Milan transfer ModricSocial GFX

باعوا الرئة واشتروا العقل: مودريتش ونكونكو ورايندرز .. ثورة انتقالات ميلان بين العبقرية والصدفة!

لم يكن صيف 2025 عاديًا أبدًا في النصف الأحمر من مدينة ميلانو الإيطالية، إذ شهد ثورة انتقالات زلزلت أرجاء ميلان، قادها الثنائي الجديد، المدير الرياضي إيجلي تاري، والمدير الفني ماسيميليانو أليجري.

النادي دخل بثورة الانتقالات عددًا من الرهانات الصعبة والخطيرة، كما اعتاد في المواسم الأخيرة، جعلت المشجع يتساءل حائرًا .. هل هي العبقرية أو مجرد صدفة!

نستعرض في التقرير التالي بعض الزوايا من تحركات الروسونيري خلال سوق الانتقالات الصيفي ..

  • ثورة انتقالات

    تحركات ميلان هذا الصيف في سوق الانتقالات كانت ثورية فعلًا، سواء على صعيد الراحلين أو القادمين، فالنادي عمل بمقولة "انسف حمامك القديم"!

    ميلان تخلى عن 3 لاعبين أساسيين في الفريق هم المدافع ماليك ثياو والظهير الأيسر ثيو هيرنانديز ونجم الوسط تيجاني رايندرز، ومعهم رحل بعض البدلاء مثل نحو أوكافور وصامويل تشوكويزي ويونس موسى وأليكس خيمينيز.

    النادي لم يحافظ على الثلاثي المعار في الموسم الماضي، جواو فيليكس وتامي أبراهام وكايل ووكر، وجميعهم غادروا الفريق.

    على صعيد القادمين، توج ميلان انتقالاته بالتعاقد مع لوكا مودريتش بعد انتهاء عقده مع ريال مدريد، وضم بجانبه كريستوفر نكونكو وآردون ياشاري وصامويل ريتشي وبيرفيس إستوبينان وأدريان رابيو وديفيد أودوجو وكوني دي فينتر وقد استعاد الثنائي إسماعيل بن ناصر وأليكسيس ساليميكرز.

    عدديًا، ميلان ضم 10 لاعبين جدد وتخلى عن ما يقرب من 20 لاعبًا! ألا يستحق هذا وصف "الثورة"!

  • إعلان
  • خسارة الرئة .. السلبية الأكبر

    إن كان سوق انتقالات ميلان قد يُوصف بالإيجابي على العديد من الأصعدة، فإن السلبية الوحيدة هي تخليه عن رايندرز، رئة فريقه وأفضل لاعب وسط في الدوري الإيطالي الموسم الماضي، والسلبية الأكبر والأخطر هي قيمة الانتقال.

    العملاق الإيطالي ضم النجم الهولندي مقابل 25 مليون يورو تقريبًا صيف 2023، وسُرعان ما فرض نفسه على جميع زملائه ومنافسيه في إيطاليا، ولذا كان طبيعيًا أن يلفت أنظار عمالقة المال في إنجلترا.

    رحيل رايندرز عن ميلان ربما يبدو طبيعيًا ومنطقيًا في ظل عدم تأهل النادي إلى دوري أبطال أوروبا وحاجته لضبط الميزانية لتعويض الخسائر المالية الناتجة عن تلك الخسارة الفنية الهائلة، بجانب وجود رغبة لدى اللاعب في خوض مغامرة جديدة، وأخيرًا إغراء اللعب في الدوري الإنجليزي وتحت قيادة بيب جوارديولا.

    إن كان الانتقال إلى السيتي طبيعيًا ومنطقيًا، فقيمة الصفقة خارجة عن كل المنطق في كرة القدم الحديثة! 70 مليون يورو لأفضل لاعب وسط في السيري آ وأحد ركائز منتخب هولندا وفي عامه الـ27، وقد أظهر جودته وشخصيته بقوة في الموسمين الأخيرين.

    السيتي لو كان قد ضم اللاعب من أحد أندية الوسط الإنجليزية لدفع 100 مليون يورو على الأقل، خاصة أنه بحاجة للخروج من نفقه المظلم والعودة لمضمار المنافسة على الألقاب.

  • مودريتش .. صفقة من زمن بيرلسكوني

    سيلفيو بيرلسكوني، المالك والرئيس السابق لميلان، اعتاد ضم النجوم الكبار في بداية عهده مع النادي، وقد أنقذه من الظلام وصعد به لعرش العالم الكروي، وحين اختفت الأموال وقلت الأرباح اتجه الرئيس الراحل للتعاقد مع النجوم الكبار لكن في نهاية مسيرتهم الكروية.

    ميلان الذي ضم ماركو فان باستن ورود خوليت وريكارد وأليساندرو نيستا وروي كوستا وغيرهم من النجوم في ذروة تألقهم، ضم كذلك إيمرسون ورونالدينو ورونالدو في نهاية مسيرتهم الكروية .. لوكا مودريتش صفقة تنتمي لتلك الحقبة من ميلان!

    صاحب الـ40 عامًا راهن واختار ميلان لارتداء قميصه بعد سنوات المجد مع ريال مدريد، ولكن الرهان الأكبر والأخطر كان من النادي نفسه الذي اختار لاعبًا في سن الاعتزال ليقود خط وسطه ويُعوض به رايندرز، مع اختلاف طبيعة لعب اللاعبين.

    ميلان أشبه بمن باع الرئة واشترى العقل .. مودريتش يلعب بأسلوب مختلف عن رايندرز لكنه يمتلك مفاتيح القوة والسحر الخاص به، من تمريرات طويلة وبينية ماكرة إلى تسديدات بعيدة إلى تنفيذ مذهل للكرات الثابتة، ولم يحتاج اللاعب الكثير من الوقت لإظهار بعض تلك المفاتيح.

    البعض قد يرى ضم مودريتش دليل على عجز ميلان ومحاولة بائسة من جانبه لاستعادة ذكريات الماضي المجيد وامتلاك أحد نجوم العالم الكبار، ولكني أعتقد أن تلك الخطوة قد تُوصف بالعبقرية من جانب الإدارة الرياضية الجديدة بقيادة تاري، وتُحسب له تمامًا.

    ميلان ضم أحد أعظم لاعبي الوسط في العالم دون أن يدفع يورو واحد، وبه أضاف إضافة هائلة ليس فقط للملعب بل لغرفة الملابس والجماهيرية والأمور التجارية والتسويقية، وقد أظهر مودريتش خلال المباريات القليلة مع الفريق أنه مازال قادرًا على العطاء ونثر سحره على أرض الملعب.

  • نكونكو .. صفقة الصدفة السعيدة!

    حاول ميلان التعاقد مع مهاجم جديد طوال الصيف، وقد ارتبط بعدد من الأسماء وكاد أن يضم فيكتور بونيفاس لولا فشله في اجتياز الفحوصات الطبية، ليلجأ أخيرًا للحل المفضل .. جلب لاعب من تشيلسي.

    استقدام اللاعبين من تشيلسي أصبح أحد المشاهد الرئيسية في سوق انتقالات ميلان خلال السنوات الأخيرة، والمثير أن جُل الصفقات القادمة من لندن نجحت وهو ما يُشجع النادي على الاستمرار في تلك العلاقة التعاقدية.

    آخر الوافدين من البلوز ومازالوا مع ميلان حتى الآن الثلاثي فيكايو توموري وكريستيان بولسيتش وروبن لوفتوس تشيك، وقد انضم لهم الآن نكونكو في ظل آمال كبيرة أن يقود هجوم الفريق اللومباردي بنجاح الموسم القادم.

    صفقة نكونكو، وإن كانت قد حدثت بالصدفة نوعًا ما، إلا أنها تثبت نوايا الإدارة الجادة في تحقيق شيء ما هذا الموسم، فنحن نتحدث عن لاعب ضمه تشيلسي منذ عامين مقابل 60 مليون يورو، وقد لعب معه 62 مباراة بصم خلالها على 23 هدفًا، وقد سبق له لعب 14 مباراة مع منتخب فرنسا.

    ميلان، وبعد عجزه عن ضم أي مهاجم خلال الصيف، كان من المنطقي، حسب المعتاد، أن يضم أي اسم مغمور أو يكتفي بتواجد سانتياجو خيمينيز، لكنه دفع ما يقرب من 37 مليون يورو لضم نكونكو في خطوة تثبت رغبة النادي في دعم المدرب أليجري وتوفير الأدوات المناسبة لنجاحه.

  • عشاق الروسونيري .. بين واقع أليم وتاريخ مرعب

    وسط كل ما حدث ويحدث يقف مشجع الروسونيري بين ضفتين، الأولى تحمل تاريخ مرعب شهده وعاش أفراحه وانتصاراته والثانية تحمل واقع أليم مجبر على تحمله وعيش كوابيسه وآلامه.

    ميلان الذي اعتاد الوقوف على منصات التتويج وضم أفضل اللاعبين ودفع أعلى المرتبات أصبح عاجزًا عن الحفاظ على جواهره وأكثر عجزًا على مجابهة الإنجليز والإسبان وحتى يوفنتوس وإنتر على الصفقات الكبرى.

    ذروة الفشل وصل لها الفريق في الموسم الماضي بعدما كان قد خطى عدة خطوات في طريق الخروج من النفق المظلم، وذلك بعدم تأهله إلى دوري أبطال أوروبا، وقد بدأ عهدًا جديدًا هذا الصيف بالتعاقد مع تاري وأليجري و10 لاعبين جدد.

    العامل المشترك بين مواسم ميلان الأخيرة وتحركاته في سوق الانتقالات أن جميعها تحمل جزءًا كبيرًا من المغامرة والرهانات الصعبة، قد تنجح مثل بولسيتش ورايندرز ومانيان وقد تفشل مثل دي كيتلاري وسيلفا وكالينيتش وغيرهم، وذلك الأمر لم يتغير كثيرًا هذا الموسم.

    مشجع ميلان ينتظر الآن مصير تلك الصفقات الكثيرة وكيف سيستطيع المدرب المخضرم دمجها في قالب تكتيكي وفني صلب دفاعيًا وفعال هجوميًا بهدف تحقيق الانتصارات والعودة لمنصات التتويج.