تحطيم المرسيدس فجراً وتدخل بلاتر وبيرلسكوني .. محطات من رحلة مارادونا في إشبيلية

رفع مارادونا دعوى قضائية للحصول على أمواله من إشبيلية بعد انقطاع العلاقة بين الطرفين والوصول لطريق مسدود، ليرحل بعدها ويعود لبلاده ليلعب مع نيولز أولد بويز.

في الإجمالي، لعب مارادونا 26 مباراة مع إشبيلية وسجل فقط خمسة أهداف، وأنهى الفريق موسمه سابعاً، المركز الذي لم يؤهله حتى لبلوغ المسابقات الأوروبية، ولكن زميله وقتها رافا باز يقول: اللعب مع مارادونا في حد ذاته يعد بطولة، حتى ولو خرج الفريق وقتها خالي الوفاض".

تألق مارادونا في إشبيلية أدى إلى استدعائه من جديد لصفوف الأرجنتين، الأمر الذي لم يعجب إشبيلية بسبب تغيبه لفترات طويلة لحضور معسكرات المنتخب.

القشة التي قسمت ظهر البعير كانت مغادرة مارادونا لخوض لقاء ودي مع الأرجنتين وتجاهله مباراة فريقه أمام لوجرونيس في الدوري، هنا قرر إشبيلية التخلص من نجمه.

بدأ الأرجنتيني في التغيب عن التدريبات وازداد وزنه مجدداً، وقرر ناديه تصيد الأخطاء له من أجل إيجاد مخرج قانوني لبيعه، فعين محققاً خاصاً لمراقبته.

بعد التحقيق معه من قبل الشرطة لقيادة سيارته البورش بسرعة مخالفة في شوارع المدينة، تعادل إشبيلية مع بورجوس في الدوري وتلقى مارادونا سيلاً من الشتائم وقت تغييره من قبل الجمهور، لتكون المحطة الأخيرة في مشواره بالأندلس وآخر ظهور له بقميص الفريق.

دافور شوكر، هداف كأس العالم 1998 ونجم كرواتيا، كان وقتها لاعباً شاباً مع إشبيلية، ولكن وصول مارادونا ساهم في ثقل موهبته ووصوله للمكانة التي أصبح عليها.

ويقول شوكر: "كنت أشاهده في التلفاز وفجأة أصبح يتدرب معي ويشاركني غرفة الطعام والملابس، قلت لنفسي يجب أن أستفيد من وجوده".

وأضاف: "طالبني بعدم اللعب مجدداً على الأطراف، قال لي انطلق فقط في وسط منطقة الجزاء والكرة ستصلك، وهذا ما كان يحدث، لو راجعت كل أهدافي في تلك الفترة ستجدها بنفس الطريقة".

وختم: "القليلون يمكنهم قول مثل تلك الأمور، ولكنه مارادونا، تلك الذكريات ستبقى خالدة في ذاكرتي".

يسرد مونتشي، المدير الرياضي الحالي لإشبيلية، علاقته مع مارادونا وقال إن الأخير احتضن لاعبي الفريق وعاملهم بعفوية وحب كبير، بل أنه في أحد المرات شاهده وهو يرتدي ساعة "رولكس" تقليد، فذهب وابتاع لها واحدة باهظة الثمن أصلية.

مونتشي كشف أن مارادونا كان يترك اللاعبين يقودون سياراته من أحدث الموديلات ودائماً ما كان يأخذهم في سهرات وحفلات عشاء، الأمر الذي أكده مدرب أتلتيكو مدريد الحالي دييجو سيميوني والذي قال إن وصول مواطنه بما يحمل من صيت ساهم في نمو اللاعبين الشباب مثله وتطور مسيرتهم.

مونتشي أوضح أن رغم معاناة مارادونا من زيادة الوزن ولعبه بفقط ثلاثين بالمائة من كامل مستواه على حد تعبيره، ولكن ذلك كان كافياً لصنع الفارق أمام المنافسين، وجعل إشبيلية يعيش فترة فنية ممتازة بالأشهر الأولى من الموسم.

بدأ مارادونا بقوة في الليجا، فسجل هدف الفوز على ريال سرقسطة بالدقائق الأخيرة من علامة الجزاء، مباراة يتذكرها الجمهور بسبب استعراضه لمهاراته بقطعة قمامة عند الراية الركنية.

ويعلق رافا باز، زميله مارادونا وقتها على تلك اللقطة قائلاً: "لم تكن المرة الأولى، فعلها في التدريبات عدة مرات، كان يشاهد ليمونة فيقوم بالتقاطها بقدمه واللعب بها حتى الملل، تخيل بقية الفريق وهو يشاهد، البعض حتى حاول تكرار الأمر في غيابه، كان مستحيلاً".

ورغم عدم اكتمال لياقته، ولكن مارادونا ساهم في صنع الفارق، وبدأ الفريق في جمع الانتصارات، وأبرزها على ريال مدريد بهدفين نظيفين في ديسمبر، وشعر النجم أنه بدأ يستعيد مستواه، ووصل به الأمر إلى إحياء تقاليد الماضي وطلب من مصفف شعره أن يقصه على الشاكلة التي كان عليها في مونديال 86.

وكما كان الاتفاق مع بيرلسكوني، أقام إشبيلية عدداً من المباريات الودية حول العالم، ففاز على بايرن ميونخ 3-1، اللقاء الذي يعلق عليه لاعب الفريق وقتها خوسيه بريتو بأنه لم يكن كأي لقاء، كان عرضاً هائلاً.

الفريق ترحل مع مارادونا إلى إسطنبول في ضيافة جلطة سراي، كما قابل لاتسيو، بورتو، وساو باولو، ولكن الأبرز عندما عاد مارادونا إلى الأرجنتين لمقابلة بوكا جونيورز فريقه القديم، المباراة التي وصفها بريتو بأنه شاهد فيها للمرة الأولى معنى التعصب الكروي للاعب.

وكعادته، لفت مارادونا الأنظار بأفعاله خارج الميدان أكثر من داخله، والبداية كانت بتحطيم سيارته المرسيدس أثناء وصوله في الثانية صباحاً إلى مقر إقامته بأحد الفنادق.

بعد تلك الواقعة قرر النجم تغيير مقر سكنه، وانتقل للعيش مع خوان أنطونيو رويز، أحد أشهر مصارعي الثيران في البلاد، والملقب "سبارتاكوس"، لتسمي الصحافة مارادونا "الماتادور ".

تناست جماهير إشبيلية تصريحات مارادونا السابقة في 1988 عندما زار المدينة مع المنتخب الأرجنتيني، وقتها قال إنه يفضل جمهور ريال بيتيس، والدليل هو ارتفاع مبيعات التذاكر الموسمية من 26 ألف تذكرة إلى 40 ألفاً، وتحقيق النادي مكاسب بلغت 2.5 مليون يورو.

تم تهيئة كل الظروف من أجل وصول النجم، شارة القيادة تنازل عنها مانولو خيمينيز للأرجنتيني، ومواعيد التدريبات تم تغييرها إلى الظهر بدلاً من الصباح الباكر بسبب سهرات مارادونا.

تقدم إشبيلية بعرض قيمته ثلاثة ملايين يورو تقريباً لإقناع نابولي ببيع نجمه الموقوف لمدة 15 شهراً بسبب تعاطي الكوكايين، ولكن النادي الإيطالي رفض.

الصفقة بدت مستحيلة ولكن بيلاردو هدد بالاستقالة إذا لم يلب إشبيلية طلبه، مما دفع الأخير للاستعانة بالاتحاد الدولي وجعل سكرتيره العام وقتها سيب بلاتر يتوسط، وهو ما نجح فيه الرئيس المستقبلي للاتحاد بعد اجتماع لخمس ساعات، وانتقل مارادونا إلى إسبانيا في سبتمبر 1992.

تم رفع قيمة الصفقة لقرابة خمسة ملايين يورو بعد تدخل سيلفيو بيرلسكوني، رئيس ميلان، والذي مقابل توسطه جعل إشبيلية يوقع على بند يجبره على خوض مجموعة من المباريات الودية حول العالم تحصل مجموعته الإعلامية على حقوق نقلها.