لم يُهزم في أوروبا لمدة خمس سنوات.. كيف حول مانشستر سيتي ملعب الاتحاد إلى حصن يخشاه الجميع؟

فشل مانشستر سيتي في الفوز على ملعبه آخر مرة، عندما تعادل بشكل غريب مع إيفرتون بقيادة فرانك لامبارد في ديسمبر، أما هزيمة الأخيرة على أرضهم كانت أمام برينتفورد في نوفمبر، في حين أن آخر هزيمة لهم على أرضهم في دوري أبطال أوروبا كانت في سبتمبر 2018، عندما خسروا 2-1 أمام ليون.

منذ ذلك اللقاء، لعبوا 25 مباراة على أرضهم، فازوا في 23 منها وتعادلوا مرتين فقط، وفي التعادلين، لم يكن لدى السيتزنز دافع كبير للفوز، 0-0 في إياب دور الـ16 أمام سبورتينج لشبونة الموسم الماضي، بعد أن فاز في مباراة الذهاب 5-0، والآخر 1-1 أمام شاختار دونيتسك في 2019-20 بدور المجموعات، عندما كان فريق جوارديولا قد تأهل بالفعل إلى الأدوار الإقصائية.

في تلك المباريات الـ 25، التي حققوا فيها الفوز بنسبة 92%، سجلوا 81 هدفًا، وخسر ريال مدريد ست مباريات على أرضه في دوري أبطال أوروبا منذ سبتمبر 2018، بينما خسر ليفربول وباريس سان جيرمان خمس مباريات، وبرشلونة أربعة، وبايرن ميونخ اثنين.

عدم القدرة على تحقيق اللقب الأوروبي بقيادة جوارديولا، لا علاقة لها بسجلهم على ملعبهم، ففي المرات الخمس التي فشل فيها الفريق في الوصول إلى النهائي تحت قيادته، كانت أربعة من هزائمهم خارج الديار، هزيمة 3-1 أمام موناكو، وأخرى 1-0 ضد توتنهام، ثم 3-1 مع ريال مدريد، والأخيرة 3-1 من ليون في لشبونة، بسبب قيود فيروس كورونا.

صحيح أن مانشستر سيتي ليس أفضل الفرق حضورًا في دوري أبطال أوروبا، فلم يظهر في البطولة إلا عام 2011، وفشل في الخروج من دور المجموعات، أول مشاركتين له، عندما كان روبرتو مانشيني مديرًا فنيًا.

لكن ازدادت خبرة الفريق في المنافسة الأوروبية، فمنذ موسم 2013-14، وصلوا للأدوار الإقصائية، لكن تظل هناك حالة من اللامبالاة تجاه اللقب، ونادرًا ما امتلىء ملعب الاتحاد في مباريات دوري أبطال أوروبا، خاصة في دور المجموعات.

كما أطلق مشجعوه صافرات الاستهجان على نشيد دوري أبطال أوروبا طوال مشاركتهم بالبطولة، وكانت رد فعل على تعرض ماريو بالوتيلي لإساءات عنصرية،من قبل مشجعي بورتو في مباراة في دوري أبطال أوروبا عام 2011، لكنها أصبحت دائمة بعد إدانة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الفريق لخرقه قواعد اللعب المالي النظيف.

واشتدت صيحات الاستهجان على النشيد، عندما حقق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، مع النادي مرة أخرى في عام 2019.

جوارديولا الذي فاز بلقب دوري أبطال أوروبا مرتين مع برشلونة، ووصل إلى نصف النهائي سبع سنوات متتالية، قبل انضمامه إلى مانشستر سيتي في 2016، وجد صعوبة في البداية، لفهم عدم اكتراث الجماهير بالمسابقة التي كان منغمسًا فيها بشدة.

فبعد أول مباراة له في دوري أبطال أوروبا، كمدرب لمانشستر سيتي ضد بوروسيا مونشنجلادباخ، والتي لم يحضرها سوى 30 ألف مشجع، قال جوارديولا للمشجعين "يجب أن تنسوا ما حدث في الماضي"، وفي موسم 2018-19، عندما بدأ الفريق بداية صعبة من دور المجموعات بعد تلك الهزيمة المفاجئة أمام ليون، طالب الجماهير، إظهار المزيد من الحماس للبطولة، ودعم الفريق بشكل أكبر في المباريات على أرضه.

فقال:" يجب أن يحثنا كل من يحيط بمانشستر سيتي بأن علينا الفوز باللقب، وما زلنا لا نشعر بهذا الشعور من الجماهير، شعر أننا فريق جيد حقًا، لكنك ما زلت بحاجة إلى شيء خاص للفوز بدوري أبطال أوروبا، وكل عام سنقترب، عاجلًا أم آجلًا سيحدث ذلك ".

ولم تلق هذه التعليقات إعجاب جماهير مانشستر سيتي، وشعروا بسخط شديد عندما انتقد قلة الحضور أثناء الفوز 6-3 على لايبزيج، في دور المجموعات الموسم الماضي، عندما وصل عدد الحضور إلى 38 ألف مشجع في الاتحاد، الذي يضم 54 ألفًا.

فبعد المباراة، قال جوارديولا:" أود أن يأتي المزيد من الناس إلى المباراة القادمة يوم السبت بالدوري، سنحتاج الجميع، لأننا سنكون متعبين، أدعو جميع داعمي فريقنا للحضور الساعة الثالثة بعد الظهر، ومشاهدة المباراة "

قد تبدو كلمات المدرب الإسباني عادية للبعض، لكنها أثرت على مشجعي مانشستر سيتي، الذين شعروا وكأنهم يسعون لهزيمة فريقهم.

يبدو أن جوارديولا تعلم درسًا من الحادثة السابقة، ويبدو أن علاقته بالجماهير قد تعافت، فأكثر الهتافات انتشارًا في مباريات الفريق هي "لدينا جوارديولا"، وعليه شكر المدرب الجماهير، على حضورهم بدوري أبطال أوروبا.

وقال في المؤتمر الصحفي قبل مباراة ريال مدريد:" تم بيع التذاكر بالكامل وسنحاول تقديم مباراة جيدة، أعلم أن المشجعين سيكونون قريبين منا، وهم يعرفون ما فعلناه، ولن يتركونا وحدنا، وسيكونون في اللحظات السيئة معنا".

فلم يواجه مانشستر سيتي أي مشاكل في بيع تذاكر مباراة الذهاب بربع النهائي ضد بايرن ميونخ، وقبل المباراة تحد الآلاف من المشجعين المطر لينتظروا في الخارج ويستقبلون حافلة الفريق، ومن المتوقع ظهور مشاهد مماثلة مساء الأربعاء".

كانت هناك نقطة بداية وحيدة هذا الموسم، عندما سأل جوارديولا المشجعين واللاعبين بعد فوزهم 4-2، على توتنهام في يناير، بعد شوط أول شيء تأخروا فيه بهدفين، وبدأت الجماهير بصيحات الاستهجان على اللاعبين.

فقال:" إنهم صامتون لمدة 45 دقيقة، وأطلقوا صافرات الاستهجان لأننا كنا نخسر، ربما نحن مرتاحون لفوزنا بأربعة ألقاب في خمس سنوات، لكن أريد أن يعود مشجعي ليس فقط من هم خارج الديار، لأنهم الأفضل، لكن جماهيري هنا في كل زاوية، ويدعمون كل عمل نقوم به، لأننا لا نستطيع توقع أي شيء، أريد رد فعل من كل النادي، اللاعبين والجهاز الفني والجميع ".

رد الفعل هو بالضبط ما حصل عليه جوارديولا، فرغم الخسارة أمام توتنهام بعد أسبوعين، إلا أن فريقه عاد حذرًا من جديد.

أوضح رودري موقف الفريق قبل مباراة الذهاب في نصف النهائي خارج أرضه أمام ريال مدريد، قائلًا:" يجب أن تكون لديك العقلية المناسبة لتشعر وكأنك فريق صغير، وتقاتل من أجل ذلك، لأنك إذا شعرت بشيء أكبر فسوف تشعر بالارتباك، لدينا لاعبون ذو جودة عالية يستحقون كل شيء".

قد لا يبدو مانشستر سيتي فريقًا صغيرًا، فبالدعم من أبو ظبي وملعبهم الكبير، وخزانة الكؤوس التي تتوسع باستمرار، ولكن في مواجهة الكراهية الشديدة من منافسيهم، فقد خلقوا عقلية المجموعة، "نحن ضد العالم".

والمشجعون جزء كبير من ذلك، فعاشوا مع الفريق لحظات صعبة كثيرة، ودعموه باستمرار، وصولًا إلى الدرجة الثانية، والعودة إلى الدوري الإنجليزي، ودوري أبطال أوروبا، إنهم يستمتعون الآن بوضعهم كأفضل فريق في إنجلترا، ويريدون الحصول على نفس المكانة في أوروبا.

فنجح مانشستر سيتي من صنع ملعب يخشاه الجميع، من حيث الحضور وتأثيرها على النتائج، وقد تم تحذير ريال مدريد.