فيديو | رقص بين 7 لاعبين.. نيكو ويليامز يعزف سيمفونية الندم لبرشلونة ويهدي درسًا صامتًا لإيزاك

ربما تلخص لقطة واحدة قصة المباراة بأكملها، تلك التي احتاج فيها فريق رايو فاييكانو لما يشبه "كتيبة دفاعية" وصلت لسبع لاعبين لإيقاف انطلاقة واحدة من نيكو ويليامز.

لم يكن هذا المشهد مبالغة، بل كان تجسيدًا حيًا للدور الذي لعبه الجناح الإسباني الشاب، والذي كان عصيًا على الإيقاف طوال اللقاء. 

فمنذ الدقيقة 19، أعلن ويليامز عن نواياه بهجمة مرتدة سريعة تجاوز فيها أربعة لاعبين دفعة واحدة، واضطر فيها فاييكانو للضغط بسبع لاعبين حتى يقطع الكرة، وفي الدقيقة 21، لم يجد مدافع رايو "أندري راتيو" حلًا لإيقاف انطلاقته سوى ارتكاب خطأ نال عليه بطاقة صفراء. 

استمر في إرهاق الدفاعات، وفي الدقيقة 27 أجبر الحارس على التصدي لتسديدته ببراعة، قبل أن يعود في الشوط الثاني ويصنع فرصة محققة لشقيقه إينياكي في الدقيقة 53 بتمريرة ساحرة كادت أن تفتتح التسجيل. 

كان نشاطه الدائم ومحاولاته المستمرة دليلاً قاطعًا على أنه كان مصدر الخطر الأبرز والأول لأتلتيك بيلباو.

في زمن أصبحت فيه ولاءات اللاعبين سلعة نادرة تتأرجح مع كل فترة انتقالات، يقدم نيكو ويليامز نموذجًا مختلفًا يجمع بين الاحترافية والوفاء. 

فبعد أسابيع من التكهنات التي ربطته بقوة بالانتقال إلى برشلونة، أغلق اللاعب الشاب الباب أمام كل الشائعات بتجديد عقده مع أتلتيك بيلباو، لكن الأهم أنه ترجم هذا الالتزام إلى أداء حاسم على أرض الملعب فورًا. 

ولم ينتظر ويليامز طويلاً ليثبت أن قراره لم يكن مجرد حبر على ورق، فمنذ الجولة الأولى أمام إشبيلية، كان هو رجل المباراة الأول بتسجيله هدفًا وصناعته لآخر في الفوز الثمين بنتيجة 3-2. 

هذا الموقف يتناقض بشكل صارخ مع حالات أخرى في الملاعب الأوروبية، وأبرزها قصة المهاجم السويدي ألكسندر إيزاك مع نيوكاسل يونايتد، الذي يغيب عن فريقه للمباراة الثانية على التوالي وسط اهتمام قوي من ليفربول نفسه الذي يلعب لقاء الجولة الثانية من الدوري الإنجليزي ضدهم على سانت جيمس بارك، مما يبرز في المقابل الصورة الذهنية الرائعة التي رسمها نيكو لنفسه أمام جماهير بيلباو.

بعيدًا عن الانطباعات البصرية، تؤكد لغة الأرقام أن نيكو ويليامز ليس مجرد لاعب مهاري، بل هو لاعب مؤثر بشكل مباشر وحاسم. 

في مواجهته الأخيرة ضد رايو فاييكانو، سدد 3 كرات منها اثنتان على المرمى، ونجح في 4 مراوغات، وصنع فرصة محققة للتسجيل. 

هذا الأداء المميز يأتي كاستمرارية لما قدمه في الجولة الافتتاحية المثالية ضد إشبيلية، والتي نال عنها تقييمات شبه مثالية في الصحف الإسبانية، بعد أن سجل هدفًا، صنع آخر، تسبب في ركلة جزاء، وسدد كرة في العارضة. 

والأكثر إبهارًا، أنه قام بـ 14 محاولة للمراوغة نجح في 8 منها، هذه الأرقام مجتمعة تؤكد أنه يعيش أفضل فتراته الفنية ويترجم التزامه تجاه ناديه إلى تأثير حقيقي على أرض الملعب.

مع كل انطلاقة ساحرة ولمسة حاسمة، يُرسل نيكو ويليامز رسالة صامتة لكنها مدوية إلى مكاتب نادي برشلونة، وربما تصل أصداؤها إلى ميونخ أيضًا. 

تردد برشلونة وعدم حسمه للصفقة يبدو الآن قرارًا مكلفًا للغاية، فكلما أرهق نيكو دفاعات الخصوم، زادت حسرة جماهير البارسا على نجم كانوا قاب قوسين أو أدنى من ضمه.

على الجانب الآخر، يقف بايرن ميونخ، الذي انسحب من السباق احترامًا لرغبة اللاعب في الانضمام لبرشلونة، وربما يعيد اليوم تقييم موقفه بعد أن فوت فرصة التعاقد مع موهبة فذة. 

وفي النهاية، تحول ويليامز من هدف محتمل لكلا الناديين إلى تذكير دائم بالفرصة الذهبية التي أُهدرت.

البداية المثالية لأتلتيك بيلباو بحصد ست نقاط كاملة من أول جولتين لم تكن وليدة الصدفة، بل هي الثمرة المباشرة لقرار استراتيجي حاسم. 

فالقتال من أجل الإبقاء على نيكو ويليامز، وتقديم تضحية مالية لتحسين عقده، كان بمثابة رهان كبير أثبت نجاحه. 

إن النقاط الست التي تزين رصيد النادي الباسكي هي أوضح برهان على أن التمسك بالمواهب الأساسية أحيانًا يكون أكثر ربحًا من أي صفقة بيع.

لقد أثبتت إدارة بيلباو أن استثمارها في ويليامز لم يكن مجرد حفاظ على أصل من أصول النادي، بل كان استثمارًا في طموح الفريق بأكمله قد يصل بهم إلى مستويات ومراكز جديدة في ترتيب الليجا هذا الموسم.

في عالم كرة القدم الحديث الذي تحكمه لغة المال والشائعات، يأتي أداء نيكو ويليامز كإجابة شافية وحاسمة. 

القصة هنا لم تعد تتعلق بفشل صفقة انتقال، بل أصبحت تدور حول لاعب اختار الوفاء لناديه وترجم هذا الاختيار إلى أداء قيادي يضع فريقه في مقدمة الترتيب. 

لم يعد السؤال هو "ماذا لو رحل؟"، بل أصبح "إلى أي مدى سيصل بيلباو معه؟"، تجديد عقده لم يكن مجرد صفقة رابحة لنادي أتلتيك بيلباو، بل كان بداية قصة نجاح يكتب فصولها نيكو بنفسه على العشب الأخضر.