GOAL ONLY Yamal flick gfxGoal AR

أسد على ألافيس وشبح بلندن | بين طيف ميسي وعقدة الكبار.. هل يكتفي لامين يامال بدور بطل الصغار؟!

في أمسية كروية استعادت فيها جماهير برشلونة بعضاً من ألوانها المفقودة، لم يكن الحديث في أروقة ملعب كامب نو مقتصراً فقط على النقاط الثلاث أو العودة من بعيد أمام ديبورتيفو ألافيس. 

كان هناك اسم واحد يتردد بصخب، واسم آخر يفرض نفسه في التحليلات الهادئة، لامين يامال، الجوهرة الشابة التي نثرت سحرها على العشب الأخضر، قدم عرضاً فردياً أعاد للأذهان ذكريات الزمن الجميل، لكن خلف هذا البريق الساحر، تختبئ أسئلة مشروعة وقلقة حول النضج، والفاعلية، والقدرة على الحسم حينما تشتد العواصف، وليس فقط حينما يكون الطقس معتدلاً أمام خصم في المتناول.

  • FBL-ESP-LIGA-BARCELONA-ALAVESAFP

    لحظة من زمن آخر: عندما اصطدم الخصوم بالسراب

    لعل اللقطة الأبرز التي ستبقى عالقة في الأذهان من هذه المباراة ليست هدفاً ولا تمريرة حاسمة، بل هي تلك اللحظة الفنية الخالصة التي حبست الأنفاس في الشوط الثاني. 

    حينما استلم لامين يامال الكرة على الرواق، لم يكن يواجه مدافعاً واحداً، بل تكتلاً يسعى لإيقافه، وبحركة جسد مخادعة، ومراوغة وتغيير اتجاه يوحي بأن الكرة جزء من قدمه، حدث ما لا نراه إلا نادراً؛ اندفع لاعبان من ديبورتيفو ألافيس نحو اتجاه الكرة ليصطدما ببعضهما البعض ويسقطا أرضاً في مشهد يجمع بين الكوميديا السوداء للمنافس، والعبقرية الفذة للمهاجم ويعيد بعض من طيف ميسي لنا.

    هذه اللقطة تحديداً لم تكن مجرد استعراض للمهارة، بل كانت استحضاراً حقيقياً لـطيف ليونيل ميسي، هي تلك النوعية من المراوغات التي تهين الخصم كروياً وتجرده من توازنه دون حتى لمسه.

    الأرقام تؤكد هذه الهيمنة الفردية، فاللاعب قام بـ 15 محاولة مراوغة، نجح في 9 منها، وفاز بـ 15 التحاماً ثنائياً، وهي إحصائيات مرعبة تشير إلى لاعب يمتلك ثقة لا حدود لها في قدراته الفردية، وقادر على تحويل الملعب إلى ساحة استعراض خاصة به.

  • إعلان
  • Raphinha(C)Getty Images

    لغز جائزة رجل المباراة: بين سحر يامال وفاعلية رافينيا

    رغم هذا الأداء المبهر، ورغم تسجيله هدفاً وصناعته لآخر إلا أن جائزة رجل المباراة ذهبت للبرازيلي رافينيا. 

    قد يبدو الأمر للوهلة الأولى ظالماً للموهبة الشابة، لكن نظرة متفحصة لمجريات اللقاء تكشف عن درس هام في النضج الكروي.

    رافينيا، الذي لعب ستين دقيقة فقط، كان هو الحل المباشر، لم يحتج للكثير من اللمسات ليقلب الطاولة؛ تمريراته كانت قاتلة، وتحركاته كانت تهدف لكسر الخطوط بأقصر الطرق نحو المرمى. 

    في المقابل، ورغم غزارة إنتاج يامال (93 لمسة للكرة و7 تسديدات)، شاب أداءه بعض الرعونة وعدم التركيز في اللمسة الأخيرة، حيث سدد في القائم بعد مجهود فردي خرافي، وأهدر فرصة أخرى كانت كفيلة بقتل المباراة مبكراً. 

    اختيار رافينيا كان انتصاراً للفاعلية الجماعية وسرعة الحسم على حساب المتعة البصرية والإحصائيات الفردية الضخمة، وهو درس يجب أن يستوعبه يامال جيداً: في كرة القدم، العبرة بالخواتيم وبمن يغير النتيجة بأقل مجهود ممكن.

  • Chelsea FC v FC Barcelona - UEFA Champions League 2025/26 League Phase MD5Getty Images Sport

    الوجه الآخر للحقيقة: أين يختفي هذا السحر أمام الكبار؟

    هنا نصل إلى النقطة الأكثر أهمية وجدلاً في مسيرة لامين يامال الحالية، بالأخص في الموسم الجاري الذي لا يخفى على أحد أنه متراجع فيه بشكل واضح.

    من السهل جداً الانجراف خلف نشوة الفوز على ألافيس والتغني بالمراوغات والأهداف، لكن الذاكرة القريبة لا ترحم، فقبل أيام قليلة، وعلى ملعب ستامفورد بريدج أمام تشيلسي، كان يامال الحاضر الغائب، واختفى السحر، وتلاشت المراوغات أمام القوة البدنية والتنظيم التكتيكي الصارم للفريق الإنجليزي.

    هذه الظاهرة، التي يمكن تسميتها بتألق المباريات الصغيرة، باتت مقلقة، فيامال يصول ويجول أمام إلتشي، مايوركا، وألافيس، حيث المساحات أرحب والضغط أقل حدة، لكن حينما يرتفع النسق، ويواجه أظهرة من الطراز العالمي في دوري أبطال أوروبا أو في كلاسيكو الأرض، تتراجع هذه الأرقام المخيفة بشكل ملحوظ، الـ 15 مراوغة التي صفق لها الجمهور اليوم، لم نرَ عشرها في لندن.

    إن القيمة الحقيقية لأي نجم يطمح لحمل قميص برشلونة وقيادته، لا تقاس بما يفعله أمام فرق وسط الجدول في الدوري المحلي، بل بما يقدمه في الليالي الحالكة أمام عمالقة أوروبا. 

    ما لم ينجح يامال في نقل هذه الشخصية الطاغية وهذه الجرأة في المراوغة إلى مباريات النخبة مرة أخرى كما فعل الموسم الماضي، فإن كل ما يفعله سيظل يندرج تحت بند الاستعراض غير المجدي الذي يمتع العين لكنه لا يجلب البطولات الكبرى.

  • YamalGetty Images

    بيت القصيد: الموهبة وحدها لا تكفي لصناعة أسطورة

    خلاصة القول في تقرير الليلة، أن لامين يامال هو بالتأكيد وللمرة المليون أكثر اللاعبين موهبة في العالم حالياً، ومساهمته بهدف وتمريرة حاسمة في الكامب نو هي خطوة ممتازة لرفع معنوياته، ولقطة تصادم المدافعين ستظل حديث وسائل التواصل لفترة طويلة، وستبقى دليلاً على جودته الفطرية.

    ولكن، على الجهاز الفني والجماهير، وحتى اللاعب نفسه، ألا يقعوا في فخ خداع البصر، هذا التألق يجب أن يكون المعيار الثابت والدائم، وليس الاستثناء الذي يظهر أمام الخصوم الأقل قوة. 

    التحدي الحقيقي أمام يامال ليس في مراوغة مدافعي ألافيس، بل في فرض هذا الإيقاع وهذا الرعب في قلوب مدافعي بايرن ميونخ وريال مدريد ومانشستر سيتي. 

    برشلونة يحتاج إلى بطل للمواعيد الكبرى، وليس فقط ساحراً للمناسبات المحلية، والطريق لا يزال طويلاً أمام الشاب الإسباني ليثبت أن ما يفعله هو قاعدة راسخة، وليس مجرد ومضات تظهر وتختفي حسب قوة الخصم وحسب حالته المزاجية وكيف يسير موسمه!