قيمته وسعدنا بانضمامه بالطبع، لكن أن يكون قلبه حاضرًا معه على أرض الملعب! فتلك كانت المفاجأة السارة جدًا لنا جميعًا. هذا الأمر ظهر في مباريات الروسونيري السابقة وتكرر اليوم من خلال القتال على الكرة والشراسة في الاحتكاك والضغط والجري والجهد لقطع الكرة وإفساد هجمات الخصوم.
يذكر عشاق ميلان حديث أدريانو جالياني المتكرر خلال سنواته مع ميلان عن "مستر إكس" وكيف كان الجميع يُحلل ويُناقش محاولًا اكتشاف هذا النجم، والذي لم يصل أبدًا! أعتقد أن مودريتش هو أكثر لاعب ارتدى قميص الروسونيري يستحق أن يكون "مستر إكس" الذي لم تجلبه أبدًا يا جالياني!
بالأرقام .. ماذا قدم مودريتش ضد روما
صاحب الـ40 سنة لم يسجل أو يصنع خلال اللقاء، ولم يكن له دورًا مباشرًا في هدف الفوز الوحيد لميلان على روما، لكنه صنع فرصة محققة للتسجيل أهدرت، وقدم تمريرتين مفتاحيتين.
مرر لوكا 38 تمريرة ناجحة من إجمالي 44، بدقة 86%، وقد انخفضت دخل نصف ملعب روما إلى 70% فقط، وهذا طبيعي لأدوار اللاعب اليوم الدفاعية أكثر ولاعتماد ميلان كثيرًا على الهجمات المرتدة لا الاستحواذ، وهو ما يحمل مخاطرة كبيرة في تمريرات لاعبي الوسط من الخلف للأمام، والرقم الجميل نجاحه في تمرير 5 تمريرات طولية سليمة من إجمالي 8.
الرقم الملفت لمودريتش هو قيامه باستعادة الكرة 7 مرات اليوم، فيما قطع التمريرة مرة واحدة وتفوق في مواجهتين فرديتين من إجمالي 4، ولم ينجح أي لاعب في تخطيه بالمراوغة سوى مرة واحدة.



