متألق في مركز لا يريده.. إدواردو كامافينجا الظهير الأيسر الأفضل في أوروبا

لفت كامافينجا انتباه أوروبا كلها، عندما حصل على لقب رجل مباراة، رين أمام باريس سان جيرمان في عام 2019، فكان صغيرًا يبلغ 16 عامًا، لكنه نجح في السيطرة على خط الوسط الذي كان يضم ماركو فيراتي، وماركينوس، بسهولة، ليمنح فريقه تقدم 2-1 على الباريسيين.

شاهد مقطع فيديو للمباراة، وسترى طفلًا يقوم بكل ما يفعله الكبار بكرة القدم، يتفادى الضغط بثقة كبيرة، ويفوز بذكاء بالركلات الحرة، ثم يسدد الكرة في الزاوية البعيدة، ليسجل هدف رين الثاني، يحاول الاستحواذ، ويختار الأوقات المناسبة للتقدم إلى الأمام، ويتفادى خط وسط باريس سان جيرمان كله، قبل أن يتعرض للهجوم عند دخوله في الثلث الأخير، كل ذلك خطف أنظار كرة القدم الإسبانية، وما يسمى بالمحور، وهو لاعب وسط دفاعي، مهمة لا يفعلها إلا العظماء.

لكنه لم يكن لاعبًا إسبانيًا، ولا النوع الذي يفضله ريال مدريد أو برشلونة، لذا كان غريبًا للجميع أن يدفع الملكي 40 مليون يورو، لينتزع كامافينجا من الدوري الفرنسي، ليجلبه لفريق، به ثلاثي مميز في خط الوسط، فمودريتش، وكروس، وكاسيميرو، مسيطرون تمامًا فلا يوجد مكان للصغير الفرنسي.

رغم أن اللاعب يبدو لا يناسب تشكيل ريال مديد، إلا أن أنشيلوتي كان يثق به تمامًا ولم يضعه بديلًا، فسجل في أول مباراة له، كما خاض دقائق مميزة مع الفريق، في دوري أبطال أوروبا أثناء رحلته للفوز باللقب الرابع عشر.

ولعب كامافينجا في كل مكان في خط الوسط، بدأ على اليمين، لكنه ظهر في المركز 6، و8، على اليسار وحتى كجناح أيمن.

أنشيلوتي لا يجبر اللاعبين على الانضمام إلى التشكيلة، لكنه وضح أنه يفضل استخدام ناتشو في مركز الظهير الأيمن بدلاً من الفرنسي الصغير، أو صاحب القدم اليسرى دافيد ألابا، لكن كامافينجا صاحب ال19 عامًا، يلعب الآن بكل أحقية في أفضل أندية إسبانيا.

انتهت مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا 2022، بنتيجة 1-0، لكن لم يفضل ريال مدريد الاستحواذ أكثر من عشرة دقائق، في حين أن ليفربول لم يبد أنه سيسجل قريبًا، ومع وجود كامافينجا في خمس دقائق له على أرض الملعب، لمس الكرة سبع مرات، وفاز بتدخل، وكان من الجيد تواجده أثناء صافرة النهاية للاحتفال بالفوز.

وكانت المباراة الأخيرة التي يشارك بها كامافينجا دقائق معدودة، فأصبح يبدأ به أنشيلوتي، أو يكون بديلًا هامًا، فلعب الدولي الفرنسي 18 مباراة في الدوري الإسباني، وسبعة من أصل 10 في دوري أبطال أوروبا.

ففضل أنشيلوتي اللعب بكامافينجا، حتى بعدما دفع ريال مدريد 100 مليون يورو من أجل تشواميني، الذي بدا أنه بديلًا لكاسيميرو، لكن لم يتضح ذلك بعد.

هذه أحد عيوب اللعب في ريال مدريد، فيقال أن اللاعب سيئ بعد أشهر معدودة، تشواميني ليس مثاليًا لكنه يحتاج للمزيد من الدقائق، لديه عيوب يجب إصلاحها بالوقت، وهو ما تعلمه اللاعب بعد استبعاده المتكرر من التشكيلة الأساسية.

وكان كامافينجا من يتولى دوره، في مباراة إياب دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا أمام ليفربول، عندما كان مفضلاً على زميله الفرنسي، لعب دورًا أساسيًا في أول 45 دقيقة في تلك المباراة، مما أدى إلى تفوق ريال مدريد.

مدرب فرنسا ديدييه ديشامب كان أول مدرب يستخدم كامافينجا كظهير أيسر، هذه هي المرونة التي يطالب بها أنشيلوتي، فلدى اللاعب فكرة عما هو مطلوب للعب في ذلك المركز.

لذا الفضل يرجع للمدرب الفرنسي في لعب كامافينجا كظهير، ففي مباراة بدور المجموعات في كأس العالم، بدأ يلعب بالظهير الأيسر، وتم إضافة لاعب ريال مدريد، كبديل في الدقيقة 70 في المركز، حينما فقدت فرنسا السيطرة على هذا الجانب من الملعب.

رغم فوز الأرجنتين بالبطولة في النهاية، إلا أن كامافينجا لعب دورًا حاسمًا في مشوار بلاده بكأس العالم، فوجوده ساعد في التفوق الدفاعي لفريقه، وكان حاسمًا حيث سجلت فرنسا هدفين قرب نهاية الوقت الأصلي.

وبدا أن أنشيلوتي كان يراقب كامافينجا دائمًا للعب بمركز الظهير الأيسر منذ يناير الماضي، حتى أصبح في أبريل الخيار الأول له، رغم وجود العديد من اللاعبين.

"لكنه ليس مركزي" كانت هذه كلمات كامافينجا بعد أدائه الرائع في مركز الظهير الأيسر، في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، بعدما ساعد بشكل ملحوظ في الفوز على تشيلسي، ويظل يردد ذلك أمام أنشيلوتي، ووسائل الإعلام بمدريد.

لكن المدرب الإيطالي يتجاهل كلامه، حيث قال:" لقد فاجأنا جميعًا كظهير أيسر، لقد لعب القليل جدًا في هذا المركز، لكنه خلق الكثير من الخطر في نصف الخصم، كما أنه لديه عمل دفاعي، إنه لا يحب ذلك، لكننا نفعله ".

حياة كامافينجا المهينة اختلفت كثيرًا، فالفرنسي انتقل سريعًا إلى الملكي، لكنه بالتأكيد كان يعلم أن لا مكان له في خط وسط ريال مدريد، لكن كل شيء يتغير في سانتياجو برنابيو، المؤكد أنه أصبح أساسيًا هناك.

جاء كامافينجا في الوقت المناسب، ففيرلاند ميندي مصاب منذ أربعة أشهر، ورغم من صلابته الدفاعية، إلا أنه يفتقر إلى الجودة، وقيل أنه سيغادر ريال مدريد قريبًا.

ويبدو أن الفرنسي الصغير هو الخيار الأول لفترة طويلة من الآن، وسيتأكد بعد مواجهة مانشستر سيتي يوم الأربعاء، فسيكلف بمراقبة أحد أجنحة الخصم، سواء كانا برناردو سيلفا أو رياض محرز، فأظهرة السيتزنز سيواجهون مهمة صعبة للعبور من أمامه.

قد لا يعجبه ذلك، لكنها مباراة يمكن أن يفوز بها بسهولة.