Liverpool Last MinuteSocial/GFX

"عفريت الساعة 12" .. اعتراف الـ"فيرجي تايم" يكشف لنا سر انتصارات ليفربول في اللحظات الأخيرة!

"اللي يخاف من العفريت يطلع له" .. هو مثل مصري دارج يعني تكرار خوفك من شيء ما قد يعني تحوله إلى حقيقة، رغم أن دلائل حدوثه ليست سوى أفكار تدور في رأسك.

ليفربول مع آرني سلوت أصبح نموذجًا حرفيًا على تلك المقولة، بعدما فاز في ٥ مباريات هذا الموسم في الدقائق الأخيرة، والضحايا هم بورنموث وآرسنال وبيرنلي ونيوكاسل يونايتد وأتلتيكو مدريد.

آرسنال تلقى الصدمة مبكرا بالدقيقة 83 بركلة حرة من دومينيك سوبوسلاي، وبورنموث 88، وبيرنلي ونيوكاسل بعد الدقيقة 90، حيث انضم لهما أتلتيكو مدريد بالخسارة ٣/٢، بهدف قاتل من فيرجيل فان دايك بالدقيقة 92، في المواجهة التي جمعت بينهما أمس، الأربعاء، في الجولة الأولى لمرحلة الدوري من دوري أبطال أوروبا.

في كرة القدم تخرج الكثير من التفسيرات لكل شيء، خطط المدربين، مستوى اللاعبين والأخطاء الفردية وهكذا، ولكن هناك جوانب أخرى ذهنية لا تظهر لنا وتأثيرها ربما يفوق الأمور الفنية، ونحن هنا لتفسير أهداف اللحظات الأخيرة لفريق المدرب آرني سلوت.

  • Liverpool FC v Atletico de Madrid - UEFA Champions League 2025/26 League Phase MD1Getty Images Sport

    سلاحنا هو الخوف

    لن نتحدث عن شخصية البطل التي التصقت بريال مدريد وغيرها من الفرق، بل عامل آخر وهو الخوف الذي تشعر به الفرق عندما تلعب ضد الريدز، وشعورهم بأن الضربة القاضية قادمة لا محالة مهما كانت المحاولات لتجنبها.

    دعنا نتخيل أنك تسكن في منطقة ما، وخرجت شائعات عن وجود شبح "عفريت" يظهر لأهالي الشارع الذي يتواجد به منزلك، وأنت لا تؤمن من الأساس بتلك الأشياء.

    أحدهم خرج لأهالي المنطقة قائلا:"احذروا، هناك شبح يظهر في كل بيت من منازل الشارع يوميًا على الترتيب في تمام الساعة الثانية عشر ليلًا".

    أمس كان موعد المنزل السابق لك، واليوم جاء الدور على بيتك، ألن تشعر بالفضول للنظر في ساعتك عندما تقترب الساعة من الثانية عشر حتى ولو على سبيل العلم بالشيء؟

     لا تخدع نفسك، ستنظر رغم عدم بإيمانك بالأمر، حتى وإن كان هدفك هو إثبات خطأ هذه الادعاءات.

    ماذا لو سمعت أصواتًا داخل منزلك في هذا التوقيت؟ أثاث يتحرك أو رياح شديدة وأشياء تسقط على الأرض؟ صدقني، ستشعر بالخوف ولو للحظات عابرة.

    دعنا نتخيل أن منازل المنطقة هي الفرق التي تلعب ضد ليفربول، وعندما يأتي موعد اللعب ضد الريدز وتشير الدقيقة إلى الرقم ٩٠، تظهر لحظات الخوف والترقب من العفريت الذي يحذر منه الجميع "هدف اللحظات الأخيرة".

    الرياح أو تلك الأصوات المفزعة، قد تأتي على هيئة محمد صلاح وهو يحاول المراوغة من الناحية اليمنى ويدخل إلى عمق الملعب للتسديد على طريقته المفضلة، أو كرة طويلة في منطقة جزاء الخصم من فيرجيل فان دايك، أو ضربة ثابتة وربما ركنية، وغيرها من مشاهد توحي باقتراب التسجيل، التي ربما تربك الحراس والمدافعين لاعتقادهم بأن اللحظة قد حانت ولا يمكن إيقافها.

    تخيل أنك حارسًا لضحية من ضحايا ليفربول، وصلاح يستلم الكرة ويدخل إلى العمق مراوغًا زميلك ويسددها بنفس الطريقة التي سجل بها عشرات الأهداف، هذا المشهد قد يدفعك للتعامل مع الهدف كأمر واقع بشكل لا إرادي، لتميز الدولي المصري في هذا الأمر، وكذلك بسبب عادة الريدز بالتسجيل في هذا الوقت.

    إذن، تكرار نفس الأمر وتحوله إلى ظاهرة، جعل الفرق تسيطر عليها فكرة حدوثها معهم، مما يؤثر بشكل ملحوظ على تماسكهم الدفاعي وتعاملهم مع هجمات ليفربول، وهو ما ظهر جليًا في لقطة الهدف الثالث لريو نجوموها في اللحظات الأخيرة من مواجهة نيوكاسل يونايتد، حيث ظهر دفاع الماكبايس مكشوفًا في لحظة نادرة ولم نشاهدها كثيرًا خلال المباراة.

    للتحقق من الأمر، يمكن الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي في أي مباراة يتأخر فيها ليفربول عن تحقيق هدفه ونقترب من الدقيقة ٩٠، وستجد أن الأغلبية تسأل نفس السؤال:" متى يسجلون؟".

    هذا ما يحدث بين الجماهير، فما بالك بمن في الملعب ويعيش الحدث على أرض الواقع أمام ليفربول؟

    لست مقتنعا؟ إذن دعنا نلجأ إلى أهم عظماء تلك اللحظات، السير أليكس فيرجسون صاحب الماركة المسجلة باسمه "فيرجي تايم".

  • إعلان
  • FBL-ENG-PR-MAN CITY-MAN UTDAFP

    اعتراف السير

    الأمر ليس اختراعًا، من الطبيعي لأي فريق يطارد شيئًا ما في المباراة، أن يهاجم بكثافة وشراسة من أجل التسجيل في اللحظات الأخيرة، وربما يحاول المدرب إقحام أكبر عدد ممكن من اللاعبين الهجوميين والمجازفة بشكل أكبر من المعتاد.

    السير أليكس فيرجسون ربما يكون المثال الأعظم على هذا الأمر، مما تسبب في خروج مصطلح "فيرجي تايم"، في إشارة إلى تكرار حسم مانشستر يونايتد للمباريات في اللحظات الأخيرة.

    ولعل النموذج الأبرز هو الفوز الدراماتيكي على بايرن ميونخ في نهائي دوري أبطال أوروبا 1999، بعدما كان البافاري متقدمًا حتى الدقيقة 91، قبل أن يسجل تيدي شيرينجهام وأولي جونار سولشاير ثنائية الفوز للشياطين الحمر.

    هناك أيضًا الانتصار الغريب على مانشستر سيتي 4/3، بهدف النجم الإنجليزي مايكل أوين في الوقت بدل الضائع، مما تسبب في دهشة المدرب مارك هيوز من احتساب الحكم 6 دقائق وقت بدل ضائع، بعد أن قال الحكم الرابع له إنه لن يكون هناك سوى 4 دقائق فقط.

    فيرجسون وقتها كان يعتمد على "سياسة الخوف" لإرهاب الحكام والخصوم عندما تقترب اللحظات الأخيرة من كل مباراة، وكان يقوم بحيلة وخدعة ماكرة بالنظر إلى ساعته والإشارة لها، محاولًا الحصول على المزيد من الدقائق الإضافية، لأنه يعلم كلما طال الوقت، كلما شعر خصمه بالخوف.

    المدرب الاسكتلندي اعترف بذلك في تصريحات نشرها موقع "TNT Sports" قائلًا:"بالتأكيد الفرق الأخرى كانت تخشى الأمر، ولهذا السبب كنت أستخدم حيلة النظر إلى ساعتي، هدفي لم يكن معرفة الوقت بصراحة، ولكنها مجرد خدعة صغيرة كانت توجه رسالة ما إلى الخصوم والحكم".

    تلك النظرة المُزيفة على الساعة كانت تحمل رسالتين، الأولى موجهة للحكام من أجل إضافة المزيد من الوقت بدل الضائع، والثانية للخصوم بأن موعد "فيرجي تايم" قد اقترب!

    الأمر أثبت نجاحه، والعديد من الأشخاص خرجوا للاعتراف بأن طريقة السير كانت ناجحة جدًا خاصة مع الحكام، مما ساعد على استمرار هذه الظاهرة إلى مراحل متأخرة للغاية من مسيرة المدرب المعتزل.

    ربما ينطبق الأمر ذاته على ريال مدريد، الفريق كان يُسجل في اللحظات الأخيرة واعتاد على هذا الأمر بشكل غير منطقي سواء مع زين الدين زيدان أو كارلو أنشيلوتي، وهذا ما يأخذنا إلى أهمية العامل النفسي للخصوم وخوفهم المستمر من "العفريت".

  • FBL-EUR-C1-LIVERPOOL-ATLETICO MADRIDAFP

    ليس تقليلًا من سلوت

    آرني سلوت مدرب جيد، ربما جيد جدًا، ولكنه ليس شخصية مُلهمة مثل يورجن كلوب، ولا تؤجد أي مؤشرات على امتلاكه قدرات تحفيزية خارقة تجعل فريقه ينتصر بهذا الشكل المتكرر ويتمسك بالأمل حتى آخر لحظة.

    وحتى بالرجوع إلى تجربتيه في هولندا مع ألكمار وفينورد، سنجد المباريات التي فاز فيها في اللحظات الأخيرة لا يمكن اعتبارها كظاهرة، بل أمر عادي مثل أي فريق آخر.

    ليفربول قبل قدوم سلوت اعتاد على هذا الأمر مع كلوب، ولا يمكن أن ننسى هدف ديفوك أوريجي في برشلونة على ملعب أنفيلد، والذي أكمل رباعية تاريخية في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2019، بعدما تأخر الفريق خارج ملعبه 3/0 على ملعب الفريق الكتالوني.

    ومن ينسى أيضًا هدف أوريجي أمام إيفرتون في ديربي الميرسيسايد في فوز الريدز على التوفيز بهدف دون رد في عام 2018، إذن الأمر ليس متعلقًا بآرني سلوت لأنه حدث كثيرًا مع كلوب.

    أحدهم سيأتي ويقول:"إذن هي روح ملعب أنفيلد"، نعم معقل الريدز مرعب للجميع، ولكن تلك الروح لم تذهب معهم أمام بيرنلي ونيوكاسل يونايتد خارج أرضهم.

    نظرية الخوف هي مجرد رأي لا أكثر، ومحاولة لقراءة الصورة الكبيرة للأمور، لصعوبة رؤية أي تفسير تكتيكي واضح على الأمر، ليفربول لا يفعل شيئًا مختلفًا عن غيره في الدقائق الأخيرة، وربما كل ما يحتاجه خصومه هو عدم النظر للساعة تحسبًا لقدوم "عفريت الساعة 12" حتى لا يسود الارتباك والاستسلام للأمر الواقع.